شهدت العاصمة السورية دمشق خلال الأيام القليلة الماضية، توافد عدد كبير من الوفود التي تمثل قيادة تنظيم "قسد" العسكرية والنفطية، ووفود شعبية أخرى عشائرية وأكاديمية واجتماعية كردية وعربية من الجزيرة السورية.
وقالت مصادر خاصة لـ"سبوتنيك": "إن الوفود التي قدمت إلى دمشق، شاركت في إجراء لقاءات وحوارات وصفت بالبناءة والإيجابية مع القيادات السورية بشقيها الأمني والحكومي، وهو ما اعتبره مراقبون نجاحاً مهماً للمساعي الروسية الحثيثة في هذا المضمار".
وقال مراسل وكالة "سبوتنيك" في الحسكة إن" الجهود الروسية التي كانت حاسمة في تسجيل النقاط وإنهاء الحصار الذي فرضه تنظيم "قسد" بتحريض أمريكي على مدينتي الحسكة والقامشلي، والذي خلق ردود فعل غاضبة من أبناء القبائل والعشائر والمكونات الاجتماعية، إضافة إلى التصريحات الواضحة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) حول انتهاء مهمة الجيش الأمريكي في حماية عمليات استخراج وسرقة آبار النفط شرقي سوريا".
كل ذلك استدعى طرح العديد من الأسئلة حول من سيكون البديل بالحماية والسيطرة على آبار ومنابع النفط السوري خلال الفترة القادمة؟
أجواء مشحونة
على الرغم من استمرار التصرفات والممارسات التعسفية من قبل مسلحي تنظيم "قسد" بحق أهالي محافظة الحسكة، وانتشار حواجز التنظيم الموالي للجيش الأمريكي "قسد" على طول الطريق العام (الحسكة- القامشلي)، إلا أن جولة مفاوضات وصفت بـ"الإيجابية" عقدت في دمشق، بين القيادات الأمنية والحكومية السورية المختصة، وبين قادة التنظيم، برعاية ومساعي روسية كاملة.
وأكد مصدر عسكري سوري رفيع المستوى لمراسل "سبوتنيك" في محافظة الحسكة، "أن الآثار والتبعيات الناتجة عن حصار تنظيم "قسد" الموالي للجيش الأمريكي، مازالت مستمرة ولم تنته جميعها، مشيرا إلى أن التنظيم مستمر بممارساته التي تخالف بنود الاتفاق الذي توصل إليه الحليف الروسي مع قيادة التنظيم، وأهمها إزالة جميع الحواجز الأسمنتية واستكمال فتح الطرق وعدم التعرض للمدنيين والعسكريين كبادرة حسن نية لإتمام عمليات الحوار معه".
وأشار المصدر إلى أنه رغم كل ذلك استقبلت القيادات الحكومية السورية وفدا يمثل قيادة تنظيم "قسد" العسكرية، وليس كما يشاع على أنه ممثل فقط لما يسمى "الإدارة الذاتية الكردية" بجانبها المدني، مؤكدا أن هناك بوادر إيجابية ناتجة عن الاجتماعات، أولها إزالة جميع المظاهر التي ترافقت أو تبعت عملية الحصار على مناطق سيطرة الدولة السورية في الحسكة والقامشلي.
ماراتون روسي
بدورها، أكدت مصادر خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم السبت، "أن وفد تنظيم "قسد" ضم في صفوفه قياديّته المعروفة "إلهام أحمد" و"محمد العمر" مسؤول ملف النفط والاقتصاد في التنظيم، مع أسماء أخرى لهم مسؤوليات عسكرية، وقد عاد إلى محافظة الحسكة بعد التوصل إلى "تفاهمات أولية" مع الجانب الحكومي السوري برعاية روسية في دمشق".
وأشار المصدر أن لقاءات دمشق استمرت لمدة أربعة أيام وسط جهود روسية، كان سبقها إجراء مفاوضات مع الجانب الروسي في قاعدة "حميميم"، وذلك بعد أيام من زيارة قيادي عسكري روسي رفيع المستوى لمحافظة الحسكة ولقائه قائد تنظيم "قسد"، مظلوم عبدي، في ريف القامشلي، وإجراء الوفد الروسي لقاء آخر مع الجانب التركي في ريف رأس العين.
وكشفت المصادر عن "أنه تم الاتفاق على إطلاق مفاوضات قريبة جدا وعلنية سيقوم بها وفد كبير من تنظيم "قسد" مع وجود ممثلين عن "الإدارة الكردية"، وذلك في دمشق لإكمال المحادثات للتوصل لحلول شبه نهائية لواقع الحال في المنطقة وبرعاية روسية".
رفع العلم السوري
وأوضحت المصادر أن "التفاهمات الأولية" التي توصل لها الطرفين السوري والكردي تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين من العسكريين والمدنيين من سجون تنظيم "قسد"، وإزالة جميع المظاهر والتبعات التي خلفها الحصار الجائر الذي فرضه التنظيم بتحريض أمريكي، على مناطق سيطرة الدولة السورية في مدينتي الحسكة والقامشلي ورفع علم الجمهورية السورية فوق الدوائر والمؤسسات الرسمية الحكومية بعد أن تتم إعادتها وإعادة موظفيها إليها خصوصا التي تم احتلالها في الفترة الماضية والواقعة في الأحياء والمناطق المسيطر عليها من "قسد".
شحنات القمح والنفط
وبينت المصادر بأن القيادة السورية لا تمانع الطرح الروسي بإيجاد خصوصية لقوات "قسد" ضمن جسم الجيش العربي السوري، وأن تكون ما تسمى "الإدارة الذاتية " لها خصوصية ضمن (فقرات قانون الإدارة المحلية الرقم 107 لعام 2011 وتعديلاته في عام 2015)، وتماشيا مع دستورية هذه القانون والتي تنص على وحدة الأراضي السورية والمحافظة على ثرواتها الوطنية.
وأشارات المصادر إلى "أن الجانب الحكومي أصر على العمل بشكل سريع على استئناف شحن وإيصال القمح المخزن في مراكز الدولة (المؤسسة العامة للحبوب) في القامشلي إلى المناطق الداخلية وزيادة إمدادات النفط الخام إلى مصفاتي حمص وبانياس لتلبية احتياجات المواطنين السوريين من المحروقات في كل المحافظات، كما تم مناقشة تعزيز دور الحكومة في مناطق شرقي الفرات، وملف النفط، والوجود الأمريكي والانتخابات الرئاسية في سوريا، إضافة إلى ملفات أخرى.
وفود عشائرية وأكاديمية
وفي نفس السياق، علم مراسل وكالة "سبوتنيك" أن وفدا اجتماعيا ضم شيوخ ووجهاء عشائر وقبائل كردية وعربية وشخصيات أكاديمية كردية مستقلة وأخرى سياسية حزبية يتواجدون حاليا في دمشق، بهدف تقريب وجهات النظر بين الجانب الحكومي وتنظيم "قسد"، وهو دور وصفه أحد أعضاء الوفد بأنه "مساند للمساعي الروسية البناءة".
وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه حاليا، "إن دورهم كان مهماً وهو دور لوجيستي وقانوني من خلال الاستشارات الضرورية لإنجاح هذا المسعى الذي يعتبر مهما جدا خلال السنوات الماضية.
وتابع المصدر: بأن النتائج كانت "إيجابية جدا" وتأتي ضمن التطورات المتسارعة في المنطقة وعدم اهتمام القيادة الأمريكية الجديدة بالملف السوري واعتباره ثانوي"، إضافة لزيادة التهديدات التركية باحتلال مناطق وأراضي سورية جديدة في الجزيرة، وهو ما شكل ورقة ضغط كبيرة على طرف تنظيم "قسد" الذي أبدى استعداده بتقديم تنازلات كبيرة في المنطقة لإعادة حالة الاستقرار والمحافظة على السلم الأهلي والاجتماعي في الجزيرة السورية واستفادة كل السوريين دون استثناء من خيرات وثروات الجزيرة السورية النفطية والغذائية.
https://telegram.me/buratha