ارتفعت سحب الدخان بشكل كثيف فوق ساحات جبهة «يبرود» ومحيطها، من القسطل إلى السحل فمزارع ريما، وصولاً إلى أطراف يبرود الشمالية، كانت قوات الجيش السوري تتقدم بثبات، ممهدة لعملياتها بقصف عنيف من راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة وغارات سلاح الجو.
منذ يومين، تكثفت العمليات بشكل غير مسبوق في المنطقة، فيما بقي السؤال جاثماً بقوة على صدور «مقاتلي المعارضة» وكأنهم لا يصدقون أن آوان معركة «يبرود» قد حان، متسائلين إن كان الجيش السوري جدي بعمليته العسكرية أو يقوم بالتمويه ليستهدف منطقة أخرى، ولعلهم يستندون في استنتاجاتهم على «اتفاقيات الهدنة» التي كانت موضوعة سابقاً، والتي اسقطها المسلحون انفسهم حين استهدفوا الأوتوستراد الدولي محاولين التمدد خارج يبرود، وتحصنوا بعدها في منطقة المزارع في محاولة منهم لوقف تقدم وحدات الجيش السوري التي أنجزت السيطرة على مدينة النبك في وقت سابق.
توحيد الكتائب والفصائل العاملة في يبرود تحت مظلة غرفة عمليات واحدة لم يقدم للمسلحين أية أفضلية حتى الساعة، وهجماتهم الاستباقية التي شنوها على مواقع الجيش السوري التي تحاصرهم، باءت بالفشل، وسمحت لوحدات الجيش السوري بالتقدم بعد صد الهجمات داخل منطقة ريما وسيطرت على كتل واسعة منها، أهمها تلة «الكويتي»، التي تشرف على كافة نقاط المنطقة بشكل استراتيجي فعال.
الجيش السوري الذي انجزت كتائبه انتشارها في محيط يبرود منذ مدة، بدأت مدرعاته بالتحرك في عمق المنطقة المحيطة بيبرود، ونفذت وحداته عمليات سيطرة في محيط بلدة القسطل، لجهة بلدة يبرود، وسيطرت بالنار من محيط القسطل على أطراف يبرود، وسط تقهقر للمجموعات المسلحة التي حاولت صد عملية التقدم، بعد تكبدها خسائر عدة واصابة محمولتي سلاح ثقيل، ومقتل وجرح عدد من عناصرها.
يذكر أن الجيش السوري لا يحتاج إلى تعزيزات عسكرية لبدء أي عملية تستهدف مدينة «يبرود» خاصة مع وجود الكتائب الخاصة العاملة في المنطقة والتي تقع في نطاق عملياتها، كالكتيبة ٢٣ دفاع جوي، والكتائب التابعة للفرقة الثالثة، بالإضافة إلى كتائب المدرعات والصواريخ التي تمركزت في محيط الأوتوستراد الدولي منذ مدة طويلة، لكونه يقع على مسافة غير بعيدة عن الحدود اللبنانية.
لكن يبدو أن الجيش السوري يعتزم حسم معركة يبرود بشكل سريع في حال مواصلة العمليات فيها، لذلك دعمت الوحدات المقاتلة في تلك الجبهة بكتيبة مغاوير وكتيبة مهام خاصة، وكتائب متنوعة من الدفاع الجوي والمدرعات في الفرقتين الثالثة والرابعة، بإسناد من ألوية الدفاع الوطني في المنطقة ووحدات الدفاع.
الوضع الميداني شهد منذ صباح اليوم تطورات متلاحقة، حيث استهدفت مدفعية الجيش السوري ووحدات الصواريخ مدينة يبرود وكافة مواقع المسلحين في محيطها بقصف مركز ومتواصل، كان أعنفه على منطقة رأس العين المتصلة بيبرود وصولاً إلى أطراف رأس المعرة لقطع الطريق بين يبرود والجرود الممتدة باتجاه الحدود اللبنانية، كما استهدف القصف المركز كل من بخعا (الصرخة) وحوش عرب وعسال الورد ليغطي حزام النيران كافة محاور القلمون، خاصة مع تواصل العمليات في كل من مضايا والزبداني ووادي بردى.
وحدات الجيش السوري التي تقدمت لتسيطر على التلال المجاورة لبلدة القسطل، تعاملت بالنار مع دفاعات المسلحين، مفسحة في المجال لعملية التفافية من الجهة الشمالية (السحل) نفذتها وحدات قتالية خاصة، تغلغت بشكل سريع ومفاجئ في أطراف يبرود ومسيطرة مع نهاية ليل الخميس على مواقع دفاعية للمسلحين الذين تراجعوا الى عمق البلدة.
المصادر الميدانية أكدت تقدم وحدات الجيش السوري على أكثر من محور، وسط حالة من الإرباك في صفوف المسلحين، وأكدت المصادر أن عمليات وحدات المهام الخاصة في الجيش ووحدات الدفاع كان لها الأثر الكبير في تسريع وتيرة التقدم، من خلال استهدافها لخطوط المسلحين الخلفية، بالكمائن والعبوات. الأمر الذي تسبب بحالات فرار لبعضهم باتجاه الحدود اللبنانية.
اللافت اليوم أنه وقبل نهاية وحسم معركة يبرود، وعلى غير عادة الناشطين المعارضين، بدأت عملية «التخوين» والاتهامات في صفوفهم، حيث ادعى ناشطون مؤيدون لجبهة النصرة، أن هناك فصائل عسكرية باعت الجبهة في منطقة القلمون وبالتحديد في يبرود، متهمين تلك الفصائل بالتنسيق مع الجيش السوري لإخراج النصرة من المنطقة.
2/5/140201
https://telegram.me/buratha