أكد مسؤول سوري بارز حصول زيارات أمنية من مستويات رفيعة من الدول الاوروبية واليها، في اطار محاولات اوروبية منفردة لـ«جذب» سوريا إلى بعض أشكال التعاون الامني الاستخباري، في ظل التحدي الذي يشكله التطرف لهذه الدول، والذي يعتبر الصراع في سوريا موّلده الرئيسي.
ونشرت مصادر اعلامية الخاصة خبراً تمّ تداوله منذ أيام عدة عن زيارة مسؤول أمني رفيع إلى إيطاليا، هو مدير إدارة المخابرات العامة اللواء ديب زيتون، يرافقه عدد من الضباط، وذلك في زيارة استمرت يومين دون حصول الجريدة القريبة من الحكومة على تأكيد أو نفي رسمي، مشيرة إلى أن المسؤول الامني التقى في روما نظيره الإيطالي وعددا من المسؤولين الأمنيين.
وأوضحت أن «طائرة خاصة حكومية إيطالية أقلت الوفد السوري من وإلى مطار بيروت».
وأكد مسؤول سوري بارز أنه «لا جديد في هذا الخبر»، مؤكداً أن زيارات كثيرة حدثت قبل ذلك في الاتجاهين «من وإلى سوريا» لمناقشة أمر واحد «وهو التعاون الامني الاستخباري». وتفهم دمشق تماماً التحدي الذي تُشكله التشكيلات المسلحة التي انبثقت عن الصراع في سوريا في تجمعاتها، وفي خلاياها النائمة على حد سواء بالنسبة لأوروبا.
كما يتعاظم هذا التحدي مع موجات اللاجئين التي تعدت ثلاثة ملايين لاجئ ومهاجر، دفعت بمعظمهم تركيا عبر البحر والحدود الاوروبية دون وثائق أو أوراق ثبوتية (تقدر وسائل الإعلام عددهم بالمليون بميزانية تهريب وصلت حدود ثلاثة مليارات دولار)، ما وسّع من الفجوة المعلوماتية التي تشعر بها أوروبا اساساً، وعقّد موقفها التفاوضي مع أنقرة، والتي كانت سياستها في سوريا من أهم عوامل استعار الحرب وتعديها بُعدَها الداخلي.
ووفقاً للمصدر، «فإن هذا الوجع، لم يعد يقتصر على بلد واحد» في اوروبا، وأن دولاً كثيرة بينها «اسبانيا وبلجيكا وألمانيا واليونان وبلغاريا وبعض الدول الاسكندنافية» دخلت، «وإن بخجل في سياق هذا التوجه»، علماً أن ثمة دولا كانت أكثر جرأة كتشيكيا، التي أبقت على علاقاتها الديبلوماسية مع دمشق، رغم معارضة باقي دول الاتحاد الاوروبي لذلك سابقاً، ودعت نائب وزير الخارجية فيصل المقداد لزيارتها في وقت سابق من هذا العام.
واستفادت دمشق من وجود توجهات سياسية يمينية في براغ تنظر إلى التحديات الديموغرافية التي تثيرها الحرب السورية بعين الريبة والقلق.
ويعتقد ديبلوماسيون أن حمى اليمين الصاعد في اوروبا، يمكن أن تترك أثرها من هذه الناحية على العزلة المطبقة سياسياً على مسؤولي العاصمة السورية، والأذرع المفتوحة المرغوبة أمنياً من الناحية المعاكسة.
كما أن حالة الشك الطاغية على العلاقة مع تركيا، وتعمدها «إغراق أوروبا» باللاجئين لتحسين موقفها التفاوضي في محادثات الشراكة الاوروبية، دفع بلدانا كثيرة لمحاولة إحداث اختراقات على هذا الصعيد، تمثلت بجهود برلمانية ينتظر أن تتكثف في الخريف المقبل وتشمل دولاً جديدة.
ويشكل العامل التركي إحدى كبرى العقد بالنسبة لدمشق التي تنظر إلى نظام الحكم في انقرة على أنه «العدو الأكبر»، متمثلاً بشكل اساسي بالرئيس رجب طيب أردوغان، علماً أن مؤشرات «إعادة تموضع» في موقف هذا النظام من الحرب السورية، بدأت تصل عاصمة الأمويين، عبر الحليف الروسي، والذي نقل لدمشق رغبة الحكومة التركية في «ايجاد تسوية سريعة» للحرب في سوريا.
ويتمايز موقفَا أردوغان ورئيس حكومته الجديد بن علي يلديريم ظاهرياً، لا سيما في ضوء إشارة الاخير منذ ايام إلى امكانية أن تعود «الأيام الجميلة» مع نهاية الحرب السورية، في انتقاد اعتبره مراقبون في دمشق «تلميحاً ضمنياً» ربما لتحميل حكم سلفه أحمد داوود أوغلو، مسؤولية «الخراب العام في السياسة الاقليمية التركية».
لكن بانتظار أن تصدق هذه المؤشرات أو تخيب، ستزداد رغبة الاوروبيين في تعزيز الخلفيات الأمنية لبلدانهم، وذلك عبر تعزيز الاتصال مع «بنوك المعلومات» في دمشق، والتي لا تقتصر على التهديدات الأمنية المحتملة، وإنما على قطاعات واسعة من السوريين استوطنت أوروبا لجوءاً أو بغير السبل.
ووفقاً للمسؤول السوري فإن «على اوروبا أن تتحلى بجرأة أكبر «بمواجهة هذه القضية، علماً أن الجانب السوري في محادثاته، يصر، دون اي تراجع، على موقفه من «ربط المحادثات الأمنية بتقدم التنسيق السياسي والديبلوماسي»، منوهاً إلى أن «التعاون الديبلوماسي السياسي هو الذي سيفتح أبواب التنسيق الأخرى وليس العكس».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد انتقد منذ ايام، خلال لقاء صحافي، رغبة الدول الغربية بفتح قنوات سرية للتعاون الاستخباري من جهة، وانتقادهم الحكومة علناً من جهة أخرى.
https://telegram.me/buratha