فهد الجبوري ||
في الخامس عشر من شعبان المعظم ، تشرفت السماوات والأرض ومن فيهن بميلاد مهدي هذه الأمة ومنقذ البشرية من الضلال والكفر والفساد والظلم ، الذي سيملأ الله به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا .
وقال الله تعالى في كتابه الكريم " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا " .
إن هذه الآية الكريمة هي واحدة من عشرات الآيات التي توؤل في الإمام المهدي عليه السلام ، وتتحدث عن سيرته الشريفة وبعض الحوادث المرافقة لظهوره ، بالإضافة الى أن كتب السيرة والحديث وتراجم الأئمة عليهم السلام فيها الكثير من الآيات الموؤلة في مهدي هذه الأمة .
وقد جاء في تفسير العياشي : إن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قرأ آية " ليستخلفنهم في الأرض " قال " هم والله محبينا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يد رجل منا وهو مهدي هذه الأمة ".
إن من يتصفح كتب التاريخ والسير ، يجد أن قضية الإمام المهدي عليه السلام قضية مسلم بها ، ومن ينكرها فإنما ينكر ضرورة من ضرورات الدين ، وقد حاول الكثير من الدارسين لكتب التأريخ ادماغ هذه القضية بطابع مذهبي ، وتأطيرها بإطار طائفي نتيجة لأسباب سياسية وتأريخية معروفة، وقد لعب الحكام المنحرفون على مدى التأريخ الإسلامي دورا كبيرا في تعميق هذه الفكرة الخاطئة ، محاولين بذلك إعطاء قضية الإمام المهدي صبغة طائفية بحتة ليستلوا منها طابعها الإسلامي والرسالي والإنساني .
وقد وقف علماء الإسلام المخلصون من الشيعة والسنة بوجه هذه الأفكار الضالة المنحرفة ليثبتوا من خلال الأحاديث المتواترة عن الرسول والأئمة الأطهار والصحابة الأخيار أن قضية المهدي عليه السلام هي قضية إنسانية عامة لا يرقى اليها الشك ، وهذا هو المرحوم أبو الأعلى المودودي في كتابه " البيانات " يقول " لايمكن أن ندخل الشك أو نثبت بطلان حقيقة مشتركة وهي أن النبي يدعو الى زعيم يملأ الأرض عدلا ، ويمسح عن وجهها الظلم والعدوان ويعلي كلمة الإسلام " .
وعندما نمعن النظر في الأحاديث الواردة عن الرسول الكريم " ص" بخصوص الإمام المهدي خصوصا هذا الحديث المتواتر والمعروف " لو لم يبق من الدنيا الا يوم ، لطول الله ذلك اليوم حتى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " ، نستنتج أن قضية المهدي ليست تجسيدا لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فقط ، بل هي عنوان لطموحات اتجهت اليها البشرية على إختلاف عقائدها وأديانها ، أي أنها لا تخص الإسلاميين فقط ، بل هي إطار يشمل طموحات كل الأديان والناس على اختلاف عقائدهم ، وهي كذلك إلهام فطري أدرك الإنسان من خلاله أن هناك يوم موعود تنتظر فيه البشرية عدلها ورفع الظلم عنها .
إننا وفي ظل هذه المناسبة السعيدة ، نبتهل الى الله تعالى أن يجعلنا من المنتظرين لظهور الإمام الحجة المنتظر ، وأن يوفقنا للثبات على طريق الجهاد المقدس ضد المستكبرين والطغاة والفاسدين وحكام الجور ، وأن يحفظ شعبنا العراقي ، وحشدنا الشعبي المبارك ، وقواتنا المسلحة ، وأن يوفق محور المقاومة في مواجهة مخططات الأعداء التي ترمي الى تمزيق شمل الأمة الإسلامية ، وإشغال المسلمين في صراعات جانبية ، خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة .
" اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين "
https://telegram.me/buratha