تفاجأ اللبنانيون يوم أمس السبت، بقرار الموزعين وقف تسليم الخبر لأصحاب المحلات التجارية، تزامنا مع الارتفاع الجنوني لأسعار الدولار.
وذلك دفعهم إلى التوجه بأعداد كبيرة إلى الأفران المنتجة وامتداد الطوابير لعشرات الأمتار في مشهد أعاد الى الأذهان أيام الحرب اللبنانية التي أدت الى انقطاع الطحين عن بعض المناطق.
من الشمال إلى الجنوب، تهافت المواطنون لشراء الخبز في وقت أقفلت بعض الأفران أبوابها لعدم توافر الطحين الذي فقد من الأسواق، ما أدى الى تفاقم الأزمة في ظل غياب شبه كامل للأجهزة الرقابية.
من جهته، أوضح نقيب الأفران علي ابراهيم أنّ "الأفران اتخذت خطوة التوقف عن تسليم الخبز للمتاجر لعدم الإضراب"، مؤكداً "سنستمرّ بعدم تسليم الخبز حتى إيجاد الحل لخسائرنا".
وأضاف "إنّ الحديث عن دعم الخبز لا يزال كلاماً ولا خطوات جدية حتى الآن"، موضحاً أنّ "أصحاب الأفران يتعرضون لخسائر كبيرة فسعر ربطة الخبز بـ 1500 ليرة، والدولار وصل إلى 8000 ليرة".
بدوره، أكد وزير الاقتصاد راوول نعمة أن لبنان لديه مخزونا كبيرا من القمح والطحين، ودعا المواطنين الى عدم التهافت على الأفران والمخابز.
كلام إبراهيم ونعمة دفع ببعض الناشطين إلى اتهام أصحاب الأفران بالوقوف وراء البلبلة عن فقدان الخبز، للضغط على الحكومة برفع سعر التعرفة الرسمية، وذلك لعدم قدرتهم على تحمل الفرق الكبير بين سعر صرف الدولار والتسعيرة الرسمية للخبز.
والسعر المحدد للربطة الخبز في لبنان يقف على عتبة 1500 ليرة لبنانية منذ فترة طويلة حين كانت تساوي دولارا واحدا، ولكن الوضع اختلف مع الأزمة الاقتصادية حيث أصبح الدولار يساوي 8 آلاف ليرة.
ولم تستثن تداعيات الانهيار، وهو الأسوأ منذ عقود، أي فئة اجتماعية وانعكست موجة غلاء غير مسبوق، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار الذي لامس سعر صرفه في السوق السوداء عتبة 8 آلاف ليرة فيما السعر الرسمي لا يزال مثبتاً على 1507 ليرات.
صور طوابير المواطنين عند مداخل الأفران استفزت الناشطين الذي صبوا غضبهم على الحكومة، والطبقة السياسية الحاكمة، وكذلك على حزب الله والعصابات التي تقوم بتهريب الطحين الى سوريا عبر المعابر غير الشرعية لكونه من المواد التي يدعم سعرها مصرف لبنان.
"لبنان يقايض"
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان، خسر عشرات آلاف اللبنانيين منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزءاً من مداخيلهم جراء الأزمة التي دفعت مئات الآلاف للنزول الى الشارع منذ 17 تشرين الاول ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة.
كما أدت هذه الأزمة الى نشوء سوق جديد لسد رمق بعض العائلات الفقيرة، حيث تصدرت صفحة "لبنان يقايض" موقع فيسبوك بسبب الإعلانات التي تعرض عليها، والتي تظهر حاجة البعض إلى المواد الغذائية الأساسية.
وفي مشهد محزن يعرض بعض المواطنين استبدال أغراض شخصية ومنزلية، بمقابل حليب أطفال والرضّع أو زيت طهي أو بعض الخبز.
وجعلت الأزمة قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق البنك الدولي، مع توقّع خبراء اقتصاديين اضمحلال الطبقة الوسطى في بلد كان حتى الأمس القريب يُعرف باسم "سويسرا الشرق" ويشتهر بمرافقه وخدماته ومبادرات شعبه الخلاقة.
https://telegram.me/buratha