أكد بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الحكومة السورية بصدد النظر في جميع ما جاء في التقرير الجزئي الذي أصدرته الأمانة العامة للامم المتحدة بشأن الادعاءات المتصلة باستخدام السلاح الكيميائي في ريف دمشق بتاريخ 21 آب الماضي، موضحا أن الحكومة السورية لا ترغب باستباق الحكم على مضمون التقرير الجزئي قبل إجراء دراسة متأنية لتفاصيله.
وقال الجعفري في بيان سورية الذي ألقاه أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال استماعها إلى إحاطة مقدمة من الأمين العام بان كي مون حول تقرير بعثة الأمم المتحدة بشأن الاستخدام المزعوم للاسلحة الكيميائية في منطقة الغوطة بتاريخ 21 آب 2013: إن استنتاجات فريق التحقيق الجزئية التي خلصت إلى استخدام غاز السارين السام لم تضف أي جديد إلى ما كانت الحكومة السورية نفسها نبهت إليه عدة مرات منذ فترة طويلة، مشيرا إلى أن الحكومة السورية حذرت منذ بداية الأزمة من خطورة استخدام السلاح الكيميائي في سورية من قبل مجموعات ارهابية بعضها مرتبط بتنظيم القاعدة.
وأضاف الجعفري: لقد استمعنا اليوم إلى الإحاطة التي قدمها الأمين العام حول تقرير بعثة التحقيق بشأن الادعاءات المتصلة باستخدام السلاح الكيميائي في ريف دمشق بتاريخ 21/ آب/ 2013 وكنا نتمنى من الامانة العامة للامم المتحدة ان تنتظر انتهاء البعثة من تحقيقها في جميع الادعاءات التي نص عليها الاتفاق الموقع بينها وبين الحكومة السورية بتاريخ 15 اب 2013 وان تقدم تقريرا شاملا يحيط بكل الحوادث موضوع الاتفاق بما في ذلك طبعا استخدام السلاح الكيميائي في بلدة خان العسل بتاريخ 19/ 3 /2013.
وقال الجعفري: لقد تمنينا على الأمانة العامة ألا تكتفي بإصدار تقرير جزئي لأن من شأن ذلك التشويش على شمولية التحقيق وإرباك البعد العلمي المستقل والموضوعي والنزيه لهذا التحقيق الحساس وخدمة أجندات تدخلية لبعض الدول تسعى إلى تسييس التحقيق العلمي بغية شيطنة الحكومة السورية وتفريغ المعنى الايجابي لقرارها بالانضمام إلى منظمة حظر الاسلحة الكيميائية وتخريب المبادرة السورية الروسية بوضع مخزونات الأسلحة الكيميائية ومواقع انتاجها وتخزينها تحت رقابة منظمة حظر الاسلحة الكيميائية.
وأضاف الجعفري: لقد تضمن التقرير الجزئي الذي بين أيدينا كثيرا من التفاصيل الفنية والتي تتطلب دراسة دقيقة ومتمعنة وبالتالي فإن الحكومة السورية بصدد النظر في جميع ما جاء في التقرير الجزئي حسب وصف الأمانة العامة له ولا ترغب باستباق الحكم على مضمونه قبل إجراء دراسة متأنية بتفاصيله وندعو في هذا الصدد الجميع وخاصة الامانة العامة للامم المتحدة لتفادي الدخول في متاهة إصدار أحكام مسبقة على تقرير أرادته هي منذ البداية أن يكون جزئيا وليس شاملا واستعجلت اصداره تحت ضغوط سياسية هائلة مورست عليها كما قيل لنا قبل إصدار التقرير.
وأكد الجعفري أن الحكومة السورية هي من طلبت من الأمم المتحدة في الأساس كشف هوية منفذي الجريمة الشنيعة التي ارتكبت في خان العسل بتاريخ 19/ اذار /2013 إلا أن الامانة العامة وتحت ضغوط سياسية من قبل بعض الدول المتورطة في الازمة السورية أصرت على أن هذا الجانب من التحقيق ليس من اختصاص بعثة التحقيق والمفارقة هي اننا الآن نواجه اتهامات باطلة تصدرها عواصم نفس الدول المذكورة بناء على تاويلات وتفسيرات لم ترد أصلا في نص التقرير.
وتابع مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة: تتفق الحكومة السورية مع الرأي الذي عبر عنه الأمين العام من ادانة استخدام السلاح الكيميائي واعتباره جريمة بغيضة تخضع لمبدأ المساءلة ولكن هذا الرأي لا يجب أن يكون استنسابيا ومتسامحا مع حكومات الدول التي استجلبت ارهابيي العالم الى سورية ودربتهم في الدول المجاورة لسورية وزودتهم بالمال والسلاح بما في ذلك السلاح الكيميائي.
كما أشار إلى أن الحكومة السورية كانت ولا تزال حريصة على جعل منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل وهي القناعة التي عكستها سورية في كل المنتديات الاقليمية والدولية وسعت الى ترجمتها بقرارات من منظمات اقليمية ودولية إلا أنها اصطدمت على الدوام بموقف اسرائيل الرافض لهذا الهدف من خلال رفضها الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي والتصديق على اتفاقية حظر استحداث وصنع وتخزين الاسلحة الكيميائية وتدمير تلك الاسلحة لعام 1992.
وأضاف الجعفري: تاكيدا لتحقيق هذا الموقف فقد تقدمت سورية خلال عضويتها في مجلس الأمن في العام 2003 بمشروع قرار يهدف إلى إنشاء منطقة خالية من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط وهي المبادرة التي لم يكتب لها النجاح بسبب اعتراض الوفد الاميركي في مجلس الأمن آنذاك ومن المفيد أن نذكر في هذا الصدد أن الجمعية العامة تعتمد سنويا قرارا يتعلق بإنشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط .. قرار يطلب من الأمين العام تقديم تقرير حول تطبيق القرار المذكور إلا أن أحدا من الأمناء العامين للأمم المتحدة لم يقدم تقريره هذا إلى الجمعية العامة حول ذلك القرار على مدى عقود منذ ان اعتمدته الجمعية.
وقال الجعفري: منذ بداية الأزمة في سورية حذرت الحكومة السورية مرارا وتكرارا من خطورة استخدام السلاح الكيميائي في سورية من قبل مجموعات ارهابية بعضها مرتبط بتنظيم القاعدة وعبرت رسميا منذ كانون الاول 2012 عن تخوفها الجاد من قيام بعض الحكومات التي تدعم الارهاب والارهابيين في سورية بتقديم أسلحة كيميائية للمجموعات الارهابية المسلحة والادعاء لاحقا باستخدامها من قبل الحكومة السورية وهذه الرسالة موجودة في ارشيف مجلس الامن والجمعية العامة وتاريخها 8/ 12 /2012/ كما نبهت الى أن التعامل مع هذا الموضوع بشكل مسيس وغير مسؤول قد يترتب عليه تداعيات خطيرة ليس فقط في سورية وانما على منطقتنا برمتها علاوة على ان التغاضي عن هذه المسالة يطرح سؤالا عن هوية المستفيد من إثارتها ومن ارتكاب هذه الجرائم المدانة في كل المعايير.
وأضاف الجعفري: إن إثارة ملف ما يسمى بـ “الأسلحة الكيميائية في سورية” يهدف إلى تقويض حظوظ انعقاد ونجاح مؤتمر جنيف 2 الذي يؤيده الامين العام والمضي قدما في خيار العدوان العسكري واوهام تغيير الحكم في سورية من خلال ذلك كما ياتي هذا بعد التقدم الواضح للجيش السوري في التصدي للارهاب الدولي المسلح فوق اراضي الجمهورية العربية السورية.
وقال الجعفري إن الحكومة السورية وجهت بتاريخ 8 كانون الاول 2012 رسالة الى كل من الامين العام ورئيس الجمعية العامة تحذر فيها من قيام المجموعات الارهابية باللجوء الى استخدام السلاح الكيميائي ضد ابناء الشعب السوري وتستهجن عدم تحرك المجتمع الدولي لمعالجة تطورات الوضع بعد سيطرة المجموعات الارهابية المسلحة مؤخرا على معمل خاص بتصنيع مادة الكلور السامة شرق مدينة حلب مشيرا الى ان هذه الرسالة وجهت قبل 4 اشهر من تاريخ تقديم مزاعم وادعاءات مغرضة من قبل وفود كل من فرنسا وبريطانيا يتهمان فيها الحكومة السورية باستخدام السلاح الكيميائي زورا وبهتانا واعادت سورية التاكيد على خطر استمرار التغاضي عن هذا الموضوع في رسالتها الموجهة الى الامين العام ورئيس مجلس الامن بتاريخ 19/ 3 /2013 اثر الهجوم الذي قامت المجموعات الارهابية المسلحة بتنفيذه مستخدمة صاروخا يحتوي على مواد كيميائية.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إن استنتاجات فريق التحقيق الجزئية التي خلصت الى استخدام غاز السارين السام لم تضف أي جديد الى ما كانت الحكومة السورية نفسها قد نبهت إليه عدة مرات منذ فترة طويلة وهذا ما يؤكد ما ذهبت اليه الحكومة السورية قبل بدء عمل لجنة التحقيق بعدة اشهر ونذكر في هذا الصدد بالعديد من التقارير التي تؤكد لجوء المجموعات الارهابية في سورية لاستخدام غاز السارين ومنها.. اعتقال السلطات التركية خلال شهر ايار 2013 لـ 12 ارهابيا بحوزتهم كيلوغرامان من غاز السارين كانوا قد نقلوه معهم من ليبيا على متن طائرة مدنية لافتا الى ان وسائل الاعلام اشارت اليوم إلى أن المحاكم التركية أصدرت حكمها بسجن هؤلاء الارهابيين علما أن تهريب أي نوع من السلاح من ليبيا الى سورية يتم في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الامن ذات الصلة وخاصة القراران 1970 و1973 اللذان اعتمدا بموجب الفصل السابع.
وأضاف الجعفري إن تقرير لجنة الخبراء المعنيين بتنفيذ القرار 1973 والصادر بتاريخ 9/ اذار/ 2013 اكد وجود تهريب للسلاح الليبي عبر كل من تركيا ولبنان ومع ذلك لم نسمع عن اي متابعة جدية لهذه المسألة الهامة لا من قبل الامانة العامة ولامن قبل مجلس الأمن.
وأشار الجعفري إلى التقارير حول تصنيع ارهابيي جبهة النصرة للسلاح الكيميائي في مخبر سري في العراق ليصار بعدها لتسليم تلك الاسلحة القذرة لعناصر الارهاب في سورية والتقارير والوثائق التي سلمتها الصحفية الروسية انستازيا بوبوفا للامانة العامة حول مشاهداتها في منطقة خان العسل يوم حصول الاعتداء على تلك البلدة والتي تفيد باستخدام المجموعات الارهابية للسلاح الكيميائي ضد الجيش العربي السوري والمدنيين في تلك البلدة اضافة الى تقارير تفيد بتورط ضابطين قطريين في نقل المواد الكيميائية السامة التي استخدمت في خان العسل الى المجموعات الارهابية المسلحة التي تولت تنفيذ العملية وذلك عبر الاراضي التركية وبعلم من سلطات انقرة وهما الرائد فهد سعيد الهاجري والنقيب فالح بن خالد التميمي.
كما ذكر الجعفري بالتقرير الذي نشرته الصحفية ديل غافلاك من وكالة الاسوشييتد برس الاميركية عن استخدام المجموعات الارهابية للسلاح الكيميائي في الغوطة بتاريخ 21/ اب/ 2013 وهو التقرير الذي اتهم فيه اهالي المنطقة السعودية وبالتحديد بندر بن سلطان مدير المخابرات السعودية بتزويد الارهابيين بالمواد الكيميائية التي اسخدمت في تلك الجريمة النكراء.
كما أشار الجعفري إلى ما قاله كل من البلجيكي بيير بيشينين والصحفي الايطالي دومينيكو كويريس واللذان كان مختطفين لدى المجموعات الارهابية في سورية واكدا سماعهما لعناصر تلك المجموعات نيتهم استخدام المواد الكيميائية ضد المدنيين في الغوطة حيث اكد بيشينين البلجيكي في مقابلة له مع اذاعة (ار تي ال) البلجيكية ان واجبه الاخلاقي يحتم عليه ان يقول.. “ان حكومة الرئيس بشار الأسد لم تستخدم غاز السارين في ضواحي دمشق”.
ولفت الجعفري إلى الوثيقة السرية للاستخبارات الاميركية التي نشرها موقع (دبليو ان دي) الاميركي والتي تقول ان عناصر من جبهة النصرة حصلت على غاز السارين من خلال تنظيم القاعدة في العراق عبر تركيا وان غاز السارين وجد لدى عدد من افراد تلك المجموعات الارهابية في مناطق جنوب تركيا موضحا أن كل تلك التقارير لم تلقى اي انتباه ولم تحظى بأي متابعة من الامانة العامة أو من بعثة التحقيق.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة.. لقد كان تعاملنا مع الأمانة العامة صادقا وواضحا منذ البداية حيث طلبنا أن يتم التحقيق في حادثة خان العسل التي اتهمت الحكومة السورية أساسا بارتكابها بالرغم من أن الهجوم في خان العسل استهدف أساسا أفرادا في الجيش العربي السوري كما تعاملت الحكومة السورية بنفس الايجابية مع طلب الامانة العامة توسيع نطاق عمل البعثة ليشمل التحقيق في حادثة 21/ اب/ 2013 حيث تم التوصل الى اتفاق بهذا الشان بين الحكومة والبعثة خلال أقل من 48 ساعة من الحادثة إلا أن الحكومة السورية لم تتوقع ان يقتصر نطاق عمل البعثة على تلك الحادثة بعينها مع إهمال التحقيق في الحوادث الأخرى المميتة أيضا بما فيها تلك الحوادث التي حصلت بتاريخ 22 و24 و25 آب والتي تعرض فيها عناصر من الجيش السوري إلى هجمات بغازات سامة وتم الطلب من الامانة العامة وبعثة التحقيق النظر فيها ولم تتم تلبية هذا الطلب.
وأضاف الجعفري… انطلاقا من قناعتنا بأن استخدام أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الكيميائية أمر مرفوض وغير أخلاقي ومدان وفي ضوء التطورات الاخيرة وحرصا من الحكومة السورية على أمن سورية ومواطنيها فقد استجابت للمبادرة الروسية المتمثلة بالانضمام إلى اتفاقية حظر استحداث وصنع وتخزين واستخدام الاسلحة الكيميائية وتدمير تلك الاسلحة للعام 1992 وذلك بقرار صدر بموجب مرسوم تشريعي عن السيد الرئيس بشار الأسد.
ولفت الجعفري إلى أن سورية كانت قد انضمت لبروتوكول جنيف للعام 1925 حتى قبل الولايات المتحدة وقبل اسرائيل التي تشكل أسلحتها النووية العقبة الرئيسية أمام إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل كافة.
وأكد الجعفري أن الحكومة السورية مستعدة للالتزام بالتعاون مع منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في تنفيذ احكام الاتفاقية وأنها مستعدة لأن تكشف للمنظمة عن كل مخزونات الاسلحة الكيميائية ومكوناتها الأولية ومواقع انتاجها وتخزينها وذلك وفقا للتطبيق المؤقت للاتفاقية قبل دخولها حيز النفاذ بالنسبة لسورية.
وأضاف الجعفري إن سورية أعربت عن ترحيبها واستعدادها لاستقبال وفد تقني من المنظمة على الفور للمساعدة في اعداد البيانات والاعلانات المنصوص عليها في الاتفاقية.
وختم الجعفري بالقول إن الأمين العام للأمم المتحدة تطرق في إحاطته إلى أن استخدام السلاح الكيميائي بتاريخ 21/ آب/ 2013 هو أول استخدام للسلاح الكيميائي منذ استخدامه في حلبجة بالعراق وهذا الحديث غير دقيق لأن السلاح الكيميائي استخدم في العراق نفسه في الفلوجة وغيرها وقضى جراء ذلك عشرات الآلاف من العراقيين ولكن ما هو أهم من ذلك هو أن الدول الغربية التي استخدمت أسلحة الدمار الشامل في ليبيا وفيتنام واثيوبيا لم يتم الحديث عنها.
14/5/13918
https://telegram.me/buratha