د.مسعود ناجي إدريس ||
يوصى في القرآن الكريم بمبدأ الزواج وبعد ذلك يؤخذ في الاعتبار التربية الأسرية. هناك في القرآن ٢٢٠٠ آية عن الأنبياء يقول الله تعالى في وصفهم:«أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ» [الأنعام، ٩٠] .
نزلت هذه الآيات في وصف حوالي 25 نبياً وتم ذكر أسماؤهم في القرآن الكريم. يصف القرآن قضايا الأسرة لبعض الأنبياء ، والتي يمكن تقديمها كنموذج مثالي للعائلة المهدوية ، ويمكن تعلم العديد من الدروس من هذه العائلات القرآنية. تبدأ الأسرة البشرية الأولى بآدم وحواء وتنتهي بالأسرة المحمدية ، وثمرتها الأسرة الفاطمية والعلوية الموصوفة في سورة الإنسان. لدينا 12 نموذجًا للعائلة النبوية ، كل منها تثقف العائلة المهدوية بطريقة ما.
۱- عائلة آدم وحواء: عائلة النبي آدم (ع) وحواء (ع) هم أول أسرة بشرية يتسم سلوكها التربوي بالتوبة والتسامح ، ومكان التوبة في هذه الأسرة ملموس تمامًا. يجب على العائلة المهدوية أيضًا أن تتوب باستمرار وتطلب المغفرة عن كل أخطائها وذنوبها ، وأن تنأى بنفسها عن كل المواقف والطرق والأصول الخاطئة التي تبعد الإنسان عن الله ، ويجب على جميع أفراد الأسرة التحرك بنهج الاستغفار.
۲- العائلة اليعقوبية: عندما أخطأ أبناء يعقوب، خلق فيهم هذا النبي ثورة كبيرة لتصحيح مسار حياتهم، ورسخ روح الانتظار في الأسرة حتى وصلوا إلى يوسف ، وهذا ما يجب مراعاته بجدية في العائلة المهدوية.
۳- العائلة اليوسفية: أجمل قصة في الحياة الأسرية لكل منا يمكن أن تكون مثل قصة النبي يوسف (ع) ، على الرغم من أفخاخ الشيطان الواسعة ، يجب ان يكون لدينا فن الهروب من الخطيئة والمعصية ونتسم بالتربية العفيفة.
٤- عائلة شعيب: قام النبي شعيب (ع) بتربية بناته بغيرة وحياء. إذا كان وجود المرأة في المجتمع ضروريًا ، فيجب أن يكون هذا الحضور مصحوبًا بالحياء والعفة ؛ لسوء الحظ ، فإن الحياء والعفة لا يتم مناقشتها كثيرًا في المجتمع اليوم ، وهذا هو العامل الأكثر أهمية الذي يجذب العائلات إلى الشيطان. في العائلة المهدوية ، يجب تطوير روابط الحياء الموجودة عند النبي شعيب .
٥- العائلة الموسوية: بالتربية الحليمة وسعة الصدر مثل النبي موسى (ع) يمكن تحقيق نهاية جيدة. تعود جذور العديد من الانحرافات العائلية إلى ضيق الأفق. يجب أن نتحلى بالحلم والصبر في بيئة الأسرة.
٦- الأسرة الأيوبية: النبي أيوب (عليه السلام) وزوجته رمز لعائلة عانت من سلسلة من النكبات والمصائب غير العادية. يستمر مرض النبي أيوب لمدة 9 سنوات. لكن زوجته صابرة وثابتة وتبقى واقفة مع هذا الرجل عندما يتركه الجميع لكن هي لم تتركه بمفرده، تظل ثابتة ومخلصة حتى تشمل هذه العائلة الفضل و اللطف الإلهي. تعتبر عائلة ايوب نموذجًا يحتذى به للأسر التي تعاني من المرض والمصائب ؛ يجب على الإنسان أن يصبر باستمرار ويشكر الله في جميع الظروف.
۷- العائلة داوودية: من خلال التربية القائمة على الصلاة والاستيقاظ في الفجر مثل النبي داوود (ع) ، نصل إلى نموذج آخر من العائلة المهدوية. إذا أردنا الوصول إلى مناصب عليا في الدنيا والآخرة ، يجب أن نكون مصلين ونستيقظ فجرا ، ويجب أن نؤسس ونرسخ ذلك بين كل فرد من أفراد الأسرة حتى تتم استجابة دعواتنا.
۸- العائلة السليمانية: كان لدى النبي سليمان (ع) الكثير من القوة والثروة، لكنه لم يكن غافلًا عن شكر الله وكان مُمْتَنًّا للغاية. ينبغي أن نعلم أن وصولنا إلى كل درجة ومكانة في الدنيا، يكون بفضل الله تعالى. لذلك في جميع الحالات يجب أن نكون ممتنين ونعلم أنه ليس هناك أي شيء من أنفسنا. تعليم الشكر والامتنان عامل مهم في العائلة المهدوية.
۹- عائلة زكريا: زكريا (عليه السلام) وزوجته رمز للعائلات التي ليس لديها أطفال، وكان إنجاب الأطفال رغبتهم وأمنيتهم من الله. يقول الله تعالى أنه نظرًا لوجود ثلاث خصائص أخلاقية في هذه العائلة، فقد شملتهم العناية الإلهية بيحيى عليه السلام. يحيى (ع) طفل فريد من نوعه يشبه الإمام الحسين (ع). في تلك العائلة، هناك خاصية التربية على السرعة (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)، التربية على الخضوع والخشوع (وَيَدْعُونَنَا رَغَّبَا وَرَهِبَا ) والتربية القائمة على الدعاء؛ على الرغم من أنهم كانوا كبارًا على إنجاب الأطفال، إلا أنهم لم ييأسوا من لطف وفضل الله واستمروا بالدعاء والطلب من الله. يجب أن تؤسس العائلة المهدوية أفرادها على أن يُسَارِعُوا فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُون الله رَغَّبَا وَرَهِبَا.
۱۰- العائلة الإبراهيمية: هاجر النبي إبراهيم (ع) مع زوجته هاجر. وكان الشعار الرئيسي للنبي إبراهيم عليه السلام (أني مهاجر إلى ربي). وبالطبع تبلغ هذه الهجرة ذروتها في الأسرة الإبراهيمية، وفي سبيل الله يهاجرون إلى الصحراء دون طعام وماء، ويعانون الكثير من المصاعب.
في العائلة المهدوية، الرمز الرئيسي هو الهجرة من المعصية. في الأسرة المهدوية، وهي الأسرة القرآنية أو الأسرة المحمدية، يجب أن يكون شعار كل فرد من أفراد أسرته هو الهجرة من المعصية، والتي هي أعلى بكثير من ترك المعصية. الهجرة تعني أن كل يوم يمر من حياة هذه العائلة، يزداد بعد قلبهم وجوارحهم وأعضائهم وروحهم عن المعصية التي تقع تحت ولاية الشيطان. مشكلتنا العامة هي أننا سافرنا، لكننا لم نهاجر. يقوم الراكب بجولات ويعود إلى الأصل. أي أنه يعود إلى مائدة الخطيئة والمعصية. لكن المهاجر يغادر مكانه الأصلي ليبقى في الوجهة ولا يعود أبدًا. التطبيق العملي الرئيسي للمعصية هو الهجرة من الذنوب.
سُئل آية الله بهجت عما إذا كان يأذن باتباع المسائل العرفانية للآخرين. قال: لقد عمل العرفانيين والأولياء بجد من أجل الإسلام ولكل منهم طريقته الخاصة، لكن طريقتي العرفانية هي أن أترك الخطيئة واهجر المعصية. يجب أن تصل هذه الهجرة من الذنوب إلى نقطة تهاجر فيها جميع الأعضاء (أعضاء الجسم الخارجية) و (أعضاء الجسم الداخلية) من المعصية، وهذا الأمر له أهمية كبيرة.
يجب أن تصل العائلة المهدوية إلى نقطة لا يطرأ فيها أي ذنب على أذهانهم، ناهيك عن ما يفعلونه.
هناك نقطة مضيئة أخرى في الحياة الإبراهيمية. يجب أن تكون تربية العائلة المهدوية هدامة ومعادية للشيطان. إذا كان هذا هو الحال، فسيكون لديهم أطفال مثل الإسماعيليين على استعداد للوقوف والتضحية برأسهم من أجل الدين وفي سبيل الله بدون سؤال.
۱۱- العائلة المحمدية: الرسول الكريم (ص) والسيدة خديجة (عليها السلام) على رأس هذه العائلات التي كانت صبورة للغاية وصامدة وَمُسْتَقِرة. مع التربية على المحبة، أنشأ النبي عائلة رحيمة. يجب أن نربي أبنائنا في هذا الأفق حتى نصل إلى مقام الإمام المتقين. إذا أصبحت عائلتنا محمدية، فمن المؤكد أن الله يحب هذه العائلة، وهذا ليس بالشيء الصغير.
۱۲- العائلة العلوية والفاطمية: ثمر العائلة المحمدية، الأسرة الأعلى والأكثر رُقِيًّا والأكثر شمولاً والأكثر اكتمالاً التي تضم جميع خصائص العائلات الرحمانية الأخرى، هي العائلة العلوية والفاطمية. قال النبي الكريم (ص): اقتدوا بالزهرة. يأخذ هذا النظام بعين الاعتبار كلا من أبعاد العرفان الفردي والجانب العائلي. النموذج الأكثر شمولية للعائلة المهدوية هم أبناء هذه العائلة. الإمام الحسن ، الإمام الحسين ، الزينبين (ع). في هذه العائلة تنكشف لنا طريقة تربية الأولاد والبنات. إن سلوك الأسرة المهدوية هو نفس سلوك الأسرة القرآنية، التي تظهر نفس خصائص الأسرة القرآنية وأنماطها في جمال ومجد الأسرة العلوية. يمكن أن تكون العائلة التي تتحلى بهذه الصفة من أنصار الإمام المهدي (عليه السلام)، وهم سيلعبون دورًا مهما بين قادة المستقبل في العالم....
ــــ
https://telegram.me/buratha
