ناجي امهز ||
الإعلام تغير كثيرا، حتى أصبح اشبه بأحجية معقدة للغاية، لا تنفع معها حتى مليارات الدولارات.
فالإعلام لم يعد لعبة الدول الكبرى او المؤسسات العملاقة، ولا حتى هو ملك أصحاب الوجوه الجميلة والأصوات الرائعة، والكلمات والمصطلحات العظيمة.
الإعلام أصبح ملك من يمتلك الابلسة، عليك ان تكون شيطانا تتبع خطوات لوسيفر بفن الإغواء، وحتى لو كنت ملاكا وتريد أن تنقذ العالم، عليك ان تسير على خطى ابليس، وضمن المخطط ترسم طريقا مفردا صغيرا لا ينتبه الوعي إليه بانك تأخذه إلى مكان آخر حتى تحقق مشروعك لما فيه الخير الانساني، والا الجيل الجديد سيرفضك وبالختام سيفشل مشروعك بلعبة الوعي وصناعة الراي العام.
وبما ان المقاومة لن تغير اسلوبها الصادق، حتى لو بقيت وحيدة بمعركة الاعلام، فان علينا نحن الاعلاميين والنخب الداعمين للمقاومة ان نكون ابالسة بفهم لعبة الاعلام والعمل به، وان كان اعداء المقاومة يدسون السم بالعسل، فنحن ندس الترياق بالعسل لحماية العقول وتعزيز منعتها.
الإعلام لا ينفع معه ان كنت على الحق او على الباطل( فالله يصف درب الحق بالصعب)، فالقصة ليست قصة دين او سوق عكاظ، والدليل ان أوروبا كانت غالبيتها متدينة وبالرغم من انفتاح الكنيسة وتساهلها أمام الكثير الا ان الدين في أوروبا وأمريكا تقريبا تلاشى منذ منتصف القرن الماضي، لان الإعلام الذي استهدف تعاليم الكنيسة والذي بدأ قبل اربع مائة عام، جعل الكنيسة تنشئ جمعيات عملها التبشير المباشر، وبعد فشل حملة التبشير، حاولت الكنيسة أنشأ جمعيات مدنية هدفها التحذير من خطر مشاهدة التلفاز على الأسرة وتنشئة الأطفال وبالختام فشلت كافة هذه المحاولات أمام المد الاعلامي الاعلاني.
وايضا لا ينفع أمام الإعلام التشدد، والدليل المملكة العربية السعودية، وانا هنا اتكلم عن بلد ولد فيه نبي الإسلام وفي كل حي يوجد مسجد، بل النظام في المملكة يقوم على الدين السلفي، وهو بلد بطبعه متدين منذ ١٤٠٠ عام، ومع ذلك مع اول متغير انقلب غالبية الشعب على الدين، ونحن نسمع ما نسمع ونشاهد ما نشاهده، وهذا دليل انتصار الإعلام حتى على الدين والعادات والتقاليد.
اذا لغة الإعلام التي تطورت قد تكون بمكان ما أصبحت اقوى من لغة الانبياء والرسل والقديسين ومعجزاتهم، ولا ينكر كثيرين من جهابذة الدين وعلماء النفس والاجتماع ونخبة المفكرين، ان حتى الكتب السماوية هي خطاب إعلامي وجهه الله إلى عباده بزمن كانت هذه اللغة تقوم بفعلها، وحتى المعجزات هي عمل صوري أراده الله أن يكون مشاهدة للناس مع فعل الكلمة والا الكلمة من دون مشاهدة لن تؤثر بالرأي العام.
اذا الإعلام تغير بالمطلق وتحول إلى لعبة ارقام تحاكي تعاليم هرمس، وسحر سليمان الحكيم ابن داوود، والا كيف أصبح لكل قناة شعار ولكل وطن ومؤسسة علم وراية.
ومشكلة الإعلام المقاوم، هي الأدبيات والالتزام بالصدق الى اقصى حدود، وقد تناولها سماحة السيد الذي حدد المشكلة في بداية حديثه وكان واضحا وبرغماتيا، عندما قال نحن نعاني لكن بالختام تنتصر المصداقية، وهذا صحيح، وايضا لمح إلى التأثير المباشر بالحركة والصوت والصورة عندما قال كيف كان يتأثر المقاومين بالمراسل الذي كان ينقل الخبر بالرغم انهم في أتون المعركة المشتعلة.
نعم الحزب يعرف تحديدا اين مشكلته الإعلامية فأنا التقي بالحاج محمد عفيف ويخبرني الكثير عن هذه المشاكل التي يعمل على حلها هو وفريق عمل بهدوء ودون أن ينزعج احد، لكن بالختام الوقت ليس لصالح الإعلام المقاوم، وايضا أشار السيد إلى هذه النقطة عندما تحدث عن الصمود وقال هي جملة قصيرة جدا لكن تفسيرها يحتاج إلى مجلدات.
ولكن بالختام ماذا حصل كان في غالبية مقدمة الحضور أناس قد لا يستطيعون إدارة حسابهم الشخصي على تويتر، هذه أيضا مشكلة كبيرة وعلينا الخروج منها لينجح الإعلام المقاوم.
فالإعلام لم يعد ينفع معه عظمة الاسم وإجادة قواعد اللغة، بل إن تتعلم كيف تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب وتجيد استخدام الفوتوشوب وحتى الثري دي، وبحال لا يمكنك تعلمهم عليك ان تجلس مع فريق عمل، فيه تقني لغة برمجة يختار لك الكلمات التي يجب على الكاتب ان يدمجها في مقاله لتتحول إلى مفتاح يغزو عالم الانترنت، بالإضافة إلى فهم عميق لمن تتوجه ليس المهم ما تحبه انت بل ما يحبه الآخرين ويجذبهم وان تتنقل بين إشعارات دماغهم لتمرر فكرتك والا بأول عشرة كلمات وحتى بعد مشاهدة ثلاث ثواني بحال اصطدمت مع تركيبة العقل سيرفضك القارئ والمشاهد.
لذلك علينا الخروج من الاهتمام بالأسماء والبحث عن صناع الميديا، لا أن نسخر صناع الميديا من أجل تكريس الاسماء، والا نكون نربح اعداء لا طائل للمقاومة بهم.
ويمكن للمقاومة ان تنجح بلعبة الاعلام كما نجحت بالعسكر لانها تمتلك اربعة ميزات تحدث السيد عن اثنين منها فقط.
اولا: تحدث السيد عن الحق نحن على حق ومع الحق.
والثانية: هي القضية الفلسطينية التي هي القضية الوحيدة التي عليها اجماع بالعالم انها الفيصل بين الحق والباطل.
ولكن هناك عامل ثالث وبنظري هو الاول، لم يتحدث عنه السيد ولكن انا احدثكم عنه، وهو شخصية السيد نفسها وهي اكبر قوة اعلامية يمكن الاستفادة منها، وكل ما يتعرض له الاعلام المقاوم من حظر فضائي وعلى السوشيال ميديا، هو فقط لحجب صورة السيد وصوته لانه قادر على صناعة راي عام اقليمي ودولي.
والعامل الرابع هي كلمة المقاومة، فوسائل التواصل الاجتماعي لا تحظرك لان اسمك فلان بل لانك تستخدم كلمة مقاومة بسياق يجذب، لذلك على كل الاعلاميين الذين ينفشون ريشهم كثيرا عندما يتم حظرهم، ان حظرهم ليس بسبب عدد معجبيهم او ان اسمهم طنان، بل لانهم كتبوا كلمة مقاومة، يعني امام صناع الراي العام العالمي شخص مش سامعة فيه غير والدته وبين اشهر مغرد هي كلمة مقاومة او كتابة اسم السيد نصرالله.
وقد اخبرني الحج محمد عفيف، كيف هناك مؤسسات اعلامية عملاقة دفعت ملايين الدولارات، فقط كي تمتلك الحق الحصري لنقل كلمات السيد نصرالله عالميا وباكثر من لغة ومباشر، او ان يسمح لها حصريا بنشر بعض عمليات المقاومة او ان تغطي هذه المعارك ومنها ابان حرب تموز وهم يتحملون كافة الاعباء المالية والجسدية، لكن حزب الله رفض، لان الحزب هدفه ان ينشئ بيئته الاعلامية ويقوي شوكتها ويوسع مدى تأثيرها، ويجعل من روادها نخب عالمية لان من يعتنق المقاومة يتألق كما تألقت.
بالختام الاعلام تغير كثيرا، فانا انتجت فيلما مدته ساعة حقق اكثر من سبعين مليون مشاهدة عنوانه علي بن ابي طالب العدو الاكبر حظرته يوتيوب بطلب من كنيست يهودي، وايضا انتجت فيلم عن ال سعود حقق اكثر من عشرة مليون مشاهدة، ولم ادفع سنتا واحدا وحتى لم احتاج الى الا ان اقص واركب واجمع.
ملاحظة: الحاج محمد عفيف لم يحدثني بعد انتهاء اللقاء الاعلامي، ولكن لاني اعلم ان غالبية الاعلاميين مهتمين بما يقوله الحاج محمد عفيف وضعت هذا العنوان والا كيف اجعلكم تطالعون الف كلمة لأوصل اليكم افكاري، لكن الحاج حدثني بوقت سابق عن ما كتبته وانا اليوم نشرته.
وانا اختصر ما قلته بكلمتي باللقاء، هو ما قاله أيزنر مؤسس شركة هوليود، انا اقول لك ما اريده باللغة التي انت تريدها.
https://telegram.me/buratha