(الجزء الأول)
نحي هذه الايام مناسبة أليمة على نفوسنا وحزينا على قلوبنا ترق لها العيون وتسيل لها الدموع من كثرت مظلوميتها وشدة قسوتها وتعديها على حدود الله سبحانه وتعالى وكيف لا وإذا بوجه الله بالأرض والإمام المفترض الطاعة صاحب السجدة الطويلة الأمام الكاظم عليه السلام يقبع في سجون وطوامير الظالم اللارشيد العباسي ويخرج منها شهيداً يحمل نعشه أربع من السجانين ؟؟؟؟ ، وفي أجواء هذه المناسبة الأليمة ونحن نتصفح بعض الجوانب من حياة الأمام موسى بن جعفر عليه السلام لكي نستلهم منها الدروس والعبر البليغة حتى نجعلها طرق نسير فيها حتى توصلنا الى سعادة الدنيا والجنان في الآخرة :
لقد أظهر الأمام الكاظم عليه السلام مساوئ أساءت الظن و تقّيم الرجال من خلال ملابسهم ومظهرهم الخارجي لأنهما خصلتان تدمران أواصر ترابط المجتمع ، ومن يخطئ بحق الآخرين عليه تقديم الاعتذار لهم حتى يحصل على العفو والمسامحة من المعتدى عليه حتى تصبح القلوب متحابة وصادقة في حبها من أجل بناء مجتمع مترابط ومتكاتف بالإضافة الى إظهار الجزء اليسير من علوم الإمام عليه السلام وقد ظهر ذلك جليا من خلال قصة شقيق البلخي : قال شقيق البلخي ، خرجت حاجاً في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية ، فيينا أنا أنظر الى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت الى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف فو ثيابه من صوف مشتمل في رجليه نعلان وقد جلس منفردا ، فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كَلاً على الناس في طريقهم والله لأمضين غليه ولأوبخنه ، فدنوت منه فلما رآني مقبلاً قال : يا شقيق ( اجتنبوا كثراً من الظن إن بعض الظن إثم) (1) ثم تركني ومضى فقلت في نفسي إن هذا الامر عظيم قد تكلم في نفسي ونطق باسمي وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأاسألنه أن يحللني فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عني فلما نزلنا واقصة وإذا يصلي وأعضاءه تضطرب ودموعه تجري ، فقلت هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله ،فصبرت حتى جلس ، وأقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال : يا شقيق اتل ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم أهتدى)(2) ثم تركني ومضى فقلت إن هذا الفتى لمن الإبدال ، لقد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا زبالة ، إذا بالفتى قائم على بئر وبيده ركوة يريد أن يسقي ماءا فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر اليه ، فرايته قد رمق السماء وسمعته
يقول : أنت ربي إذا ظمئت الى الماء وقوتي إذا أردت الطعاما
اللهم سيدي مالي غيرها فلا تعدمينها ، قال شقيق فو الله لقد رأيت البئر وقد أرتفع ماؤها فمد يده وأخذ الركوة وملؤها ماء فتوضأ وصلى أربع ركعات ثم مال الى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد عليه السلام ، فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك ، فقال يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك ، ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكر فو الله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا فشبعت ورويت وأقمت اياما لا أشتهي طعاماً ولا شراباً ، ثم لم أره حتى دخلنا مكة ، فرايته ليلة الى جنب قبة الشراب في نصف الليل قائما يصلي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل ، فلما رأى الفجر جلس في مصلا يسبح ثم قام فصلى الغداة ، وطاف بالبيت اسبوعا وخرج فتبعته وإذا له حاشية وأموال وهو خلاف ما رايته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه ، فقلت لبعض من رايته بقرب منه : من هذا الفتى ؟ فقال : هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، فقلت قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد ( 3)
(1) سورة الحجرات آية 12(2) سورة طه آية 82(3) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج48 ص80
خضير العواد
https://telegram.me/buratha