سوريا - لبنان - فلسطين

سوريا.. من المنتصر؟!

1399 2019-01-25

 

في حروب عصر ما قبل التكنلوجيا والإنترنيت, كان يسهل تحديد من هو المنتصر في النزاعات, فالنتائج واضحة ولا تحتاج لتوضيح, والمهزوم يقبل بشروط المنتصر.. اليوم ومع كل هذا التداخل في النتائج, لم يعد تحديد المنتصر بهذه السهولة مطلقا. 

عندما بدأت "الحرب السورية" عام 2011, لم تكن حربا داخلية بالمعنى أو الصورة التي وصلتها لاحقا.. فقد بدأت بتظاهرات صغيرة وخجولة هنا أو هناك, وفي مدن بعيدة عن العاصمة, عرفت بوجود معروف للتيار السلفي فيها, لكن تلك التظاهرات صبغت بصورة مدنية تطالب بالحرية والديمقراطية لاحقا.. ساعد على كسبها التأييد, ما نقل عن قسوة النظام وتعسفه في الحكم, وسوء الحالة المعيشية للناس. 

تطورت تلك الحرب بعد مرور عام أو أكثر, لتصبح حربا داخلية أهلية واضحة, كان اللاعب الأبرز فيها إقليميا.. وبرزت فصائل وأجنحة متعددة, من أقصى اليمين المتطرف, لأقصى اليسار المتفق مع الغرب وتوجهاته, وكادت الفصائل المسلحة أن تطيح بالنظام, بعد أن إستولت على مدن سورية كبرى, وأصبحت على مرمى حجر من دمشق عاصمة البلاد. 

كان للتدخل الإيراني ودعم بعض الفصائل الشيعية, خصوصا بعد تهديد فصائل سلفية مدعومة من دول خليجية, بتهديم قبر السيدة زينب بنت علي, عليهما وألهما السلام, إبنة رابع الخلفاء الراشدين, وأبو الأئمة الإثنا عشر عند الشيعة, وهو واحد من أهم المراقد المقدسة لدى الشيعة, دورا في إعطاء الصراع بعدا طائفيا.. لكن هذا التدخل, كان لحظة فاصلة في إيقاف إنهيار النظام السوري. 

كبرت اللعبة بعد ذلك, حينما تدخلت روسيا وبشكل مباشر, في قبالة تدخل معتاد أمريكيا وغير مباشر, عن طريق وكلاء وعملاء, فكادت أن تصبح حربا عالمية بالوكالة.. لكن تدخل روسيا, كان لإثبات الوجود, وإستعادة المكانة والنفوذ عالميا, وإستعراض عضلات رهيب.. تصاغرت معه كل قوى الدعم الإقليمية والتمويل والتسليح الجانبي, حتى الأمريكي منها. 

نجح الدعم الروسي, في منح نظام الحكم في سوريا اليد العليا في الصراع بشكل واضح, فأستعاد النظام المدن الكبرى, وصارت له الأفضلية في أي مفاوضات تعقد, وساعده على ذلك, ما حصل بين قطر ودول الخليج, وتراجع الدور السعودي لإنشغالها بقضايا داخلية, تخص ولاية العهد وطريقة إدارة محمد بن سلمان للحكم.. فصار النظام يفرض شروطه, وتكاد قوى المعارضة تبحث عن سبيل لنيل ما يمكن من مكاسب من النظام, تضمن لها سلامتها فحسب.. وها هم العرب اليوم, يعودون خجولين لدمشق لفتح سفاراتهم, ويتحدثون عن دعوة سوريا للعودة للجامعة العربية! 

رغم بقاء جيوب صغيرة لفصائل, بمسميات مختلفة لكنها بهوية سلفية داعشية أو تابعة لتنظيم القاعدة بالعقيدة والأفعال.. لكن النظام أحكم قبضته, وسيتنفس الصعداء ربما قريبا, لكن ثمن ذلك عليه سيكون باهضا, فعقوبات متراكمة على النظام وشخوصه, وتحكم بالقرار السوري وتواجد روسي طويل الأمد, وفاتورة طويلة لتكلفة الحرب. 

هل هذا سيجعل النظام منتصرا في الصراع؟! وهل خصومه من دول الخليج ومن خلفهم خسروا الرهان؟! 

ليس واضحا من المنتصر هنا, فثمن إستعادة النظام لقوته لا يوازي النتيجة المتحققة.. وخصومه لم يخرجوا خالي الوفاض من اللعبة تماما, فقد حققوا أهدافا مرحلية في الأقل, تهمهم كلاعبين يرغبون بالجلوس على طاولة الكبار, وأن رأيهم بات مسموعا في مصير المنطقة, وهو إنجاز لا يستهان به. 

رغم صعوبة تحديد المنتصر.. لكن تحديد الشعب السوري كخاسر أكبر في هذا الصراع, قضية لا تحتاج لنقاش طويل أو تفكير معمق. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك