*عدنان علامه *||
** تََفرُّد وزير الخارجية ببيع المواقف وإدخال لبنان في الصراعات الدولية أمران خطيران جدًا
*أحدث بيان وزارة الخارجيّة اللبنانيّة، عن الأزمة الأوكرانيّة بلبلة سياسية في الداخل اللبناني، وانقساماً كبيراً حول مضمونه؛ ودهشة في روسيا، وإرتياح فرنسي ألماني ترجم بزيارة سفيري الدولتين لوزارة الخارجية اللبنانية لشكر الوزير على بيانه.*
*وكان لبنان قد أدان اجتياح الأراضي الأوكرانية، داعياً روسيا إلى "وقف العمليات العسكرية فوراً وسحب قواتها منها والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحلّ النزاع القائم بما يحفظ سيادة وأمن وهواجس الطرفين، ويسهم في تجنيب شعبي البلدين والقارّة الأوروبية والعالم مآسي الحروب ولوعتها".*
*وفي السياق، قالت وزارة الخارجية والمغتربين إنّ الموقف اللبنانيّ جاء "انطلاقاً من تمسّك لبنان بالمبادئ الراسخة والناظمة للشرعية الدولية التي ترعى الأمن والسلم الدوليين، وفي طليعتها مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وأمن حدودها، وإيماناً منه بوجوب حلّ النزاعات كافّة التي قد تنشأ بين الدول بالوسائل السلميّة، أي عبر التفاوض، ومن خلال آليات الوساطة التي يلحظها القانون الدوليّ الذي ينبغي أن يبقى الملاذ الأوحد للدول تحت مظلّة الأمم المتّحدة".*
*ومن ردود الفعل؛ فقد أبلغت أوساط عين التينة "النهار" تعليقاً على هذا البيان “أنّه صدر بعيداً عنها بما فهم منه أنّه لم يجر التشاور معها أو استمزاجها في الموقف الذي صدر“.*
*وهاجم «حزب الله» الوزير بو حبيب واتهمه النائب عن الحزب حسن فضل الله بـ«الانبطاح» و«حشر أنفه»في صراع دولي. وقال إن «ما صدر عن وزارة الخارجية اللبنانية حول ما يحصل بين روسيا وأوكرانيا لا يعبّر عن موقف الشعب اللبناني، ولا عن موقف الدولة اللبنانية».*
*هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الدستور لم ينص صراحة على الجهة التي لها الحق في إصدار الموقف اللبناني الرسمي؛ بينما القانون الخاص بتنظيم وزارة الخارجية والمغتربين أعطي الحق لوزارة الخارجية "أن تتولى شؤون سياسة لبنان الخارجية إعدادًا وتنسيقًا وتنفيذًا؛ الأمر الذي يشكل تعارضًا مع نصوص مواد الدستور اللبناني. وهذا يفتح باب الإجتهاد القانوني في ظل سحب صلاحيات تفسير مواد الدستور من المجلس الدستوري.*
*فلنستعرض سويًا المواد الدستورية والقانونية حول الصلاحيات؛ ولنبدأ بصلاحيات رئيس البلاد :-*
*1- رئيس الجمهورية في الدولة اللبنانية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقًا لأحكام الدستور. يرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء.*
*يعتمد رئيس الجمهورية السفراء ويقبل اعتمادهم. ويتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء. على أن بعض المعاهدات لا يمكن إبرامها إلاّ بعد موافقة مجلس النواب.*
*2- البند 5 من المادة 65 من الدستور:-*
*يجتمع مجلس الوزراء دوريا في مقر خاص، ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر.ويكون النصاب القانوني لانعقاده اكثرية ثلثي اعضائه, ويتخذ قراراته توافقيا. فاذا تعذر ذلك فبالتصويت, ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور.*
*أما المواضيع الاساسية فانها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها.*
*ويعتبر مواضيع أساسية ما يأتي:*
*تعديل الدستور, إعلان حالة الطوارىء والغاؤها, الحرب والسلم, التعبئة العامة, الاتفاقات والمعاهدات الدولية, الموازنة العامة للدولة, الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى, تعيين موظفي الفئة الاولى او ما يعادلها, إعادة النظر في التقسيم الاداري, حل مجلس النواب, قانون الإنتخابات, قانون الجنسية, قوانين الاحوال الشخصية, اقالة الوزراء.*
*3- قانون تنظيم وزارة الخارجية ( المصدر والنص)*
الجامعة اللبنانية
مركز المعلوماتية القانونية
تنظيم وزارة الخارجية والمغتربين
عدد المواد: 38
تعريف النص: مرسوم رقم 2885 تاريخ : 16/12/1959
عدد الجريدة الرسمية: 68 | تاريخ النشر: 28/12/1959 | الصفحة: 2032-2040
*مادة 1: تتولى وزارة الخارجية والمغتربين شؤون سياسة لبنان الخارجية من إعداد وتنسيق وتنفيذ, وترعى امور المغتربين.*
*والبعض يعتقد بان هذا النص القانوني حمّال أوجه؛ لأن الأصل في النص القانوني أن يكون واضح الدلالة على المراد منه ولا يحتمل الدلالة على غيره ولا يحتاج القاضي إلى اجتهاد في تعيين المراد منه لأن الشارع وضح ما قصده وعين ما أراده وكفى القاضي العناء في الاجتهاد في تبيينه، وهذا يتفق وما جاء في القاعدة (25) من قواعد وآثار فقهية رومانية (خير القوانين ما لا يدع لاجتهاد القاضي إلا القليل).*
*وفي المحصلة فقد تفرّد وزير الخارجية في التدخل في أزمة دولية سببتها أمريكا والدول الأوروبية وحلف الناتو وتناسى العلاقات الودية مع روسيا ومواقفها المدافعة عن لبنان في المحافل الدولية؛ بينما كانت مواقف أمريكا واوروبا تصب دائمًا ضد المصالح اللبنانية.*
*فما حصل أمر خطير جدًا ولا يجوز أن يتعامل مجلس الوزراء باستخفاف مع ما حصل؛ وقد يصل بيع المواقف بخضوع وذل وبالمجان إلى الإرادات الخارجية إلى ما هو أخطر من ذلك كالإعتراف بالعدو ومباركة خطوات التطبيع إذا لم يتم سد كافة الثغرات القانونية التي تسمح بأطلاق مواقف خلافية بإسم الدولة اللبنانية، وتهدد أمن وسلامة لبنان.*
*فما يدعوني إلى رفع الصوت عاليّا هو إصرار بعض السياسيين للأنبطاح الذليل أمام الإرادات الأجنبية ضاربين بعرض الحائط أمن لبنان ووحدته ومصالحه الإستراتيجية، وكأن هناك نسقًا ممنهجًا لفرض الإرادات الخارجية على لبنان. وللأسف هناك من أذعن ويذعن وسيذعن مستقبلًا ما لم يتم ردعه.*
*وإن غدًا لناظره قريب*
*27/02/2022*
*/ عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين*