محمد صادق الهاشمي||
تعیش الأمّة الإسلاميّة اليوم ذكرى شهادة الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (ع)، وبهذه المناسبة الأليمة نذكر له حديثاً نستلهم منه درساً، ففی کتاب « أمالي الصدوق، المجلس الرابع ، الحديث الخامس»، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال الصادق (ع): « ارج الله رجاء لا يجرّؤك على معاصيه, وخف الله خوفا لا یيؤيسك من رحمته».
وتوضیحه: أنّ الرجاء بالله وبعظيم رحمته أمرٌ قد حثّت عليه الشريعة المقدّسة ، فهو تعالى شأنه أهلٌ لهذا الرجاء؛ لأنّ كتب على نفسه الرحمة ، فقال:{... فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام : 54]، ورحمته قد وسعت كلّ شيء، ولكنّ لا ينبغي للعبد أنْ يتّكل على هذا الرجاء، بل ينبغي أنْ يعيش بين خوف الله، ورجاءه، فلا يدعوه خوفه إلى اليأس من رحمته تعالى، {... وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر : 56]، ولا يتمادى في رجائه تعالى إلى درجة أن يتجرّأ على معصيته، بل هو متأرجح بين الخوف والرجاء، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر : 9].
قال الإمامُ عليٌّ (ع): «خَيرُ الأعْمالِ اعْتِدالُ الرَّجاءِ والخَوفِ».
وقال أیضاً: «خَفْ ربَّكَ خَوفاً يَشغَلُك عن رَجائهِ، وارْجُهُ رَجاءَ مَن لا يَأمَنُ خَوفَهُ».
ومِن وصايا لُقمانَ لابنهِ: « خَفِ اللَّهَ عزّ وجلّ خِيفَةً لَو جِئْتَهُ ببِرِّ الثّقلَينِ لعَذّبَكَ، وارْجُ اللَّهَ رجَاءً لَو جِئْتَهُ بذُنوبِ الثّقلَينِ لَرحِمَكَ».
نسأل الله أن نعيش في رجائه ورحمته التي وسعت كلّ شيء، وفي خوفه ومهابته.
فوصيتي إلى رجال المنبر وإلى كلّ من يتصدّى للتبليغ أن لا يزرعوا اليأس في قلوب الناس من خلال الإفراط في زرع الخوف والتهويل، ولا أن يجعلوا من حساب الله أمراً هيّناً؛ فان تقوية إيمان الناس يعتمد على اعتدال الإيمان.
نفس الكلام ينطبق على الحديث في مجال السياسة والاعلام والتعامل مع العملية السياسية في العراق.
https://telegram.me/buratha