سوريا - لبنان - فلسطين

الوصاية الدولية على لبنان بين الواقعية والخيال


 

أ.د علي حكمت شعيب *||

   

في حمأة الازمة الاقتصادية التي تعصف  في لبنان تكثر التحليلات السياسية التي تتوقع سيناريو الوصاية الدولية عليه.

وللإجابة على مدى واقعية هذا السيناريو من عدمها سنستعرض مفهوم الوصاية الدولية في سياقه التاريخي:

أحدثت الأمم المتحدة مفهوم الوصاية الدولية عام ١٩٤٥م تحت الفصل الـ١٢ من الميثاق الأممي بغرض الإشراف على بعض الأقاليم السائرة في طريق الاستقلال عن الدول المستعمِرة، وذلك للنهوض بها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتحقيق الرفاهية لرعاياها، وتأهيلها للحكم الذاتي وتقرير المصير بما يحقق السلم العالمي.

وقد جاء نظام الوصاية الدولية بديلاً عن نظام الانتداب الذي كان مطبقاً في عهد عصبة الأمم التي حلّت محلها الأمم المتحدة بإنشائها، وذلك لتسوية أوضاع الدول المستعمَرة وفقا لشرعية قانونية أممية تنقلها بالتدرج من وضعية الاستعمار الكامل إلى وضعية انتقالية يعقبها الاستقلال الكامل.

وهكذا فإن نظام الوصاية الدولي يطبق على الدول التي تعرف في القانون الدولي بأنها "ناقصة السيادة".

ولقد أنهى مجلس الأمن في سنة ١٩٩٤م اتفاق الأمم المتحدة للوصاية الخاص بآخر إقليم، وهو إقليم جزر المحيط الهادئ (بالاو) الذي كانت تديره الولايات المتحدة.

لذلك فإن نظام الوصاية باختصار هو نظام انتداب أو استعمار مقنّع قد انتهت صلاحيته مع تحرر الدول واستقلالها.

وهو في واقعنا اللبناني أمر بديهياً مرفوض من كل حر في لبنان، فضلاً عن أنه غير قابل للتحقق في بلد يمتلك مقاومة متينة غيّرت المعادلات وأنجزت التحرير من العدو الصهيوني والعدو التكفيري وتشكل مظلة حماية قوية لسيادته واستقلاله ومستعدة لمنع أي تدخل أجنبي على أراضيه مع حلفائها من دول محور المقاومة. 

أما التدخل العسكري ما دون الوصاية، الذي نسمعه أيضاً كسيناريو متداول، تارة عبر نشر قوات تركية وطوراً عبر نشر قوات عربية تؤازرها أخرى أجنبية على حدود لبنان الشرقية التي تفصله عن سوريا.

فلو كان أمراً سهلاً ومتاحاً لتم عبر قوات اليونيفيل من خلال تمديد صلاحياتها وتوسيع قاعدة عملياتها لتشمل الحدود الشرقية وتنويع الدول التي تنضوي تحت لوائها.

وهذا مطلب أمريكي قديم يتبناه فريق ١٤ آذار منذ عام ٢٠٠٥م، ولا يستطيع تحقيقه لمعارضته من قبل جزء وازن من اللبنانيين يؤمنون بخيار المقاومة وتحالفها مع سوريا.

إن مقولة لبنان قوي بضعفه لذلك يجب عليه اعتماد سياسة الحياد وتوسل المنظمات الدولية والدول الكبرى لحمايته قد اسقطتها الوقائع.

فلبنان عزيز بمقاومته وشعبه وجيشه ولديه من أسباب القوة ما يجعل أي سيناريو لوضع اليد عليه ضرباً من الخيال ونوعاً من الأمنيات.

 

*أستاذ جامعي / الجامعة اللبنانية ـ بيروت

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك