د. علي حكمت شعيب ||
ورد في نهح البلاغة عن الإمام علي عليه السلام في معرض التأسي بالأنبياء عليه السلام وزهدهم في الدنيا:
"وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ وَيَأْكُلُ الْجَشِبَ وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَسِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ وَظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ.
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَلَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ وَلَا مَالٌ يَلْفِتُهُ وَلَا طَمَعٌ يُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَخَادِمُهُ يَدَاهُ"
هذه نماذج من سلوك المسيح عليه السلام ينبغي أن تشكّل موازين للسلوك لكل من يدّعي الانتماء إليه لا سيما منهم الذين يسمون أنفسهم علماء أو رجال الدين ليسيروا على هديه وليقتدوا بسنته.
فلو كان المسيح عليه السلام حاضراً بيننا* لما توسّل في عظاته لبس الثياب الموشحة بالذهب أو اعتمار القلنسوات المرصّعة بأنواع الدّرر أو الإمساك بالعصي الفضية أو التشبه بالأخلاق والأعراف الملكية.
ولما داهن الظالمين ودخل أرضهم المقدسة التي احتلوها مقراً لهم بما اغتصبوا ومباركاً لهم ولعملائهم فيما فعلوا.
ولما وقف على الحياد في القضايا الإنسانية أو تعصّب لطائفة من الناس دون أخرى أو جلس على موائد الأغنياء الشهيّة وترك مصاحبة الفقراء الهنيّة فهمّه الأول عليه السلام هو:
التخفيف عن الفقراء والمتعبين ونصرة المظلومين دون تمييز ونشر المحبة والرحمة ومحاربة الظلم والقسوة والدعوة إلى الله الواحد سبحانه وترك عبادة ما سواه.
عسى أن نتأسّى جميعاً بهذا النبي العظيم.
ميلاد مجيد