يا راكِباً يَسْري عَلى جَسْرَةٍ ...... قَدْ غَبَّرَتْ في أَوْجِهِ الضُّمْرِ
عَرِّجْ بِسامُرّاءَ وَالْثُمْ ثَرى.......أَرْضِ الإِمامِ الحَسَنِ العَسْكَرِي
عَرِّجْ عَلى مَنْ جَدُّهُ صاعِدٌ ...... .وَمَجْدُهُ عالٍ عَلى المُشْتَري
عَلى الإِمامِ الطّاهِرِ المُجْتَبى........عَلى الكَريمِ الطَّيِّبِ العُنْصُرِ
عَلَى وَلِيِّ اللهِ في عَصْرِهِ...........وَابْنِ خِيارِ اللهِ في الأَعْصُرِ
المعروف ان الامام الحسن العسكري(ع) كان هدفا من اهداف بني العباس لانهم يعرفون مواهب وتاريخ اسرة الامام. لذا احتوشوه منذ صغر سنه وسجنوه في بيت في سامراء الذي هو الان مرقده الشريف.
لنلقي نظرة على حياته منذ الولادة :.. ولد الإمام العسكري(ع) في المدينة المنورة في عام 232. وبعد ولادته المباركة بعامين أي عام 234رحلوه قسرا إلى سامراء مع والده الإمام الهادي(ع)بعد استدعاء المتوكل العباسي له. عاصر الإمام العسكري اباه عشرين سنة في سامراء فاصبح عمره 22 سنة وكان يرى ما يجري عليه وعلى ابيه من المحن والمضايقات؛ استشهد والده الامام علي الهادي .. ولما الت اليه قيادة الامام للامة فرضوا عليه الاقامة الجبرية في سامراء، ووضعوا عليه العيون الذين قاموا بتفتيش داره بين فترة والأُخرى وزجه في ظلمات السجون بدون ذنب ارتكبه . هذا يبين ان المسالة غير عادية .ولا بد ان هناك دور مهم للامام العسكري لم يذكره التاريخ , جعل السلطة ترتعب من مواقفه الجهادية ,فكان هناك تنظيم في غاية الدقة ارعب السلطة العباسية.
** اذكر لك بعض الامثلة : لا بد ان سبب سجن الامام وقتله بالسم لان السلطة العباسية شعرت بالخطر من الامام رغم وجوده تحت اعينهم . فقد لجأ الإمام إلى العمل السياسي من خلال بناء جهاز خفيّ من الاتباع والوكلاء المخلصين، وأحكم تنظيمه، وتُفْصِحُ الوثائقُ التاريخية المتوفرة بين أيدينا عن ذلك الأسلوب الدقيق بوضوح كامل،رغم التعتيم على حياة الامام ولكن هناك مصدر هو(المجلسي، بحار الانوار: ج50 ص269.
نذكر منها: روى علي بن جعفر، عن الحلبي، قال: اجتمعنا بالعسكر، وترصّدنا لأبي محمد (ع) يوم ركوبه، فخرج توقيعه:(ألا لا يسلِّمنّ عليَّ أحد، ولا يشير إليَّ بيده، ولا يومئ، فإنكم لا تأمنون على أنفسكم)، اذن الامام كان عنده عيون ضمن رجال السلطة يزودونه بالأخبار . وهو من جانبه يحذر اصحابه ..قال: وإلى جانبي شابٌّ، سالته: من أين أنت؟ قال: من المدينة، قلت: ما تصنع هاهنا؟ قال: اختلفوا عندنا في أبي محمد (ع)، فجئتُ لأراه وأسمع منه أو أرى منه دلالةً ليَسْكُنَ قلبي وإني من ولد أبي ذر الغفاري.يقول لما وصل الامام الى جوارنا لم نسلم عليه حسب توجيهاته , ولكن الامام توقف وسال الغفاري كيف حالك ايها الغفاري .؟ قال بخير يا ابن رسول الله , فقال الامام وكيف حال امك حميدة .؟ قال تركتها بخير , ثم سار عنه ..
هنا اعطى الامام عدة رسائل اهمها ان العيون التي تترصد لم يسمعوا شيئا يخص الدولة ويشكل خطرا عليها , مجرد سلام عادي , الرسالة الثانية. ان هذا الغفاري جاء الى سامراء لعدم وضوح الموقف من الامام ( امام زمانه) فلما قال له الامام يا غفاري ثم ذكر اسم امه , اعطاه دليل واصبح عليه حجة انه هو الامام ذلك الوقت ..
روى أبو هاشم الجعفري ،وهو من المقربين للإمامين العسكريين ,عن داود بن الأسود، قال: دعاني الامام أبو محمد، فدفع إليَّ خشبة، مدورة طويلة، قال: (سر بهذه الخشبة إلى عثمان بن سعيد العمري)، فمضيتُ، اثناء مروري في الطريق عرض لي سقاءُ معه بغل، فزاحمني البغل على الطريق، فناداني السقاء صح على بغلك ، فرفستُ الخشبة التي كانت معي، فضربتُ البغل، فانشقت، فنظرت إلى شقها فإذا فيها كتبٌ، فبادرتُ سريعاً فرددت الخشبة ، فجعل السقاء يناديني ويشتمني، ويشتم صاحبي،يعني يشتم الامام , فلما انهيت عملي ورجعت الى دار الامام . دنوت من الدار فاستقبلني عيسى الخادم عند الباب، فقال: يقول لك مولاي:(لِمَ ضربتَ البغل، وكسرتَ الخشبة .؟)، فقلت له: لم أعلم ما في تلك الخشبة فقال: (ولِمَ احتجتَ أن تعمل عملاً حتى أن تعتذر منه، إياك بعدها أن تعودَ إلى مثلها، وإذا سمعتَ لنا شاتماً فامض لسبيلك التي أمرتَ بها، وإياك أن تجاوب من يشتمنا، أو تعرِّفه من أنت، فإننا ببلد سوء، ومصر سوء، امض في طريقك، فإن أخبارك وأحوالك ترد إلينا، فاعلم ذلك).
هذا يعني ان الامام كان قد بعث شخصا اخر يساير هاشم الجعفري وربما يحميه ان تقع الكتب بيد رجال السلطة .
** حدثنا التأريخ أن المعتصم العباسي، وحينما رأى ازدحام الموالي في جيشه وقواده من الأتراك والمغاربة والفراعنة وتعرضهم إلى أهالي بغداد بالأذى وعدم اتسامهم بالسلوك الحسن تجاه الناس، قرر بناء سامراء وجعلها عاصمة للدولة العباسية وكان ذلك في سنة 220.وفعلا سيطر هؤلاء القواد الغرباء على دفة مجريات الأُمور شيئاً فشيئاً حتى استولوا على مركز الخلافة نفسها، واخذوا يتحكمون بالخليفة يُزيحون من يشاءون ويأتون بمن يشاءون، وقد حكم سامراء ثمانية خلفاء. وقد ذاق هؤلاء الخلفاء من أولئك الموالي والقواد، الأمرين فقد قاموا بقتل بعضهم، كالمتوكل والمهتدي، وعزل بعضهم وخلعه، كالمعتز .هذه الأُمور تؤكد ضعف الخلافة العباسية يومئذ، كما أن التأريخ يذكر أن الاتراك والموالي لم يكتفوا بعزل خليفة وتنصيب آخر، بل سيطروا على دفة السياسة العليا وقاموا بعزل الخليفة كلياً عن ممارسة دوره في الحكم والنظر إلى شؤون الدولة وإلى هذه الحقيقة :
وقد اشار الخليفة المعتمد إلى ذلك بقوله) أليس من العجائب أنّ مثلي يرى ما قل ممتنعاً عليه وتؤخذ باسمه الدنيا جميعاً وما من ذاك شيء في يديه إليه تحمل الأموال طراً ويمنع بعض ما يجبى إليه.. ونود أن نشير هنا إلى أن سياسة القواد الاتراك كانت تابعة للمصالح الشخصية؛ فيقاتلون الخليفة ويثورون ضده تارة ويدافعون عن الخليفة ويقاتلون أعداءه تارة أُخرى، وذلك بحسب ما تملي لهم الظروف من المضار والفوائد العائدة إليهم.
(****) ومن الأُمور والحوادث التي عاصرها الإمام العسكري (ع) هي انتشار الفتن والشغب والحروب في بغداد وسائر الامصار، منها حوادث (عام 249) حدث شغب من الجنود الشاكرية ببغداد حينما نادوا بالنفير، وفتحوا السجون، وأخرجوا من فيها. وكان أحد أسباب ذلك احتجاجهم على الاتراك لقتلهم المتوكل واستيلائهم على أمور المسلمين، يقتلون من يريدون ويستخلفون من أحبوا من غير ديانة ولا نظر للمسلمين، ومنها: الحرب التي جرت بين الجيش الذي أعده الاتراك لقتال الخليفة والجيش الذي جهزه الخليفة المستعين بالله للدفاع عن نفسه، وقد أدت هذه الحرب إلى خسائر جسيمة من الفريقين، وانتهت بتنازل المستعين عن الخلافة في سنة. ومنها: ما حدث في سنة 252 هـ عندما شغب الجند في بغداد مطالبين بالأرزاق، وارادوا أن يمنعوا الخطيب من الدعاء للمعتز، وكان لمحمد بن عبد الله بن طاهر موقف في محاربتهم وتفريقهم، حتى ما إذا رأى الجند قد غلبوا على أصحابه، أمر بالحوانيت التي على باب الجسر أن تحرق فاحترق للتجار متاع كثيرة، فحالت النار بين الفريقين.
إلى غير ذلك من الفتن الكثيرة التي ادت إلى ضعف الخلافة وانشغالها عن العمال في اطراف البلاد، فتفككت الدولة وضعف الارتباط بين مركز الخلافة واطرافها وأصبح كل عامل في الاطراف يصنع ما يحلو له، ان شاء كان موالياً للحكومة وان شاء ان يكون متمرداً، فكانت الحروب تدور في الاطراف بين الافراد والولاة، وتستقبل المدن الإسلامية في كل فترة وجهاً جديداً يحكمها ويدير شؤونها ويجبي خراجها... ومن شاء تفاصيل ذلك فليراجع الكامل ج 5 وتاريخ المسعودي ج 4 وغيرها من كتب التاريخ.
ولعل ابلغ الأحداث خطورة في ذلك الوقت وبالتحديد في عام 255 هـ هو ظهور صاحب الزنج في البصرة، فقد ادعى انه علوي ويتصل نسبه بالأمام زين العابدين(ع) ليكسب التفاف الجماهير حوله، وقد قام بقتل الالاف من الناس وهتك الالاف الاعراض وأحرق عشرات المدن، واستمر يعيث في الأرض فساداً إلى عام 270 هـ، وهي السنة التي قتل فيها. وسوف يأتي التعرض إلى موقف الإمام من هذا الرجل ..
*** مقابل هذه الاحداث المهمة قامت ثورات علوية تدعو للرضا من آل محمد {ص}، ويقصد من ذلك هو الدعوة إلى الإمام الموجود فعلاً، ولعل العامل المباشر الذي أدى ظهور هذه الثورات هو الظلم والتعسف الذي كان يلحق بالعلويين والموالين لأهل البيت {ع} من الحكم العباسي.
والغريب في الصدد رغم الفوضى والفساد والقتال حفلت احداث ذلك العصر هو انغماس الملوك العباسيين في اللهو والمجون والطرب وصرف الأموال الطائلة على الجواري والشعراء، وتنعم القادة والمسؤولين بأموال ضخمة، في حين يعيش سائر الناس بمستوى دون المتوسط وطبقة واسعة يعيشون حالة الفقر المدقع، من دون ضمان عيش أو أمل حياة، كما أن الكثير من الأموال كانت تصرف على سيدات البلاط العباسي؛ فكانت زبيدة زوجة هارون الرشيد مثلاً تلبس ثوباً قيمته خمسين ألف دينار، وقس على ذلك لو أردنا استعراض شواهد على ذلك الترف واللهو والمجون لطال بنا المقام، والتأريخ مليء بتلك الحقائق وهو لا يخفى على كل ذي بصير.
*** في مثل هذه الظروف السياسية المتوترة والاقتصادية السيئة جداً والحياة المعقدة تسلم الإمام العسكري (ع) مسؤولية السفارة الالهية، ليقوم بدوره الرباني في الدفاع عن الشريعة المقدسة واحيائها قولاً وعملاً، ولذا لاقى صنوف الارهاب والمراقبة والحصار من قِبَل حكومة بني العباس.
/***/ الثورات العلوية في عهد الإمام العسكري عليه السَّلام: الشواهد على ذلك كثيرة .منها: حين منع المتوكل العباسي زيارة الإمام الحسين{ع} وفرض أقصى العقوبات على زواره، ثم أخذ يتمادى في طغيانه حتى كرب القبر الطاهر للإمام {ع} بنفس الفترة قام بأشخاص الإمام الهادي عليه السَّلام إلى سامراء.
وفرض حصار على الإمام العسكري ووضعه في السجن من قِبَل خلفاء عصره. وهكذا، فإن الشواهد أكثر من أن تحصى. وفي هذا الجو المكهرب العاصف كان يرى بعض العلويين وجوب الثورة على الظلم والفساد واظهار كلمة الحق، أمام المجتمع الذي يعيش في سُبات عميق، وكان الغالب منهم يدعو إلى الرضا من آل محمد؛ ويعنون بذلك الشخص الذي هو أفضل آل محمد في ذلك العصر وليس ذلك إلاّ أحد ائمتنا عليهم السَّلام الذين يعتقد هؤلاء الثوار بإمامتهم، كما ان بعض الثورات كانت لأجل التمرد على الظلم أو لحب الظهور أو غير ذلك. ونحن هنا لسنا بصدد البحث والتحقيق في أن أياً من هذه الثورات كانت قائمةً على أساس من الوعي الصحيح وأيها كانت بعيدة عن المبادئ الإسلامية، فإن هذا بحث موكول إلى محله، لكن غرضنا الرئيسي هو ان نبين الواقع السيئ الذي كان يعيشه العلويون وشيعتهم؛ من الارهاب والمطاردة، والزج في السجون، ولذا رأوا القيام بالسيف هو الحل الوحيد للخلاص من هذا الظلم والاضطهاد، وبالفعل فقد ظهرت ثورات كثيرة ومتعددة قارعت قوى الشر والنفاق. وقد ذكرت كتب التأريخ هذه الثورات بنوع من التفصيل كل بحسب السنة التي ظهرت بها تلك الثورة..
لا بأس أن نشير هنا إلى بعض الثورات التي ظهرت في أيام إمامة الإمام الحسن العسكري{ع} منها: ثورة الحسن بن زيد , الذي بدأت ثورته عام 250 هـ، بطبرستان، فغلب عليها وعلى جرجان بعد حروب كثيرة وقتال شديد استمر لعدة سنوات، وبقيت في يده إلى أنْ مات في سنة 270 هـ وخلفه أخوه محمد بن زيد فيها، وكان هذان الاخوان يدعوان إلى الرضا من آل محمد. وطبرستان تقع في شمال إيران وجنوب غرب تركمانستان وقريبة من بحر قزوين تقع في سلسلة جبال ضخمة.
ثم ثورة علي بن زيد بالكوفة في عام 256 هـ ، فاستولى عليها، وازال عنها والي الخليفة واستقر فيها، فناجزته السلطة القتال عدة مرات، تارة بقيادة قائد فارسي واُخرى بقيادة كيجور التركي، حتى قتل سنة 257.وغيرها من الثورات الشيعية . التي سببت قلقا كبيرا للسلطات العباسية , ومن اخطر الثورات تلك التي حدثت في مصر من قبل شيعة اهل البيت , هذه الثورات قدمت دماء وارواح , واجبرت الحكام والملوك ان يقفوا عن استئصال مذهل اهل البيت. {ع} .
*** ـ موقف الإمام من هذه الثورات: وهنا نلاحظ أنّ التأريخ لم يسعفنا بأي شيء , لم يذكر لنا أي موقف للإمام سلام الله عليه تجاه تلك الثورات. ومن يُمعن النظر في تعامل الحكومة اياه وظروف تلك الفترة العصيبة يتضح له إن الحكومة العباسية قد تعاملت مع الأئمة الثلاثة المتأخرين (الإمام الجواد والامامين العسكريين) معاملة خاصة، فحاولت دمجهم بالبلاط العباسي او سجنهم وتشديد الرقابة عليهم. ومع أن الحكومة لم تستطع العثور على أي مستمسك يدينهم إلاّ انا نلاحظ ان اعمارهم كانت قليلة وكانوا يصعدون إلى بارئهم في ريعان الشباب، فالأمام الجواد عاش خمساً وعشرين سنة، والإمام الهادي عاش احدى واربعين سنة، والإمام العسكري عاش ثمانية وعشرين عاماً، مما يدل على سعي الخلفاء للقضاء عليهم وكتم انفاسهم، مع أنهم لم يحصلوا على أي مستند يدل على اشتراكهم في أي نشاط أو حركة فكيف لو عثروا على ما يدل على ذلك !!.
***** دور الامامين العسكريين لغيبة الامام المهدي{عج}.
كيف هيأ الإمام العسكري{ع} لغيبة الإمام المهدي {عج} خاصة ان عقيدة الشيعة تبرعمت بالإمامة والولاية وبمرور السنين والأيام اتسعت رقعة انتشارهم الجغرافي ، وأضحى الإمام في عقيدة الشيعة أهم عنصر تعتمد عليه الشيعة بعد رسول الله {ص} ويرجعون إليه في قضاياهم ومشكلاتهم الفردية والاجتماعية، وهم يقومون بتلبية حاجاتهم الفكرية والروحية والمادية. ومن ادعى ان الامام أصبح يشكل كل شيء في حياتهم لكان صادقاً. ولذا، كانوا يبادرون الى السؤال عن الامام الخلف. وهكذا، تعود الشيعة على التوصل مع شخص الإمام أكثر من قرنين ، وعليه جرت عادتهم وثقافتهم. .... ولكن غيبة الامام عنهم فترة طويلة فهي حدث جديد يحتاج الى ثقافة جديدة حتى يتربوا عليها ويتقبلوا فكرة عدم رؤيته.
*** ولا أبالغ إذا قلت إن الحدث الكوني بظهور الإمام بالنسبة لنا في زماننا لو ظهر الان .. لا يقل عن حدث الغيبة للإمام {ع} بالنسبة للشيعة المعاصرين لزمان الغيبة. ومن هنا، تتبين لنا عظمة وخطورة الدور الذي أوكل الى الامام الحسن العسكري{ع} ولأبيه الامام الهادي خاصة بملاحظة الظروف الصعبة الحرجة المحيطة بالإمام. ولذا، عليه أن يؤدي دوراً مهماً جديداً وهو تربية الشيعة على ثقافة غيبة الامام.
وهذه التربية بدأت في ظل إمامة الإمام علي الهادي{ع} حيث قام بتهيئة الشيعة على الثقافة الجديدة وهذه تحتاج الى مدة من الزمن، خصوصاً أن مدة ولاية الإمام العسكري كانت قصيرة جداً، مع صرف جل اهتمامه لحماية المولود الجديد، وأما الأعمال التي انجزها للتهيئة للغيبة، فهي:
أولاً: المحافظة على سرية حياة الامام منذ الولادة: لان الظروف المحيطة بولادة الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف كانت سرية للغاية، لأن السلطة العباسية كانت تراقب دائماً دار الإمام العسكري وتراقب زوجاته وكل ما يتعلق به، وقد أشار الامام العسكري عليه السلام الى هذه الظروف بقوله: سعوا (بنو العباس) في قتل أهل بيت رسول الله {ص} وإبادة نسله، طمعاً منهم في الوصول الى منع تولد القائم او قتله، فأبى الله أن يكشف امره لواحد منهم إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. وأما بالنسبة لولادته، فلم يتسنّ الاطلاع عليها الا للسيدة حكيمة عمة الامام العسكري، والتي فوجئت بأصل الحمل به، وكانت بعد منتصف الليل قريباً من الفجر.
وعمل الامام جاهداً ليبقى المولود الجديد بعيداً عن الانظار، ولم يطلع عليه الا خواص الخواص من أوليائه لينقلوا الى الشيعة أن امامهم قد ولد لرفع شبهة عدم ولادته. ومن هنا نفهم مضمون بعض الروايات التي نهت عن استعمال اسمه، ويدل عليه توقيعه الشريف :بعنوان الناحية المقدسة.
ثانياً: الإعداد الفكري للغيبة : لقد جرى الإمام العسكري{ع} على طريقة آبائه وأجداده{ع} في استعراض فكرة الغيبة وإمكانها ثبوتاً ثم تطبيقها على ولده القائم. وكان الحث والتركيز على الثبات في غيبته. كان يخاطب الغائبين فضلاً عن المعدمين، ومن هم لا يزالون في أصلاب الرجال، عن طبيعة مرحلة الغيبة وما يقع فيها من بلاءات ومصائب، وفي الوقت نفسه يدعوهم الى التصبر والتجلد والاحتساب ويزرع فيهم الأمل بالظهور.وإن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه ,ومن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ،فاعتاد الشيعة مع هذه العقيدة في مجالسهم .
والروايات ان ظهوره يكون في مكة في يوم جمعة, يظهر وهو اضعف الناس لا يمضي يوم الا وهو اقوى الناس .. وبعد ان يسيطر ينقل عاصمته الى الكوفة , واول مكان يزوره هو كربلاء.. يقف ويسلم على جده الحسين. فيجيبه الامام وعليك السلام ولدي محمد الى الان لم تاخذ بثاري.
ايده يمدها بالكبر ضنوة المبرور . من صوب نحر حسين ولا ادمومه تفر
يطلع رضيعه الذي بالسهم منحور.. يطلع رضيعه اللي انذبح بالغاضرية
وينشك الكبر وتطلع الجثة بلا راس ..ويموج وادي كربلا من ضجة الناس
ويمشي بو صالح المهدي لكبر عباس. يوكف على ذاك البطل حامي الحمية
ومن الضريح يكوم حماي الوديعة.. ويعاينون الناس جفينه كطيعه
وتزيد ضرب الروس وتزيد الفجيعة.. وتصير ضجة توصل السبع العلية
راعي الثار ما ينهض علامة.. ويرفع لليتانونه علامة .. نسا بمتون عماته علامة ..ضرب اسياط زجر وجور اميّة.
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
https://telegram.me/buratha