الدكتور فاضل حسن شريف
ويستطرد الشيخ الالهي القمي عن الأحاديث النبوية عن المهدي عليه السلام في كتابه الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهديّ والمسيح: قائلا: وأخرج أحمد والباوردي في المعرفة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أُبشّركم بالمهديّ، رجل من قريش (من عترتي) يبعث في أُمّتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملاَ الاَرض قسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الاَرض). وأخرج الطبرانيّ في الاَوسط من طريق عمر بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أمِنّا المهديّ أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: (بل منّا، بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يُستنقذون من الشرك) الحديث. وأخرج نعيم بن حمّاد وأبو نعيم من طريق مكحول، عن عليّ عليه السلام، قال: قلت: يا رسول الله أمِنّا آلَ محمّـد المهدي أم من غيرنا؟ فقال: (لا، بل منّا) الحديث. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين، قال: (المهديّ من هذه الاَُمّة، وهو الذي يؤمّ عيسى بن مريم عليه السلام). وأخرج نعيم بن حمّاد عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهديّ حقٌّ هو؟ قال: نعم. قلت: ممّن هو؟ قال: من وُلْد فاطمة. وأخرج أيضاً عن علي عليه السلام، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (المهديّ رجل من عترتي، يقاتل على سُنّتي كما قاتلت أنا على الوحي). وبالجملة: فقد تواترت الاَحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأنّه من أهل بيته، وأنّه يملاَ الاَرض عدلاً كما صرّح بن الشبلنجيّ في نور الاَبصار. وقال القنوجي في الاِذاعة: قال بعض حفّاظ الاَُمّة وأعيان الاَئمّة: إنّ كون المهديّ من ذرّيّته صلى الله عليه وآله وسلم ممّا تواتر عنه، فلا يسوغ العدول والالتفات إلى غيره. أخرج عبـد الرزّاق في المصنّف وأبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهديّ منّي، أجلى الجبهة، أقنى الاَنف، يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين). وأخرج أبو داود ـ كما في جامع الاَُصول لابن الجزري ـ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ليس بيني وبينه (يعني عيسى عليه السلام) نبيّ، وإنّه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنّه رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، ينزل بين مُمَصّرَتَين، كأنّ رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل) الحديث. وأخرج الحموئي في فرائد السمطين بإسناده عن أبي أُمامة الباهليّ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: المهديّ من وُلْدي، ابن أربعين سنة، كأنّ وجهه كوكب درّيّ، في خدّه خال أسود، عليه عباءتان قطوانيّتان، كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشرك). وأخرج في فرائد السـمطين أيضاً عن أبي سـعيد الخـدريّ، عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (المهديّ منّا أهلَ البيت، رجل من أُمّتي، أشمّ الاَنف، يملاَ الاَرض عدلاً كما مُلئت جوراً). ورواه أبو نعيم. وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا، أعلى الجبهة، يملاَ الاَرض عدلاً، يفيض المال فيضاً). وأخرج الرويانيّ في مسنده وأبو نعيم عن حـذيفة، قـال: قـال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهديّ رجل من وُلْدي، لونه لون عربيّ، وجسمه جسم إسرائيلي، على خدّه الاَيمن خال، كأنّه كوكب درّي) الحديث. وأخرج أبو عمرو الداني في سننه عن حذيفة أيضـاً، قـال: قـال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يلتفت المهديّ وقد نزل عيسى بن مريم كأنّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهديّ: تقدّم صلّ بنا) الحديث. وأخرج أحمد وأبو داود الترمـذي عـن ابـن مسـعود، قـال: قـال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي). قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح. وأخرج نعيم بن حمّاد، عن ابن مسعود أيضاً، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: اسم المهديّ (محمّـد).
وعن علاقة خروج المسيح والمهدي عليهما السلام في الأحاديث النبوية يقول الشيخ محمد باقر الإلهي القمّي: أخرج الطبرانيّ في المعجم الاَوسط والحاكم عن أُمّ سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يُبايِعُ لرجل بين الركن والمقام عدّةُ أهل بدر) الحديث. ومعلومٌ أنّ عيسى بن مـريم عليهما السلام لا ينزل من السـماء بهـذا العـدد، ولا تجتمع معه تلك العِدّة، بل ينزل بعد خروج المهديّ عليه الصلاة والسلام متَّبعاً إيّاه. أخرج أبو داود في سننه عن أُمّ سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكّة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكّة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه بين الركن والمقام) الحديث. وأخرج نعيم بن حمّاد عن أبي هريرة، قال: يُبايَع المهديّ بين الركن والمقام، لا يوقظ نائماً ولا يهريق دماً. وأمّا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فإنّه ينزل من السماء بعد ظهور المهديّ ووقوع البيعة له. وقد دلّت السُنّة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على نزول عيسى بن مريم عليهما السلام على المنارة البيضاء شرقيّ دمشق، وحكمه بكتاب الله تعالى، وقتله اليهود والنصارى، وإهلاك أهل الملل في زمانه كما قال ابن قيّم الجوزيّة في المنار المنيف. أخرج مسلم في صحيحه من حديث النوّاس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ينزل (يعني المسيح بن مريم عليه السلام) عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق بين مهرودتين) الحديث. مـا أخـرجه البخـاري في صـحيحه عـن أبـي هـريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟).
ويستطرد الشيخ الالهي القمي عن خروج المسيح والمهدي عليهما السلام: وأخرج أبو نعيم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه). وفي صحيح ابن حبّان من حديث عطيّة بن عامر نحوه. وأخرج مسلم وأبو نعيم أيضاً واللفظ له عن جابرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهديّ: تعالَ صلِّ بنا؛ فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تكرمة الله لهذه الاَُمّة). وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين، قال: المهديّ ينزل عليه ابن مريم، ويصلّي خلفه عيسى. وأخرج نعيم بن حمّاد، عن عبـد الله بن عمرو، قال: المهديّ ينزل عليه ابن مريم ويصلّي خلفه عيسى. تلك عشرة كاملة من وجوه الفرق بين المهدىي المنتظر والمسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام، وقد تستنبط وجوه أُخرى بالتأمّل في ما ورد من الاَحاديث في هذا الباب، لا تكاد تخفى على أُولي الاَلباب. وحديث مسلم عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون على الحقّ، ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ لنا؛ فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تكرمة الله هذه الاَُمّة). وقال الشيخ محمّـد ناصر الدين الاَلبانيّ: إنّ عقيدة خروج المهديّ ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله وسلم يجب الاِيمان بها، لاَنّها من أُمور الغيب، والاِيمان بها من صفات المتّقين، كما قال تعالى: "الَم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتّقين * الّذين يؤمنون بالغيب" (البقرة 1-3) وإنّ إنكارها لا يصدر إلاّ من جاهل أو مكابر.
https://telegram.me/buratha