بالرغم من الأدلة العقلية والنقلية على مشروعية الاجتهاد والتقليد ، نلاحظ بعض الاصوات التي تنادي ببطلان مشروعية التقليد ويصاحب هذا النداء طرح الافكار السيئة على المجتهدين من أجل تشويه سمعتهم وتسقيطهم ومن ثم إبعاد الناس عنهم من أجل إضعاف أو ضرب فكرة التقليد كلياً .
السؤال الذي يطرح نفسه إذا قلنا جزافاً بتوقف عملية التقليد كيف سيتعرف عامة الناس على أجوبة مسائل دينهم المبتلاة بها ، كم نسبة الذين سيستطيعون الوصول الى معرفة الحكم الشرعي في عموم فروع الدين من صلاة وصيام وزكاة وخمس ونجاسات وطهارات وغيرها من مسائل فروع الدين ، هل تتوقع نسبتهم ستكون 5% او 10% أو 20% إذا كنت جداً متفائل وهذه النسب استنتجت نتيجة المعرفة التامة بالمجتمع ومدى توجهه الى القراءة والبحث بالإضافة الى المعرفة الحقيقية بالتكليف الشرعي الذي يدفعنا الى معرفة المسائل المبتلاة بها ، علماً أن 20% هذه النسبة مبالغ بها بل من وجه الخيال والتمني فإذا قلنا جزافاً بأنها نسبة صحيحة باقي الناس ماذا سيكون مصيرهم ؟؟ هل سيبقون جاهلون بمسائل دينهم ويتخبط بهم الشيطان كيف يشاء ؟؟؟ كيف سيؤدون صلاتهم وصيامهم وباقي فروض دينهم ؟؟؟ ، هذه بعض الأسئلة التي يجب الإجابة عليها لأن عملية الوصول الى الحكم الشرعي ليست عملية سهلة او متاحة لأي شخص بل هي عملية صعبة في غاية الصعوبة ويراد منها التفرغ لهذا الأمر مع الجهد الكبير في القراءة والبحث والناس يختلفون بمستوى العقل والذكاء والفهم بالإضافة الى انشغالهم في طلب رزقهم ومعيشتهم من أجل الابتعاد عن حياة الذل والهوان والعمل من أجل الحصول على الرزق من المستحبات المحبوبة لدى الشارع المقدس ، فمن يقترح بطلان التقليد عليه أن يجد البديل الذي يعّرف الناس بالحكم الشرعي ، لأن معرفة الحكم الشرعي واجب لأنه يتصل بالعبادة التي من أجلها خلق الله سبحانه وتعالى الخلق ( وما خلقت الجنة والإنس إلا ليعبدون) .
ضرب القيادة ( المرجعية) وجعل الناس بدون قيادة تقودهم وتوجههم ماذا سيكون مصير الناس والذئاب الآدمية تحيط بهم كفصيل الأغنام عندما يغيب عنهم الراعي هل ستتركهم الذئاب بل ستنهشهم وتجعلهم ممزقين اشر ممزق هكذا يريد من يحاول ضرب المرجعية الدينية إن كان بقصد ام من غير قصد وأما أهمية المرجعية الدينية في قيادة الأمة فالتجارب التاريخية تجيب على هذا التساؤل وما أكثرها ومنها فتوى التنباك للسيد حسن شيرازي التي انقذت ايران من سيطرة الشركات البريطانية وفتوى الجهاد ضد الاستعمار البريطاني للشيخ محمد الشيرازي التي نتج عنها ثورة العشرين العارمة وفتوى الجهاد الكفائي للسيد السيستاني عام 2014 للتصدي لداعش وهذه المواقف للمرجعية الدينية ما هي الا أصغر مثال على اهمية المرجعية الدينية في المجتمع ، والذي يطرح فكرة بطلان عملية التقليد ويريد الناس أن يتبعوه في ذلك ألا تعتقد أن هذا هو التقليد أم ماذا يسمى ؟؟؟ هل أستطاع المعصوم عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه واله الى الإمام الحجة عج أن يجعل جميع الناس هم الذين يستنبطون الحكم الشرعي أي كل واحد منهم بمثابة مجتهد ؟؟؟ أم كل معصوم يهتم بمجموعة معينة من الأصحاب فيدرسهم ويغذيهم بعلوم محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، وعندما يسأله الموالون الذين يعيشون في أماكن بعيدة عن تواجد الإمام عليه السلام لمن نراجع وممن نأخذ ديننا فيرشدهم المعصوم الى أصحابه الثقاة ؟؟؟ ولم يطلب منهم الاجتهاد جميعهم لأن هذا الأمر محال لا يمكن تحقيقه لاستحالته فلماذا يُطلب من الناس اليوم ؟؟؟ ، ونلاحظ الذي يطرح بطلان التقليد عندما تسأله لمن أذهب حين المرض سيرشدك الى طبيب ماهر لمعالجة المرض وحين البناء سيرشدك الى بناء خبير من أجل إتمام أفضل البناء وهكذا جميع نواحي الحياة البحث عن الخبير أي يطلب منك التقليد في جميع ما تبتلى به في هذه الدنيا إلا أخطر وأهم شيء خُلِقَ من أجله الإنسان ( العبادة) يطرح عليك بطلان الذهاب في مسائله الى الخبير والعالم المجتهد ؟؟؟ ، فهل هذا من العقل والحكمة يُترَك الجاهل بدون هداية أو إرشاد تتلقفه مكائد الشيطان وجنوده في ظلمات هذه الحياة الدامسة ، فمن يدفع بطرح بطلان التقليد عليه أن يطرح البديل العقلائي الذي يتقبله العقل وتدعمه الحكمة ومؤيد بالأدلة الشرعية لا يترك الناس بدون بديل ومن ثم الضياع في الدنيا والآخرة ووجود هذا البديل محال لأنه يخالف العقل والحكمة ، والاجتهاد والتقليد حلقة مهمة في الرسالة المحمدية السمحاء هيئ لها المعصومون عليهم السلام بشكل مدروس ودفعوا الناس له بصورة تدريجية ترافق طرح فكرة غيبة الإمام الحجة عج ومع تقبل الموالون فكرة غيبة الإمام المعصوم عليه السلام تقبلوا الرجوع الى الفقهاء العدول الثقاة في مسائلهم الدينية والدنيوية وهذا كان جميعه بتأييد المعصوم عليه السلام ، فالتقليد والاجتهاد يأخذ الإنسان من الضياع الحقيقي الى الصلاح والرشاد وطريق الهدى وهو طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين وهو طريق السعادة في الدنيا والجنان في الآخرة .
خضير العواد
https://telegram.me/buratha