عدنان علامه ||
إعتدنا الإحتفال بذكرى الإنتصار في الرابع عشر من آب منذ 15 عامًا وكانت البهجة والأفراح وحتى الزينة تنتشر في كل مكان. وكانت طيف المرحومة الحاجة كاملة سمحات يحضر كل عام أمام شجرة الكينا في ساحة الشورى التي ظلت صامدة وحيدة بين دمار كل ما حواليها متحدية همجية العدو الصهيوني. فقد كانت الحاجة كاملة مدرسة في الحرب النفسية والإيثار والتضحية. فقد قهرت العدو بثبات موقفها وصلابة وقفتها بالرغم من عمرها؛ كما انها أعطت المعنويات العالية وإرادة التحدي ومواصلة الحياة للمهجرين العائدين إلى قراهم المدمرة. وستبقى كلماتها خالدة عبر الزمان؛ ويتردد صدى ذلك الصوت الهادر يومياً عبر التاريخ حين تحتاج الأمور إلى مواقف وطنية يعجز الرجال عن إتخاذها. وقد قالت: "اخذوا الاسيرين من أين؟ من الاراضي اللبنانية، من عيتا ليبادلوا بهم.. يخربون كل شيء ويقتلون الناس من اجل اسرائيليين اثنين اخذوهم اسرى؟ والذين ماتوا كلهم؟ كما فعلوا بأهل مروحين؛ قالوا لهم اخرجوا، ثم أطلقوا عليهم النار على الطريق، على عائلات وأطفال..
وقول اخر لها :” رغم كل الذي حصل، اليس بيتي راح (تدمر)؟ فداء للمقاومة. وبيتي في الضيعة راح؟ فدى للمقاومة..”.
أما الإحتفالات هذا العام فد غابت بسبب معاناة اللبنانيين بمختلف طوائفهم من العدوان الأمريكي الإقتصادي المستمر منذ إنتصار العام 2006. فالشعب اللبناني اليوم يرزح تحت ضغط إرتفاع سعر الدولار وغلاء الأسعار وفقدان حليب الأطفال ومعظم الأدوية، و شح في مادتي البنزين والمازوت؛ الأمر الذى أدى إلى تقنين حاد جداً في التغذية من المولدات التي أعلن أصحابها بأنها ستتوقف كليًا عن الخدمة في ظل ندرة وصول التيار الكهربائي للدولة. كما أن أجواء الحزن لإحياء فاجعة عاشوراء فرضت حصر الإحتفال بذكرى الإنتصار في 14 آب بخطاب سماحة سيد المقاومة السيد حسن نصر الله.
وقد اقتطفت بعض فقرات خطابه: " إنّ الذي منع ويمنع الجيش الإسرائيلي من شن غارات على لبنان هو خشيته من مواجهة كبيرة مع الحزب".
وأضاف سماحته إن "الذي يمنع العدو الإسرائيلي من شن غارات على لبنان خلال الـ15 عامًا الماضية هو خشيته من الذهاب إلى مواجهة كبيرة وواسعة مع المقاومة في لبنان".
وقال :" أنه منذ 15 عاماً ولبنان ينعم بالأمن والأمان والهدوء والطمأنينة في سابقة منذ عام 1948".
كانت أمريكا وراء عدوان 2006. ولا زالت وراء كل عدوان. فقد طلبت من قادة العدو الإستمرار في العدوان مهما كلف الأمر وجاء الرد مخيبًا للتمنيات الأمريكية : "لا نستطيع الإستمرار في مواجهة حزب الله".
لا أحد ينكر مدى قساوة هذا العدوان الإقتصادي الأمريكي الذي طال كل اللبنانيين. فقد وعدنا بومبيو سابقاً بالإنهيار الشامل؛ ووعدنا فيلتمان بالفقر الدائم أو الإزدهار المحتمل في حال عدم الإنصياع للأوامر الأمريكية وتأليف حكومة تكنوقراط. وبالتالي فإن فرضية التورط الأمريكي لتفجير مرفأ بيروت ليبدو وكأنه حادث عرضي تطغى على كافة الإحتمالات. ولا بد من الإشارة بأن رفع الدعم الكلي عن المشتقات النفطية والدواء في ظل إستحالة تعديل الحد الأدنى للأجور سيؤدي إلى الإنفجار الشعبي في كل لبنان لإسقاط النظام اللبناني برمته ونشر الفوضى في كل لبنان.
فكما انتصر شعب المقاومة على العدوان التدميري للبنى التحتية والمنازل في 14 آب 2006؛ سينتصر هذا الشعب حتمًا على الحرب الإقتصادية الأمريكية التي تستهدف لقمة عيش كل اللبنانيين ومصادر رزقهم.
وإن غدًا لناظره قريب
15/08/2021
https://telegram.me/buratha