✍🏻رجاء اليمني ||
إلامام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ابن عمّ النبي -عليه الصلاة والسلام.ولادة الإمام علي بن أبي طالب وروي عن الفاكهي أنّ علياً كان أول من وُلد في جوف الكعبة
وهو أصل واحدة ودم واحد وشجرة واحدة فهو
غيض من فيض مما وصف و قيل في الامام علي (ع)
ولدته في حرم الإله
بيضاء طاهرة الثياب كريمة* طابت وطاب وليدها والمولد
في ليلة غابت نحوس نجومها* وبدت مع القمر المنير الأسعد
ما لف في خرق القوافل مثله* إلا ابن آمنة النبي محمد
لم تعرف الدنيا رجلاً جمع الفضائل ومكارم الأخلاق - بعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم - كالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فقد سبق الأولين، وأعجز الآخرين، ففضائله أكثر من أن تحصى، ومناقبه أبعد من أن تتناهى، ولقد كانت أخلاقه قبساً من نور خلق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي تربى في حجره وعاش على مائدة مكارم أخلاقه، حتى شب عن الطوق، واكتملت رجولته، حيث كان يتولاه بالمواعظ والآداب العظيمة، فتنامت أخلاقه شموخاً، وسجاياه علواً ورفعةً، وظلت فضائله وأخلاقه ومكارمه حية متألقة في روحه حتى فارق الدنيا.
فهو ابن عم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأول من لبَّى دعوته واعتنق دينه، وصلّى معه، وهو أفضل هذه الأمة
مناقب - بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وأجمعها سوابق، وأعلمها بالكتاب والسنة، وأكثرها إخلاصاً لله تعالى وعبادة له، وجهاداً في سبيل دينه، فلولا سيفه لما قام الدين، ولا أنهدت صولة الكافرين.
والحديث عن علي بن أبي طالب عليه السلام طويل، لا تسعه المجلدات، ولا تحصيه الأرقام ولكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، وحسبنا أن نشير هنا إلى بعض خصائصه وأخلاقه، لكي تكون مناراً ينير لنا درب القرب إلى الله تعالى والمعراج إليه، ونحيا حياة علي بن أبي طالب عليه السلام ونموت مماته.
إنَّ خير ما نبدأ به حديثنا عن أمير المؤمنين عليه السلام هو قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في وصفه له، حيث قال: «من أراد أن ينظر إلى آدم في جلالته وإلى شيث في حكمته وإلى إدريس في نباهته ومهابته وإلى نوح في شكره لربه وعبادته وإلى إبراهيم في وفائه وخلته وإلى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته وإلى عيسى في حب كل مؤمن ومعاشرته فلينظر إلى علي بن أبي طالب».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أراد أن ينظر إلى يوسف في جماله وإلى إبراهيم في سخائه وإلى سليمان في بهجته وإلى داود في حكمته فلينظر إلى علي بن أبي طالب».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام:«... لَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاً لَا تَمُرُّ بِمَلأٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ...».
مما قيل عن الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ؟
قال جبران خليل جبران : إن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كلام الله الناطق ، وقلب الله الواعي ، نسبته إلى من عداه من الأصحاب شبه المعقول إلى المحسوس ، وذاته من شدة الإقتراب ممسوس في ذات الله
قال الفخر الرازي : ومن اتخذ علياً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه .
وقال أيضاً : أما إن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كان يجهر بالتسمية ، فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله ( عليه السلام ) : اللهم أدر الحق مع علي حيث دار
قال خليل بن أحمد الفراهيدي صاحب علم العروض : إحتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل دليل على أنه إمام الكل
قال الدكتور مهدي محبوبة : أحاط علي بالمعرفة دون أن تحيط به ، وأدركها دون أن تدركه .
قال ميخائيل نعيمة : ( وأما فضائله ( عليه السلام ) فإنها قد بلغت من العظم والجلال والإنتشار والإشتهار مبلغاً يسمج معه التعرض لذكرها ، والتصدي لتفصيلها ، فصارت كما قال أبو العيناء لعبيد الله بن يحيى بن خاقان ، وزير المتوكل والمعتمد : (رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر ، الذي لا يخفى على الناظر ، فأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز ، مقصر عن الغاية ، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك.
عن هارون الحضرمي قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ).
قال محمد بن إسحقاق الواقدي : أن علياً كان من معجزات النبي ( صلى الله عليه وآله ) كالعصا لموسى ( عليه السلام ) ، وإحياء الموتى لعيسى ( عليه السلام ).
- عن بعض الفضلاء وقد سئل عن فضائله ( عليه السلام ) فقال : ما أقول في شخص أخفى أعداؤه فضائله حسداً ، وأخفى أولياؤه فضائله خوفاً وحذراً ، وظهر فيما بين هذين ما طبقت الشرق والغرب
الصفة البارزة التي تميّز بها الإمام عليه السلام أنّه كان من أعظم المسلمين إيماناً بالله تعالى، ومن أكثرهم معرفة به، وهو القائل: «لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا... ». وقد ورد في مناجاته لله تعالى قوله عليه السلام: «إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك، ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك».
كان الإمام عليه السلام من أعظم المنيبين لله تعالى، ومن أكثرهم خوفاً منه، وقد حدّث أبو الدرداء عن شدّة إنابته لله تعالى قال: شاهدت علي بن أبي طالب بسويحات بني النجار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه وقد استتر ببعيلات النخل فافتقدته وبَعُدَ عليّ مكانه فقلت: لَحِق بمنزله، فإذا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: «إلهي كم من موبقة حلمتَ عن مقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمتَ عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا راج غير رضوانك»، فشغلني الصوت واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب بعينه، فاستترت لأسمع كلامه وأخملت الحركة فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فرغ إلى الدعاء والتضرع والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله عز وجل أن قال: «اللهم إني أفكر في عفوك فتهون عليَّ خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليتي، ثم قال: آه إن قرأتُ في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه، فياله من مأخوذ لا تُنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء، ثم قال: آه من نار تُنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزّاعة للشوى، آه من غمرة في ملهبات لظى»، ثم أمعن (أي زاد) في البكاء فلم أسمع له حساً ولا حركةً، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر، قال أبو الدرداء: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحرّكته فلم يتحرك وزوّيته فلم ينزوِ، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب، فأتيت منزله مبادراً أنعاه إليهم، فقالت فاطمة: «يا أبا الدرداء ما كان من شأنه وقصته؟» فأخبرتها الخبر، فقالت: «هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى»، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ونظر إليّ وأنا أبكي فقال: «ما بكاؤك يا أبا الدرداء؟»
فقلت: مما أراه تنزله بنفسك.
فقال: «يا أبا الدرداء! فكيف لو رأيتني وقد دُعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ شداد وزبانية فظاظ، وأوقفت بين يدي الجبار، وقد أسلمني الأحبّاء ورحمني أهل الدنيا لكنتَ أشدّ رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه خافية»، قال أبو الدرداء: فو الله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
روى المؤرّخون صوراً مذهلة عن عبادة الإمام علي لله تعالى، فقد رووا أنّه حينما كان في أشدّ الأهوال وأعنفها في صفّين كان يقيم الصلاة في وسط المعركة وسهام الأعداء تأخذه يميناً وشمالاً، وهو غير حافل بها لأن مشاعره وعواطفه قد تعلّقت بالله تعالى.
قال الامام محمد الباقر عليه السلام: «دخلت على أبي عليّ بن الحسين فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، قد اصفرّ لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من الصلاة، قال أبو جعفر: فلم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحالة وهو يبكي فبكيت رحمة له، فالتفت إليّ فقال: أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب فأعطيته فقرأ فيها شيئاً يسيراً، ثمّ تركها من يده تضجّراً، وقال: من يقوى على عبادة عليّ بن أبي طالب».
وظاهرة أخرى من نزعات الإمام عليه السلام وذاتياته العصمة من كلّ إثم ورجس، فلم يقترف - بإجماع المؤرّخين- أي ذنب أو خطيئة، ولم يشذّ عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هديه وسلوكه، قال عليه السلام :«والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جِلب شعيرة ما فعلت».
خطب الامام علي ، وقال عليه السلام : «والله لأن أبيت على حسك السّعدان (الحسك: الشوك، السعدان: نبت له شوك ترعاه الإبل) مسهّداً، أو أُجرّ في الأغلال مصفّداً، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام».
لقد آثر أمير المؤمنين عليه السلام الآخرين بالطيبات واللذائذ فتنكر لذاته وقدّم غيره على نفسه، وقد وصف الإمام الباقر عليه السلام هذه الخصلة عند أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: «كان علي بن أبي طالب عليه السلام ليطعم الناس خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير، والزيت والخل .
وللحديث بقيه
والعاقبة للمتقين
https://telegram.me/buratha