فيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" وصول العينّات التي حملها خبراء الأمم المتحدة إلى نيويورك لتفحصها، فأي مصير للعيّنات الكيميائية السورية الأولى من الغوطة التي وصلت إلى فرنسا عبر الاستخبارات الفرنسية والأردنية؟
جريدة "السفير" اللبنانية تنقل عن مصدر سوري من "الائتلاف السوري" في باريس أن الفحوصات المخبرية الأولى، التي أجريت على العيّنات السورية في فرنسا، لم تظهر اي أدلة على وجود مواد كيميائية في العيّنات التي تم الحصول عليها.
تقول الصحيفة، إن لا غاز "سارين" في العيّنات، والتحليلات المخبرية الفرنسية الأولى سلبية على جميع العينات التي حصلت عليها عبر ناشطين من المعارضة، أو بواسطة الاستخبارات الأردنية، التي قامت بتأمين وصول العينات السورية من الغوطة، عبر الجنوب السوري، فدرعا، فعمان، فباريس.
وبجسب "السفير" فإنّ الاستخبارات الفرنسية كانت قد تابعت عمل فريق الأمم المتحدة في مناطق الغوطة، في المعضمية، ودوما، وعربين، وكفربطنا وحصلت على عينّات مشابهة للعيّنات التي حصل عليها الفريق الأممي الذي يقوده "آكي سلستروم"، خلال زياراته إلى المنطقة.
الفحوصات المخبرية الأولى، التي أجريت على العيّنات السورية في فرنسا، لم تعثر على أدلة بوجود مواد كيميائية في العيّنات التي تم الحصول عليها، ولم تعثر على أي أثر لوجود "السارين"، بحسب مصدر سوري مقرّب من المعارضة و«الائتلاف الوطني السوري» في باريس، الذي طلب من الفرنسيين إعادة إجراء التحليلات التي يقول بأنها تعود إلى ضحايا قتلوا بـ"الكيميائي".
وفي المعركة من اجل إثبات وجود عناصر كيميائية، طلبت الإستخبارات الفرنسية من المعارضة السورية إيفاد ضحايا من منطقة المعضمية ودوما لإجراء فحوصات مخبرية وتحليلات طبية، عبر خبراء فرنسيين مباشرة، على الأسر التي كان أفرادها تلقوا جرعات من المواد الكيميائية، التي استخدمت في هجوم فجر 21 آب/ اغسطس الماضي في الغوطة الدمشقية.
ويقول مصدر مقرب من «الائتلاف» في باريس إن أفراد خمس أسر سورية من المعضمية ودوما سيصلون في وقت قريب جداً إلى باريس، وان المعارضة تقوم بتنظيم عملية خروجهم من سوريا، عبر الحدود التركية بمعونة الإستخبارات التركية، نحو العاصمة الفرنسية.
وكان التحليل الذي قدمته الاستخبارات الفرنسية لرؤساء الكتل البرلمانية، خاليا من أي إشارة إلى عيّنات خاصة تملكها الأجهزة الفرنسية، يمكن الإستناد إليها لتأكيد استخدام غاز "السارين"، المعروف بسرعة تبخره واختفائه، بعد وقت قصير من استخدامه.
وتنقل الصحيفة حدّيث مسؤول ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، قبل شهرين ونصف الشهر، عن هذه العينات التي حصل عليها صحافيون فرنسيون، من جوبر وسراقب. وقال إن الأمم المتحدة اعتبرتها دونما أي قيمة علمية أو بحثية، بسبب عدم احترامها لقواعد رفع العينات التي يلتزمها محققو وخبراء الأمم المتحدة، والتي تحيل تلك العينات دونما أي قيمة، وهو ما يعرفه الفرنسيون.
وكان الأميركيون أنفسهم قد أشاروا بكثير من الريبة إلى مصداقية العيّنات الفرنسية آنذاك، قبل أن يعيدها إلى الواجهة سياق الهجوم الديبلوماسي على سوريا وتقرير الاستخبارات الفرنسية، والحاجة الملحّة لحشد ما أمكن من البراهين والقرائن، كائنا ما كانت قيمتها العلمية، بغية مساعدة الرئيس فرنسوا هولاند في إشراك فرنسا في الحرب على سوريا.
وتعدّ النتائج المخبرية الفرنسية مؤشراً قوياً على الحاجة للمزيد من الوقت لتفحص العينات، وربما اضطرار الإدارات الأميركية والفرنسية، وكل العاملين على قرع طبول الحرب ضد دمشق، إلى انتظار أن تتوصل الأمم المتحدة إلى تفحّص العينات التي حصلت عليها.
وتنقل "السفير" عن الخبراء إنها تحتاج إلى ثلاثة أسابيع على الأقل للتأكد منها. وسيكون لذلك نتائج سياسية مهمة، إذا ما أعيد الإعتبار في النهاية لعمل الخبراء الدوليين، مع تعديل مهمتهم وتحويل البروتوكول من تحديد استخدام الكيميائي، إلى التحقيق والبحث عمن استخدمه في الغوطة. ويعد ذلك مخرجا مشرذفا لمن ذهبوا بعيدا في التهديد بالحرب من دون حسبان أكلافها، وردود الفعل عليها، وتهديدها امن إسرائيل، وتدفق النفط الذي تحرص عليه الولايات المتحدة.
وبقناعات متفاوتة بما عرضته الاستخبارات الفرنسية، يذهب البرلمانيون اليوم إلى جلسة نقاش، من دون تصويت، على قرار هولاند الاشتراك في الحرب على سورية إلى جانب الولايات المتحدة.
وشرح العسكريون انه من الصعب على القوات الفرنسية قيادة الحرب على جبهتين متباعدتين، في سوريا وفي منطقة الساحل الأفريقي، حيث لا تزال القوات الفرنسية تخوض عمليات ضد تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي». ويقول العسكريون إن الأولوية ينبغي أن تعطى لعملية «سرفال» في مالي، خصوصا ان «القاعدة» يقوم بالاستعداد لهجوم مضاد في منطقة الساحل، وفي جنوب ليبيا، وانه ينبغي عدم التورط في حرب ثانية قبل الانتهاء من العملية الحالية.
وشرح العسكريون أن الحرب على سورية ليست مجرد «ضربة» تنتهي بمجرد إسقاط الصواريخ على الأهداف المحددة، وأنّ أي عملية عسكرية من هذا النوع، حتى ولو كانت المشاركة الفرنسية ستقتصر على الرصد والمراقبة، تتطلب متابعة ورصداً لاحتمالات رد الفعل في المنطقة على الأهداف الفرنسية والصديقة المحتملة.
وقال العسكريون إن ما بعد الحرب على سوريا سيكون أخطر بكثير، وينبغي أن نتوقع تطورها وتوسعها بسرعة، ونتساءل عن قدرتنا الفعلية للمشاركة فيها بعد خروج بريطانيا. وتفرض مرحلة ما بعد الحرب، الإبقاء على حشد كبير من السفن والطائرات وقوات التدخل السريع، لحماية المصالح الفرنسية والصديقة من أي هجوم مضاد، وهي عملية لم يعد بوسع الأسطول الفرنسي في المتوسط، القيام بها.
................
15/5/13905
https://telegram.me/buratha