مازن البعيجي ||
"بسم الله الرحمن الرحيم "
( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران ١٨٥ .
أياً كان من أراد أن يكذِّبً آيات الله تعالى ، سياسيّ كان أو مدني ، مركزٍ عسكري ، أو مقام ديني ،أو زعيم حزب أو رئيس كتلة، أوحتى مرجع ومَن يرتبط به من حاشية نَسَبيةٍ او غير ذلك! ومَن يملكُ المال والعقار والجاه والمواقع المتقدمة .. فهل من شجاع واثق من نفسه يملك صلاحية تكذيب قول الباري "عزوجل " الوارد في هذه الآية الكريمة وماسَترِدُ من آيات أخرى ، وأن يقول عكس ماوردَ أن هناك من هم مخلّدون؟!
الجواب ؛ قطعًا لا أحد ، بدليل قوله تعالى: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ) مريم ٧١ .
وسوف نَرِدُ كلّنا بدقائق أعمالنا وما فعلنا من سوء وخير (إن وُفّقنا لفعل ذلك الخير)!!!
-والحاكم القاضي هو الخالق الجبار، وهو المطّلع والمنتقم ، فلايرتّب أثرا لأحدٍ على قضائه قط وهو العادل، ولن يكون في مجال التأثير على أحد منّا قط! وهو الذي وضع لنا كل علامات السلامة، وهيَّأ وأوضحَ إشارات الإستقامة ، التي من شأنها تؤمّن سُبلَ الوصول إليه بلاإجبار ، وعليه: فلاحجّة لنا يوم الورود.
ورغم ذلك: أبى ويأبى الكثير منا الأستفادة من هذه المساحات النورانية واستثمارها في تأسيس حياة موسومة بالطهر والفضيلة ، وهي سرعان ما تنقضي ونُرَدّ الى عالَمٍ تخشى منه حتى الأنبياء والمرسلين والاولياء!
( إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان ٣٤)
وبالتالي : فلا حزبٌ ينفع ، ولا خطابة خطيب، ولا زعامة حزب،ولارئاسة دولة ، ولاوجاهة وجيه ولامقال كاتب ، او خيال قاص أو غيرها .سيما اصحاب رؤوس المال . فمهما بلغ ذلك الحال والمال وعدد المثمنات من قدرات ومهارات!!! لاينفع (إلّا مَن أتى اللهَ بقلبٍ سَلِيم)
فيالها من غفلة لاتعتري غير ذوي النفوس والأرواح الغارقة في حب الدنيا، أمّا مَن يدّعي التقوى والزهد ..،فحريٌّ به الوعي واليقظة وعدم الغفلة !
ولاسلطان لها إلا على ضعفاء الإيمان ، مهزوزي الاعتقاد، أوْ مَنْ أوْهَمَ نفسه بأن الكون والمحيط متوقف على إبداع عقله الذي لم يكن من خلال الأثر إلا مصداقًا للآية المباركة ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) الكهف ١٠٤ .
-إنه ذلك السعي الحثيث الخارج عن حدود الشرع والمنطق والعقل ، من خلال اللعب بأصول القواعد واضحةَ الخطأ والتي تفوح منها روائح الجهل والغرور وطول الأمل في دنيا كلُّ مافيها متاع زائل، غير أنًّ من جعل دنياه معبرَ صدقٍ وطهارة وخدمة للحق لتثبيت معاني الخلافة في الارض كما أراد الله تعالى للحياة ان تكون مزرعة الآخرة فذلك أزكى له وأطهر ..وماعدا ذلك فالموت حق وشرفُ الصالحين
( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجمعة ٨ .
وطوبى لمن استثمر عمره خليفة في خدمة عباد الله والمستضعفين في الارض ،
ولن تخطأ تلك الحاسبة السماوية في إحصاء مالنا من أعمال خير ونفع ، وماعلينا من سوء الاعمال وشرّها ، سيما مايتعلق بالجرائم والإِضرار بحقوق الناس وممتلكاتهم..ومَن تضرَّر بسبب قرار هنا ، أو حكمٍ هناك ، او سياسة مغلوطة ظالمة، مما قد تؤدي الى إزهاق أراوح بريئة نتيجة تسلط او اعتلاء منصب ،أو منْحِ سلطة ما دون حساب او مؤهلات .
فإذا كانت كل تلك الصلاحيات الممنوحة تؤدي الى الظلم ولو على نحو الاشتباه ، او تتسبَّب بقتل مؤمن وضياع حقه وعياله وإثكال ذويه ومحبيه!
ففي هذه الحال ، لاأقلَّ من أن يوصَفَ هذا الفاعل بالمجرم القاتل من أية فئة كان - كما أسلفنا- ولايَعدو إجرامه كونه دفاعا من أجل الحفاظ على مصالح ومنافع شخصية ، أو إحراز أكبر قَدَرٍ من متاع الدنيا وليس للدين والأخلاق أدنى مؤشّر في شخصيته رغم حرصهِ على لباس التقوى ، والتقوى منه براء ، فأنّى ذلك!! والقذف والتشويه والظلم أقرب الى منطقه ولباسه فضلا عن فعله!! ( ألَا سَآءَ مَايَحكُمون )
وماذا عساه يكون يوم القيامة!؟
والكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة إلا احصاها..وخير شاهدٍ وحجة بالغة كلام الله عزوجل وهو يقول :
(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) الكهف (49)
( فًاعتَبِرُوا يَاأولي الألباب لعلّكم ) .
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha