محمد صادق الحسيني ||
- [ ] اكثر من مؤشر في الاقليم يشي بان واشنطن لم تتعلم دروس انكساراتها على اكثر من صعيد واكثر من ساحة في اقليمنا العربي والاسلامي ولا تزال تأمل زعزعة الاستقرار في اقطارنا من خلال اشاعة منظومة الفتن والحروب الداخلية المتنقلة وتستثمر المجموعات الارهابية لهذا الغرض كما تمنع تعافي اقطارنا و تدفع مكوناتها الاجتماعية للتقاتل فيما بينها اوتعطل الحياة السياسيةالعامة فيها.
وآخر مثال حي على هذه السياسة دفع الحريري الابن للخروج هو وتياره السياسي بامر همايوني امريكي - سعودي من الانتخابات والحياة السياسية اللبنانية..!
من جانب آخر و على الرغم من مواصلة الولايات المتحده الاميركيه محاولاتها لاجراء اتصالات سرية ، مع بعض اطراف حلف المقاومة ، بعيداً عن المفاوضات النووية الجارية في فيينا ، الا ان واشنطن تواصل ايضاً عدائها لهذا الحلف وتستمر في تصعيد العدوان ، بشكل غير مسبوق ، على بعض اطرافه مثل اليمن ، والتآمر وتوجيه التهديدات لاطراف أخرى لهذا الحلف ، سواءً في ايران او العراق او سورية او فلسطين او لبنان .
لذلك لا بد من الربط ، بين حلقات المؤامرة الاميركية الصهيونية السعودية الخليجية ، ليس فقط ضد حلف المقاومة وانما ضد الامتين العربية والاسلامية . فما قيام الولايات المتحدة الاميركية باصدار الاوامر الى آل سعود وعيال زايد ؛
١) بتصعيد القصف الجوي الاجرامي الوحشي على الشعب اليمني الاعزل المسالم ، في محاولة لكسر معنويات هذا الشعب وثنيه عن الصمود ومواصلة معركة تحرير اليمن ، من الاحتلال السعودي الاماراتي الاسرائيلي ( جزيرة ميون وجزيرة سوقطرى ) .
٢) ومسرحية هجوم عناصر من فلول داعش على سجن تديره الوحدات العسكريه الكردية ، العميلة لواشنطن وتل ابيب ، وتهريب مئات من عناصر داعش ، بغطاء جوي اميركي ، وبغض النظر عما يجري في محيط منطقة السجن من تبادل( مسرحي) لاطلاق النار .
٣) وقيام القوات الاميركية ، المنتشرة في منطقة الحسكة السورية المحتلة ، حيث يوجد السجن ، او بالاحرى معسكر الاحتياط لعناصر داعش ، نقول قيام القوات الاميركية المنتشرة هناك باخلاء " الهاربين " من السجن ونقلهم جواً ، بواسطة مروحيات الجيش الاميركي ، الى قضاء سنجار وقضاء البعاج في العراق ، تمهيداً لقيامهم بسلسلة هجمات اجرامية ، ضد المدنيين وضد القوات المسلحه العراقية ، في قاطع سنجار / تلعفر / وقاطع : البعاج / الشرقاط .
٤) او اصدار الاوامر ، لوزير خارجية الكويت ، من واشنطن وتل ابيب ، بعد التحشيد المتواصل ، ضد حلف المقاومة بشكل عام ، وحزب الله بشكل خاص ، بحمل قنبلة تفجير لبنان من الداخل وليس مبادرة " لحل الخلافات " مع لبنان كما زعموا .
وبعيداً عن التنميقات الدبلوماسيه والاغلفة المزيفة ، التي يتم من خلالها توصيف اهداف زيارة هذا الوزير الى لبنان ، وبالعودة الى ما صرح به هو نفسه ، في مؤتمر صحفي في العاصمة اللبنانية ، بيروت ، عندما قال انه يحمل " مبادرة لحل الخلافات مع لبنان " بتكليف من دول الخليج مجتمعة ومن الجامعة العربية والولايات المتحدة وفرنسا ، نقول انه بعيداً عن ذلك فان اهداف الزيارة مختلفةً تماماً عما هو معلن . والتي يمكن تلخيص اهمها في النقاط التاليه :
اولا : الضغط على الحكومة اللبنانية لاعادة فتح موضوع سلاح حزب الله ، وذلك من خلال العودة الى قرار مجلس الامن رقم ١٥٥٩ ، الصادر بتاريخ ٢/٨/٢٠٠٤ ، والذي يدعو في فقرته الثالثه ، الى تفكيك جميع الميليشيات ، اللبنانية وغير اللبنانية وتجريدها من السلاح .
وهذا هو الطلب الاول ، الذي تقدم به هذا الوزير الكويتي ، الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ، في لبنان .
وهنا يجب التذكير بان مجزرة الطيونه والتفجير ، الذي نفذه عملاء الموساد في مخيم البرج الشمالي قبل اسابيع ، ما هي الا حلقات في التحضير للوصول ، عبر الازمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان ، الى اعادة طرح هذا الموضوع بقوة .
ثانياً : ولعل من الضروري ، في هذا المقام ، التذكير بالرد اللبناني الرسمي ، على قرار مجلس الامن رقم ١٥٥٩ ، والذي نشر في حينه على الصفحه الرسمية للجيش اللبناني ، وجاء في فقرته الثانيه ( باللغة الانجليزية ) ان المقاومه ( في لبنان ) ليست ميليشيا وهي قوة تدافع عن لبنان وحررت أجزاءً كبيرة من ارضه ، وان الحفاظ عليها هو مصلحة استراتيجية لبنانية .
وتابعت رسالة الرد اللبنانيه قائلةً : اما بالنسبة للفلسطينيين في لبنان فهم يعيشون في مخيمات تديرها الاونروا ، ويطوقها الجيش اللبناني ولا يسمح بنقل الاسلحة الى خارجها ، وهم يطالبون بحق العودة الى وطنهم حسب قرار الامم المتحده رقم ١٩٤ .
ثالثاً : اما الطلب الثاني ، الذي قدمه هذا الوزير ، للجهات اللبنانيه المعنيه ، فقد كان أقرب الى التهديد منه الى الطلب . اذ انه ابلغ المعنيين بان استخراج النفط والغاز اللبناني ، من المياه الإقليمية اللبنانية ، مرتبط بتنفيذ طلب " معالجة " موضوع سلاح حزب الله .
رابعاً : ان الموافقة على اعادة اعمار ميناء بيروت مرتبطة بشرط " معالجة " موضوع سلاح حزب الله ، بالاضافة الى شرط تلزيم الميناء لشركة " دولية " يتم انشاؤها لهذا الغرض .
وهذا يعني ان عمليات اعادة الاعمار ، ومن ثم ادارة الميناء سوف تسلم لشركة ستضم ، الى جانب الشركات الاميركيه والفرنسيه ، شركة موانئ دبي وشركة ZIM الاسرائيليه للنقل البحري ، ومقرها حيفا والتي تأسست سنة ١٩٤٥ .
خامساً : لكن ما يغيب عن بال هذا الوزير هو ان سلاح حزب الله ليس سلعة للتبادل التجاري اولعقد الصفقات ، بل ان هذا السلاح ، هو جزء من السلاح الاستراتيجي لحلف المقاومة برمته ، كما ان هذا السلاح قد انتصر على الجيش الاسرائيلي مرتين في لبنان ، ويردع هذا الجيش عن الاعتداء على لبنان ، وهو بالتالي ذخرا استراتيجيا لبنانياً . وهو ما ورد في الرد الذي اشرنا اليه اعلاه .
من هنا فان لا احد في لبنان يستطيع ، او لديه الاستعداد ، للتحدث في هذا الموضوع ، بعد ان عجزت واشنطن وتل ابيب عن تحقيق هذه الاهداف . بالاضافة الى ان سلاح حزب الله لم يعد شأناً لبنانياً خالصاً وانما شأناً اقليمياً ودولياً ، بعد ان اصبح حزب الله قوة اقليمية فاعلةً ، على كل الاصعدة . وخاصةً على صعيد الوقوف في وجه مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين ( والسوريين ايضاً ) في لبنان ، وتهديد وجود الدوله اللبنانية ، من خلال انهاء خصوصيتها واخضاعها للهيمنة الصهيو اميركية الكاملة .
سادساً : ولكل هذه الاسباب نقول لهذا الوزير ان بضاعته المعروضة على لبنان فاسدةً ولن تجد من يشتريها وان ظروف اتفاقية ١٧ ايار اللبنانية الاسرائيلية قد ولّت الى غير رجعة .
ولبنان الاسرائيلي في العام ١٩٨٣ لن يعود الا اذا تحقق حلم ابليس في الجنة..!
لبنان ٢٠٢٢ قوة عظمى لن يتنازل عنه اهله الشرفاء بالتاكيد.
بعدنا طيبين قولوا الله