~بعد مرور أكثر من خمسة عشر يوماً على بدء المعركة في منطقة يبرود في القلمون، أحرز الجيش السوري أمس تقدّماً نوعياً، حيث استطاع السيطرة ليل أمس على بلدة السحل الاستراتيجية، بعدما تقدّم فيها خلال الايام الماضية، إضافة الى سيطرته على مرتفع الكويتي المطلّ على يبرود. ومن خلال السيطرة على بلدة السحل المطلّة على مزارع ريما من جهة، والتي تحدّها بلدة فليطا غرباً من جهة أخرى، يكون الجيش قد تمكن من تقطيع أوصال إضافية في منطقة القلمون، وقضم مساحات إضافية محيطة بيبرود، تمهيداً لعزلها تماماً لاحقاً.
ودارت في اليومين الماضيين معارك عنيفة بين الجيش والمسلّحين، لا سيّما من «جبهة النصرة»، في محيط يبرود. فمنذ فجر أول من أمس، شنّت الطائرات الحربية غارات جوية على مقار المسلّحين، في وقت اندلعت فيه المواجهات. وتمكّن الجيش من السيطرة على مرتفع الكويتي المطلّ على بلدة يبرود، بعد مواجهات عنيفة مع المسلّحين في محيط تلك المنطقة.
وبحسب مصادر ميدانية، كانت المعارضة المسلّحة قد حشدت قواها على هذا المرتفع الذي يعدّ واحداً من مرتفعين يمكن المسيطر عليهما كشف منطقة يبرود على نحوٍ كامل، قبل بدء معركة يبرود قبل أقلّ من شهر، وذلك لمنع الجيش من الاستفادة من أهمية هذا الموقع في المواجهات التي تشهدها يبرود ومزارع ريما ومنطقة السحل. إلّا أن «المسلّحين لم يتمكّنوا من الصمود في مواجهة ضربات المدفعية، وزحف المدرّعات المتواصل في اتجاه تلك التلّة»، بحسب مصدر عسكري ميداني لـ«الأخبار».
وأضاف المصدر: «بعد خسارة المسلّحين لهذا الموقع النوعي، يمكن القول ببدء مرحلة التقدّم بعمق شاسع، وعلى نحوٍ متسارع، بعدما كان يحسب بالأمتار ومئات الأمتار». ويلفت المصدر إلى أنّ الصواريخ المضادة للدروع، التي كانت في حوزة المسلّحين، ساهمت في جعل المشهد يراوح مكانه على مدى أيام خلال الشهر الماضي.
و«لكن الجغرافيا أصبحت تقف في مواجهة تلك الأسلحة، بعد السيطرة على مرتفع الكويتي». إلى ذلك، أفادت مصادر عسكرية عن مقتل أكثر من 30 مسلّحاً، أول من أمس، حاولوا التسلّل من منطقة عسال الورد إلى مزارع ريما التي عزّز الجيش تقدّمه فيها وفي منطقة السحل المجاورة. وجاء القضاء على هذه المجموعة بحسب المصادر ذاتها في إطار «حرب الكمائن» التي باتت الطريقة الأنجح في القضاء على المسلّحين أثناء تنقّلاتهم، بحسب مصدر ميداني. وغصّت المستشفيات في بلدة عرسال اللبنانية بعدد كبير من الجرحى الذين نقلوا إثر المعارك العنيفة التي شهدها محيط يبرود خلال اليومين الماضيين.
مسلّحو «النصرة» يخرقون تسوية اليرموك
على صعيد آخر، خرق مسلّحو «جبهة النصرة» فجر أمس تسوية مخيم اليرموك، بعدما شنّوا هجوماً على الأحياء الجنوبية منه. وتسلّلت صباح أمس أعداد كبيرة من مقاتلي «النصرة» إلى الأحياء الجنوبية من المخيم، عند نهاية شارع الثلاثين بالقرب من مشحم عامر، وانسحب إثر ذلك عناصر تجمّع أبناء اليرموك والقوة الفلسطينية المشتركة إلى منطقة مجاورة، ووقع بعضهم في حصار عناصر «النصرة» بالقرب من مشحم التقيّ في الحي ذاته. وظهر أمس توغّل المسلّحون في شارع اليرموك في اتجاه ساحة الريجي، ونصبوا حواجز لهم في شارع اليرموك، وتمرّكز قنّاصتهم على أسطح المباني، فيما خلت الشوارع من المارّة وتواصل انسحاب مقاتلي تجمّع أبناء اليرموك والقوّة الفلسطينية المشتركة، في خطوة «ضبط نفس»، بحسب مصدر مسؤول في القوة الفلسطينية المشتركة، الذي قال لـ«الأخبار»: «نتجنّب حتّى الآن أي رد فعل عسكري، لكي لا نستنفد إمكانيات الاتصال المباشر مع جبهة النصرة، من خلال المسلّحين الفلسطينيين، لثنيها عن خطوتها. فجهودنا تنصبّ الآن على منع فشل المبادرة الفلسطينية».
وفور وقوع الحادثة، أعلن المسؤول الإعلامي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــ القيادة العامة» أنور رجا توقّف دخول المساعدات وإخراج المرضى، نتيجةً لدخول عناصر «النصرة» التي أعلنت، في بيان لها نشر على «فايسبوك»، أن خطوتها جاءت «نظراً للخروقات الكثيرة التي ارتكبها النظام النصيري والقيادة العامة»، وهي بحسب البيان: عدم انسحاب الجيش والقيادة العامة من الأماكن المتفق عليها، وعدم الالتزام بجعل المخيم منطقة معزولة من السلاح، وتأخير عودة الأهالي، وعدم تأهيل البنى التحتية، و«اعتقال عشرات المدنيين» أثناء إدخال المساعدات، وإدخال سلات غذائية عددها قليل جداً»، ودخول «شخصيات تشبيحية» إلى المخيم.
وأثار اقتحام «جبهة النصرة» مخيّم اليرموك تشاؤم الفصائل. مسؤول في «جبهة النضال الشعبي» الفلسطينية قال لـ«الأخبار»: «الكل يعلم أن لا صحة لمزاعم جبهة النصرة، فقد كانت التسوية جارية على قدم وساق، وهذا بالذات ما ساء الجبهة التي كانت تعوّل على فشل التسوية، ولمّا تقدّمت التسوية اضطرت إلى التدخل مباشرةً لإفشالها»، الأمر الذي يعزّز الفكرة التي تقول بعدم جدية «النصرة» في الانسحاب من المخيّم. ويضيف المسؤول: «عندما انسحبت النصرة في وقت سابق، كانت تراوغ للتهرب من مسؤوليتها في الوضع الإنساني المتأزّم في مخيّم اليرموك. واليوم، بعد تحسّن الوضع الإنساني قليلاً، عادت لتضع عصيّها في عجلات التسوية».
وفي ما يتعلّق بالتسويات الجارية في عدد من المناطق في ريف دمشق، قالت مصادر من مضايا، في ريف دمشق الشمالي الغربي، أمس لـ«الأخبار» إنه جرى الاتفاق على كلّ بنود التسوية في البلدة، وجرى توقيعها بين الجيش السوري ووجهاء مضايا، وسيجري الإعلان عنها في حفل جماهيري في البلدة سيجمع الجيش السوري مع المسلّحين والأهالي، يجري الإعداد له خلال الـ48 ساعة المقبلة.
https://telegram.me/buratha