مازن البعيجي ||
انّ المنظومة الطاهرة ذات العصمة، والتي تشكّلت من الأئمة الهداة "عليهم السلام" كانت كفيلة لسدّ ثغرات البشرية والمجتمعات من الناحية المادية والمعنوية على الإطلاق، فلم يبقَ شيء من حاجة الإنسان لإسعاده على هذه البسيطة إلا وكان له قانون سماوي قد خطّته يد المعصوم ضمن منظومة من التعاليم والآداب والضوابط التي تضمن للانسان الحياة المستقرة وكلّ له دورٌ موكَلُ اليه وفق المرحلة التي يعيشها وما يحيط بها من ظروف وملابسات وحاجة على جميع الصعد، إذ ان ذلك الدور والتكليف لايتعدى الهدف المشترك بين جميع المعصومين باعتبارهم الاوصياء بعد النبيّ المصطفى "صلى الله عليه وآله" فالهدف واحد بتعدّد ادوار، وكلّ له حياة زاخرة بالعطاء والتضحيات والهداية مايضفي على واقع العصمة ثوب القناعة والانطباق من الهدف والغاية دون زيادة أو نقصان .
ومرحلة الدعاء، ذلك السلاح الروحي الذي تميّز به الدور السجّاديّ لمولانا الإمام زين العابدين "عليه السلام" بعد ان قُدِّر له أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد استشهاد أبيه الحسين "عليه السلام" وكانت تلك المرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الأمة وقتئذ، وكان لابد من العمل على الصعيد العلمي ولابد من حركة تؤصّل البعد الإسلامي الروحي في الشخصية الإسلامية بعد أعقبت موجة من الحماس العسكري والعقائدي التي ارهقت الأمة تبعتها موجة رخاء وانصراف في قاع الدنيا ، فما كان من الإمام علي بن الحسين "عليه السلام" إلا ان يستقطب الجمهور الأعظم باتجاه تهذيب الروح وبناء الذات لمواجهة هذا الخطر الذي ساد المجتمع، فبدأ بعلاجه متّخذِ الدعاء اساسا لهذا العلاج، حسب اقتضاء الظروف في سياحة على قارب الأمل الذي يسبق عملية الاستئصال من الامراض الروحية المهلكة والمميتة التي تعمّ الجوانح، فكان كمن يمنح الأمل بدل اليأس والتوكل بدل القنوط ، فرمّم النفوس المنكسرة والمحبَطة بما أوتي من بلاغة فريدة وقدرة فائقة بذهنية ربانية تتفتّق عن اروع المعاني في تصوير صلة الانسان بربّه، فقد استطاع الإمام "عليه السلام"من خلال هذه المواهب ان ينشر جوّا روحيا في المجتمع يُسهِم في تثبيت الانسان عندما تعصف به المغريات وتجرّه الارض إليها لتجعله صريع زينتها وشهواتها، فقد جاءت تلك الثروة المسمّاة ب(زبور آل محمد) الصحيفة السجادية التي تعبّر عن عمل عظيم اقتضتها ضرورة المرحلة لتفرض على الإمام ذلك بمقتضى معرفته وهو حجة الله والامام المفترض الطاعة، فأثمرت بلسمًا! إضافة الى كونها تراثا ربانيّا يظلّ على مرّ الدهور مصدر عطاء ومشعل هدايةومدرسة للأخلاق والتهذيب مما يثبّت للانسانية جمعاء عدم الاستغناء عنها.
كما قال السيد الشهيد محمد باقر الصدر "قدس سره"
( تبقى الإنسانية بحاجة ماسة الى التراث المحمدي العلوي وتزداد حاجة كلما ازداد الشيطان إغراءا للإنسان والدنيا فتنة وإغواء)
ومن هذا المنطلق، كان ومازال الدعاء سفينة فضاء تجوب بالارواح عبر كلمات هنّ دواء للعلل والنوائب، وجبرائيل الآيات التي تمنح القوة والشجاعة والقناعة واستصغار الدنيا، واستحقار الطغاة وجبروت المستكبرين وأراذل الناس.
فسلام عليك ايها الإمام الساجد، والسيد العابد وانت تمنح البشرية والباحثين عن الله تعالى طرق الوصول والوصال من خلال إرث النبوة والإمامة...
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha