أفادت دراسة سوريّة حديثة بأن «عدد العاطلين عن العمل في سوريا بلغ، مع انتهاء الربع الأول من العام الحالي، 2.965 مليون عاطل عن العمل، لتسجّل ارتفاعاً بنسبة 48.7 في المئة»، مبينة أن «حوالي 300 ألف شخص أصبحوا في صفوف العاطلين عن العمل في الربع الأول من هذا العام».
الدراسة، التي أعدها المركز السوري لبحوث السياسات، والذي يعرّف نفسه بأنه «مركز بحثي غير ربحي مقره دمشق»، اعتمدت على «آخر ما توفر من بيانات رسمية، بالإضافة إلى معلومات خبراء مستندة إلى مناهج إحصائية علمية».
وفي حين لم تتطرق الدراسة إلى حساب معدلات البطالة أو تذكر أكثر القطاعات تضررا، أشارت إلى أن قطاع التجارة المحلية الذي يتضمن القطاع السياحي، تكبّد حوالي 23 في المئة من إجمالي خسائر الناتج المحلي الإجمالي، يليه قطاع النقل والاتصالات بحوالي 20 في المئة وقطاع الصناعة الاستخراجية (استخراج النفط والمعادن) 15 في المئة، ثم الصناعة التحويلية 13 في المئة.
وقد رأى الباحث السوري زكي محشي، الذي شارك في إعداد الدراسة، أنها «يمكن أن تشكّل مرجعاً مبدئياً عن خريطة البطالة، مع الأخذ بالاعتبار كثافة العمل وكثافة رأس المال في كل قطاع».
وتأتي هذه الدراسة في وقت تسببت فيه الحرب التي تشهدها سوريا، بتوقف عدد كبير من المصانع التي تعرّض قسم كبير منها لعمليات تخريب وسرقة، إذ تقدّر الحكومة السورية عدد المعامل الخاصة التي تمت سرقتها في حلب وحدها بأكثر من ألف معمل «سُرقت ونُقلت إلى تركيا»، حسبما أكدت السلطات السورية.
ولم ينج أي قطاعٍ في وطن مهشّم يغرق في دماء أبنائه. وقد توقع الباحث زكي محشي، خلال حديثه لـ«السفير»، أن «تؤدي الأزمة إلى ارتفاع عدد العاملين في القطاع الاقتصادي غير المنظم كالباعة الجوالين أو المهربين أو حتى المقاتلين الذين يعتمدون القتال، مصدرا للدخل سواء في صفوف المسلحين أو في الجيش السوري». وقال: «ذكر التقرير موضوعا خطيرا وبالغ الأهمية، هو نشوء ما يسمى باقتصاديات العنف التي تقوم على الأعمال غير القانونية مستفيدة من الأزمة الحالية».
وتتضمن اقتصاديات العنف نزوع الأفراد للتوجه إلى الأعمال القتالية وأعمال الخطف والنهب والسرقة والعنف والتهديد بالسلاح، وعمليات التهريب وفرض الاتاوات وغيرها، فيما يغيب أي إحصاء واضح لعدد المنخرطين في الأعمال القتالية في الوقت الحالي. إلا أن اتساع قاعدة الاشتباكات في المناطق السورية قد يشير إلى ارتفاع عدد العاملين سابقا، في الصناعة والخدمات والزراعة، في الأعمال القتالية و«صناعة الحرب»، سواء بدافع «تأمين تكاليف المعيشة»، أو بدوافع أخرى نفسية وإيديولوجية.
من جهتها، لا تبدو وزارة العمل السورية «قلقة»، حيث يرى وزير العمل السوري حسن حجازي أن «البطالة ستختفي مع انتهاء الأزمة، لأن مجال العمل في إعادة إعمار سوريا سيكون قادراً على امتصاص قوة العمل بالكامل»، مشيراً إلى أن «المعنيين بمسألة إحصاء البطالة (في وزارته) لا يمكنهم الوصول إلى كل المناطق في سوريا لتحديد نسبة البطالة، ولو بشكل تقريبي، بسبب الظروف الأمنية التي تشهدها بعض المناطق».
ويرى محشي أن «معالجة أزمة البطالة لا يمكن أن تتم بمعزل عن التعامل مع المشاكل والاختلال الجوهري في الاقتصاد السوري، الذي يكمن في ضعف المؤسسات بما فيها التشريعات والأنظمة وسيادة القانون، مع انخفاض الإنتاجية واعتماد النمو الاقتصادي بشكل أساسي على رأس المال المادي، وليس على العمالة أو رأس المال البشري أو التكنولوجيا».
وأوضح الباحث أن «معالجة مشاكل سوق العمل لا تتم من خلال العمل على الإجراءات ذات الصلة المباشرة بالمشكلة، بل يجب وضع استراتيجيات وخطط واضحة تسعى لتصحيح الخلل في الاقتصاد السوري
16/5/13721
https://telegram.me/buratha