بدأت عملية اقتحام يبرود بشكل مختلف تماماً عن عمليات اقتحام البلدات والمدن القلمونية الأخرى، حيث تم احكام الطوق على المدينة من مختلف الجهات باستثناء ممرات صغيرة منظورة ومتروكة كالعادة لمن يتخذ الليل جملاً، وهم كُثر في حالة يبرود التي طُبل وزُمِرَ للقتال فيها حتى آخر رمق، حتى حان أوان المعركة الفاصلة، فبدأ الجمع بالتفرق تحت حجج شتى، وأعذار متعددة.
عملية الاقتحام سبقت موعد الهجوم بليلة أو يزيد، حيث تموضعت قوات خاصة من الجيش السوري ووحدات الدفاع، بعد تسللها بشكل مدروس وهادئ في نقاط حساسة واستراتيجية على مداخل البلدة، بعض المجموعات اختارت مواقع خلف خطوط التماس المباشرة مع المسلحين، بينما توزعت مجموعات أخرى تحت «أنف» مقاتلي المعارضة على أقرب المحاور الى قلب المدينة، اختارت المجموعات الخاصة الجهة الشرقية والشمالية نطاقاً لعملية التسلل والتموضع، فيما كانت وحدات الاقتحام تتمركز على بعض أمتار من نقطة إنطلاق الهجوم من الجهة الشرقية، وسلاح «النيران» بكافة أنواعه جاهز للإسناد، صواريخ، مدفعية، طائرات، ومدرعات تنتشر على التلال المحيطة بالمدينة وفوهات مدافعها مسلطة على إحداثيات محددة سلفاً.
كانت الخطة تقتضي توازي العمليات بشكل شديد الحساسية ويتطلب تنسيقاً عالياً بين وحدات الهجوم ووحدات الإطباق من الخلف بالإضافة للغطاء الناري الكثيف الذي سيرافق العملية، وكان هناك الكثير من الحذر منعاً لإنكشاف وحدات الإطباق التي يعول عليها كثيراً في ضرب دفاعات المسلحين خصوصاً عند بدء الهجوم واندفاع مجموعات المقاتلين من داخل المدينة لمساندة رفاقهم على محاور الاشتباك.
مجموعات الإطباق المتسللة في العمق، وصلت الى نقاط ومراكز أبعد مما كان متوقعاً، وكان هذا أحد المؤشرات على وجود تسرب كبير للمسلحين خارج يبرود، وأرسلت مؤكدة تهاوي دفاعاتهم قبل بدء العملية، إحدى المجموعات تسنى لها الوصول الى المدخل الغربي والإطلالة على أحد الحواجز المنصوبة على المداخل المؤدية الى قرى القلمون التي لا تزال خاضعة لسيطرة المسلحين، ورصدت بالعين المجردة، اشتباكات بين عناصر النصرة المتواجدين على الحاجز وبين سيارات تقل مسلحين حاولت الفرار من داخل المدينة.
وقد راعت قيادة العمليات في خطتها للهجوم، مسألة التوقيت، وبعد دراسة للعديد من عمليات الهجوم ومواقيتها، خاصة هجوم السيطرة على الجراجير والسحل ومزارع ريما، تم اختيار موعد صباحي مختلف تماماً عن المواعيد السابقة، بدأت فيه راجمات الصواريخ بإطلاق «نفير المعركة»، لتهطل مئات الصواريخ دفعة واحدة على مواقع محددة ومراكز تخزين السلاح والإمدادات وحتى الطرق التي يسلكها المسلحون للوصول الى محاورهم، يرافقها قصف مدفعي عنيف من العيارات الثقيلة، والمدافع الرشاشة ومدافع الدبابات المصوبة نحو اهدافها في حركة نيران لم تشهدها جبهة يبرود من قبل.
مجموعات الإطباق بدأت عملها فور انطلاق الصواريخ الى اهدافها، مستهدفة كافة نقاط التموضع المخصصة للمسلحين خلف المحاور الشرقية، موقعة إياهم بين فكي نيران لا يرحم، مع اندفاعة قوات الاقتحام المرابطة على الخطوط الأولى لجهة مزارع ريما، وكان التقدم سريعاً، وانهيار الدفاعات اسرع بكثير من المتوقع، وفوجئت مجموعة الإطباق المرابطة في الخطوط الخلفية بأعداد المسلحين الهاربين من المحاور وبدأت التعامل معها، موقعة في صفوفها خسائر فادحة في العديد والعتاد.
دخلت مجموعات الاقتحام الراجلة أطراف الحارة الشرقية وسريعاً قامت بعملية تثبيت النقاط فيها، وبعد قتال مع من تبقى من المسلحين بدأت الوحدات المتقدمة عملية التمشيط التي استمرت طوال ساعات النهار وبعد الظهر تم خلالها القضاء على عشرات المسلحين الذين ملأت جثثهم الشوارع ومحيط الأبنية التي جرى القتال حولها، ومع سيطرة الجيش السوري على كتل سكنية متقدمة في عمق الحارة الشرقية، بدأ دخول المدرعات بشكل كثيف وجرت عمليات اقتحام في محيط المشفى ومعمل المتة قبل أن يسيطر الجيش عليها، فارضاً سيطرته على الحارة الشرقية بشكل كامل.
العمليات في الحارة الشرقية ترافقت مع عمليات قتالية جرت على آطراف الجهة الشمالية الشرقية، وتقدمت خلالها وحدات الجيش السوري إلى الأمام بشكل أقل سرعة من الجهة الشرقية، وشكل تقدمها عملية اشغال محققة للمجموعات المسلحة التي وبسبب النقص في عدد المقاتلين بشكل مفاجئ على المحاور، بدأت بطلب الإسناد من المقاتلين خارج مدينة يبرود، وكان أهمها النداء الذي وجهته جبهة «النصرة» لمجموعات «جيش الإسلام» المتواجدة في جبهة «الرحيبة»، ولكنها لم تتجاوب على الإطلاق.
9/5/1403015 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha