عدنان علامه ||
عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
بتاريخ 08 آب/اغسطس 2022 كتبت مقالًا بعنوان "الخلاف بين العهد والرئيس ميقاتي ينذر بالفراغ الرئاسي" وهذا ما وصلنا اليه اليوم.
واقتطفت مقطعين من المقال فجاء في المقدمة:-
تجاوزت الحرب الكلامية بين العهد والتيار من جهة والرئيس ميقاتي من جهة أخرى كل الحدود. واصبح تشكيل الحكومة ضربًا من المستحيل. وبالتالي ستستمر حكومة تصريف الأعمال حتى إنتخاب رئيس الجمهورية في المهلة الدستورية.
. وجاء في الفقرة النهائية :-
وبما أن هذا المستوى من التراشق الإعلامي غير مسبوق في الحياة السياسية اللبنانية؛ وبالتالي فإما الفراغ سيستمر حتى إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية. وإذا ما حصلت اية عرقلة في الإنتخابات الرئاسية؛ ستؤول صلاحيات رئيس الجمهورية إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال وستكون هذه الخطوة سابقة لا مثيل لها في التاريخ السياسي اللبناني.
غادر اليوم فخامة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا كرئيس للجمهورية إلى الرابية. ولن يقوم بأي عمل يعكر عليه صفو الإحتفالات بنهاية عهده التي تكللت بإنجاز تاريخي، بالتوقيع على ترسيم الحدود البحرية عبر مفاوضات غير مباشرة مع العدو الصهيوني نتيجة عدة عوامل أهمها تهديد سماحة السيد حسن نصر الله، وحدة الموقف الرسمي بالرغم من الضغوط الأمريكية الهائلة على لبنان، الظروف الدولية والأقليمية والإلتفاف الشعبي حول المقاومة والسلطة.
ومع بزوغ صباح الغد سيتجه لبنان نحو أسوأ أزمة دستورية فريدة في تاريخه؛ فقد أعلن الرئيس عون سابقًا بأنه لن يسلم السلطة إلى حكومة تصريف أعمال وأفتى بعض القانونيين بأن الدستور لا يحدد نوع الحكومة التي تتسلم سلطات رئيس الجمهورية في نهاية ولاية عهده، متناسين بأن هذه الحكومة لا شرعية لها في إستلام صلاحيات الرئيس كونها حكومة مستقيلة بموجب الدستور الذي حدد الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة بموجب المادة 69 من الدستور اللبناني والتي تنص على الحالات التي تؤول إلى اعتبار الحكومة مستقيلة:- (عند وفاة أو استقالة رئيسها، عند بدء ولاية رئيس الجمهورية، عند بدء ولاية مجلس النواب...).
وبناءً عليه فأمام رئيس الجمهورية الإحتمالات التالية:-
1- توقيع قبول إستقالة الحكومة. وبهذا لا تنتقل صلاحيات الرئيس إليها لفقدانها الشرعية القانونية.
2- حصول تدخلات خارجيةفي آخر لحظة وتقديم تشكيلة وزارية يقبل بها الرئيس عون. وبالتالي يوافق عليها وينقل سلطاته إلى الحكومة الجديدة علمًا بأنه من غير المضمون أن تنال الثقة في المجلس النيابي للمباشرة بأعمالها.
3- نقل صلاحياته إلى مجلس قيادة الجيش اللبناني كونه المؤتمن على سلامة لبنان وأمنه؛ ولا بد من نقل صلاحياته إلى جهة ما في ظل غياب الحكومة ولا يتركها معلقة للمجهول.
وهذه الأمور ستدخل لبنان في نفق المجهول نظرًا للإجتهادات المتناقضة حول صلاحيات المجلس الدستوري.
وقد اقتطفت فقرتين من مقال للزميل جهاد إسماعيل في جريدة الأخبار بتاريخ السبت 15 كانون الثاني 2022 بعنوان :-
هل يحق للمجلس الدستوري تفسير الدستور؟
إثر كلّ خلافٍ بين أركان المؤسسات السياسية على مادة دستوريّة معيّنة، يُثار النقاش حول هوية الجهة الّتي بمقدورها تفسير الدستور، على خلفية إنتفاء النصّ الحاسم والواضح بشأن المرجعية المختصّة في التفسير، سيما أن وثيقة الوفاق الوطني، تحت عنوان «الإصلاحات الأخرى» - البند الثاني، نصّت على صلاحية المجلس الدستوري في تفسير الدستور، قبل أن يُسقط المجلس النيابي، كسلطة تأسيسية، هذه الصلاحية بموجب المادة 19 من الدستور، ويضع، بالتالي، برنامج المجلس الدستوري الواجب إتباعه عند التقدّم بمراجعة أمامه، ما أدّى إلى انضمام الفقهاء في القانون الدستوري الى قافلة الانقسام بين مؤيد ورافض، من دون أن يحجب تعدّد الاتجاهات، برأينا، المنطق الدستوري الّذي يؤكد صلاحية مجلس النواب لا المجلس الدستوري في تفسير الدستور، تبعًا للمسوّغات التالية:-
بالعودة الى نصّ المادة 19 من الدستور، نجد أنّ المشرّع الدستوري حصر صلاحية المجلس الدستوري في مراقبة دستورية القوانين والبتّ في الطعون الانتخابية، وإلا لو أراد المشرّع منح المجلس الدستوري صلاحية تفسير الدستور، كما ورد في وثيقة الوفاق الوطني، كان قد أعرب عن ذلك صراحةً، على قياس سائر النصوص الدستوريّة الّتي تعدّد صلاحيات المؤسسات الدستوريّة (رئيس الجمهورية، مجلس الوزراء...)، على اعتبار أن ما يُعتدّ به هو النصّ الدستوري حصرًا. ولا يمكن، والحال هذه، الارتكاز الى نصوص لا تتمتّع بقوة دستورية ملزمة. وبالتالي، ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني، في رأينا، مجرد قواعد إرشادية لا تقريرية، حيث تتطلب تدخلاً من المشرّع بموجب نصوص لها قوة الزامية.
وهناك إجتهادات قانونية تؤكد صلاحية المجلس في تفسير الدستور بالإضافة إلى صلاحيته الرقابية في تطبيق الدستور.
فيوم الغد هو اليوم الحاسم ومنتصف ليل الإثنين سيدخل لبنان في نفق التجاذبات السياسية والدستورية في غياب رئيسي الجمهورية والحكومة إلا إذا حصلت مفاجأة من العيار الثقيل جدًا تمنع لبنان من الدخول في نفق أزمة كان بغنى عنها.
وإن غدًا لناظره قريب
30 تشرين الأول/اكتوبر 2022
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha