عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين ||
كان خطاب سماحة السيد حسن نصر الله بذكرى الشهداء القادة منذ عدة أيام مفصليًا وإستراتيجيًا حيث الإعلان عن إزدياد قدرة المقاومة واقتدارها وزيادة مخزون الصواريخ الباليستية الرادعة لديها. ويمكن تلخيص خطاب سماحته في ثلاثة محاور من الناحية التقنية :-
1- التحدث بلغة الواثق من قدرات الطائرة المسيَّرة "حسّان" حين أعلن عن تصنيع الطائرات المسيّرة ودخولها في الميدان. وقام سماحته بإضافة نكهة خاصة من روح النكتة وتلطيف الأجواء بأنه من يرغب بشرائها فليقدم طلبًا. ومن المتعارف عليه بأنه فتح باب البيع يعني بكل بساطة أن هناك فائضًا في الإنتاج.
2- إَمتلاك المقاومة القدرة على تصنيع الصواريخ الدقيقة وإمتلاك تقنية تحويل َمخزون الصواريخ لدى المقاومة إلى صواريخ دقيقة.
3- الإشارة إلى إحتمال حصول إنصارية 2 بكل َيحمل هذا الإعلان من ألغاز ومعلومات سرية جدًا متوفرة لدي المقاومة؛ وأكدَ بأن رجال المقاومة سيكونوا في إنتظارهم.
إن سماحة السيد نصر الله خبير محنك ورائد في إدارة الحرب النفسية ويشهد له العدو قبل الصديق ببراعته وفرادته في ذلك. فسماحته بإسلوبه السهل الممتنع يعرض الوقائع والحقائق التي تعكس قدرات المقاومة بحيث تشكل هذه القدرات على كافة المستويات العسكرية والنفسية سلاحًا رادعًا للعدو ورافعًا لمعنويات جمهور المقاومة وشعبها إلى أعلى المستويات في آن.
فمن المتعارف عليه أن اي منتج يراد طرحه للإستعمال بحاجة ماسة وضرورية إلى نجاحه في التجارب التي يخضع لها. فمع إعلان سماحته عن الدخول في خط تصنيعَ الطائرات الَمسيًرة خطفت الأضواء الطائرة "حسّان" التي زارت الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة وقامت بجولة إستطلاعية أثناء قطعها حوالي 70 كلم بقيت في الأجواء لمدة 40 دقيقة وغابت عن شاشات الرادار قبل عودتها إلى الأراضي اللبنانية.
هذا الإنجاز يعتبر نصرًا مميزًا للمقاومة الإسلامية ؛ وهنا لا بد ان نرفع أسمى آيات التهنئة والتقدير لكل من ساهم في هذا إنجاح هذا العمل المميز. ويجب أن لا ننسى ان نرفع القبعة للربان الذي كان يتحكم بمسار الطائرة والذي يتمتع بأعصاب فولاذية وخبرة عالية في التعامل مع كافة التهديدات، وقدرة مميزة في المناورة لإخراج الطائرة كما دخلت بأمان وسلام.
مما لا شك فيه إن إكتشاف الطائرة "حسّان" في أجواء شمال فلسطين المحتلة شكل مفاجأة أربكت قادة العدو في كيفية التعامل مع هذه المسيَّرة فتم إطلاق صافرات الإنذار في كافة المستوطنات في الشمال؛ وتم تشغيل القبة الحديدية التي فشلت في إصابة هذه الطائرة.
ولمعرفة حجم الإرباك الذي وقع فيه قادة العدو؛ سأنقل مختصر تقارير المحللين العسكريين لدى وسائل إعلام العدو :-
وأما المحلل العسكري في القناة "كان"، روعي شارون فقال ، إن "رد الجيش (على مسيرة حزب الله) كان مبالغاً فيه، طائرات حربية، مروحيات، صافرات انذار، وقبة حديدية لم تنجح في الاعتراض". ونقل شارون عن مصدر أمني قوله إن "الرد كان مبالغاً فيه.. أعطينا نصر الله نصراً معنوياً".
وحاول مراسل الشؤون العسكرية في "القناة الـ12" ، نير دفوري، التخفيف من وقع دخول الطائرة المسيّرة "حسّان"، التي أطلقها حزب الله، أجواءَ فلسطين المحتلة، بأنه "محاولة ناجحة لحزب الله".
وأوضح دفوري أنَّ "هذه الطائرة لم تكن مسلَّحة كما يقول سلاح الجو. وكما يبدو، كانت في مهمة جمع معلومات استخبارية، وربما كانت تحمل كاميرا".
ولكنه إعترف مرغمًا بالفشل الذريع لإعتراض الطائرة فأضاف دفوري أنَّه "بعد تجاوز الطائرة من لبنان إلى إسرائيل، حاولوا إسقاطها مرتين، عبر مروحياتٍ حربيةٍ وعبر منظومة القبة الحديدية. لكن، بعد الاعتقاد بالنجاح في اعتراضها جنوبي صفد، اكتشفوا أنها نجحت في الاستدارة والعودة إلى لبنان".
ومن اهم التعليقات كان ل"قناة كان" التي اشارت إلى أنَّ "الجيش سيحقّق في سبب فشل منظومة القبة الحديدية في إسقاط الطائرة المسيّرة، التي دخلت إسرائيل".
ونقلت القناة، عن لواء الاحتياط في "جيش" الاحتلال ، إسحاق بريك، تساؤله: "كيف سيُوقف سلاح الجو 3000 صاروخ وقذيفة صاروخية يومياً على إسرائيل والجبهة الداخلية، وهو لم ينجح في إيقاف طائرة مسيّرة واحدة؟"، موضحاً أنَّه "في الحرب، سيكون هناك مئات المسيّرات في اليوم، ونحن غير مستعدين لذلك".
وأما بيان المقاومة الإسلامةوبالرغم من ضخامة الإنجاز النوعي فقد كان متواضعًا ويصف الواقع كما هو :-
وأعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان، اليوم الجمعة، إطلاق الطائرة المسيّرة "حسان" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت المقاومة أنّ الطائرة حلقت "40 دقيقة في مهمة استطلاعية، امتدت على طول 70 كم في فلسطين"، مضيفةً أنّها عادت "سالمة على الرغم من كل محاولات العدو المتعددة والمتتالية لإسقاطها".
وأما الإشارة من سماحة السيد نصر الله بأنه من الممكن أن نكون امام أنصارية 2 هي خطيرة جدًا حين قال : " صواريخنا ليست في مكان واحد بل تنتشر. وهو يقوم بتشغيل العملاء، ونحن ننتظره، وان شاء الله وبعونه وقوة المقاومين ووعيهم، قد نكون أمام عملية انصاريه 2 لأن العدو لا يثق بالعملاء بل سيرسل ضباطه وجنوده. ونحن ننتظره وعلى أمل انصارية 2».
ففي عملية انصارية الأولى كشف سماحة السيد في إحدى مقابلاته عن السر في اكتشاف عملية أنصار من خلال إختراق طائرات الإستطلاع والحصول على كافة المعلومات التي كانت تبثها إلى فلسطين المحتلة. وإشارة سماحته نحو إحتمال عملية أنصارية 2 يؤكد حصول المقاومة الإسلامية على معطيات قيمة وسرية جدًا من العدو.
وللعلم فإن سماحة السيد نصر الله قد كشف جزءًا من السر حول عملية أنصارية ولا يزال ما تبقى من السر لغزًا سيقض مضاجع قادة العدو يوميًا؛ هو كيفية معرفة تفاصيل كل خطوة من خط مسير ومسار "مجموعة الشييطت 13" بالتفصيل ونصب الكمين المحكم لهم؟
إن الوقائع التي ذكرها سماحته تصب أيضًا في الحرب النفسية التي يبرع في إدارتها؛ وما خفي عند المقاومة هو أعظم.
وإن غدًا لناظره قريب
19/02/2022
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha