سوريا - لبنان - فلسطين

تربع نتنياهو بجدارة على قمة عرش النرجسية بعد إزاحة نيرون

1569 2023-07-25

عدنان علامه ||


 / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

 

نجح نتنياهو بإمتياز في حماية نفسه من المحاكمة بتهم الفساد الثابتة عليه وعلى زوجته بعد 30 إسبوعًا من المظاهرات الحاشدة بإلغاء الكنيست بند "حجة المعقولية" أمس؛ والذي كان يسمح بالرقابة على الحكومة وقرارات الوزراء.

وكان قرار الكنيست بالموافقة  على إلغاء بند "حجة المعقولية" بمثابة الضربة القاضية على القضاء وهو المعقل الوحيد لليسار الذي كان يفرض بموجبه عمل الرقابة على الحكومة؛ وكان أيضًا الضربة القاضية على تماسك الجيش  والمؤسسات الداخلية. فقد أصبح الشرخ في المجتمع الصهيوني إنقسامًا عاموديًا  حادًا جدًا لا يمكن توحيده مهما حصل.

وقد فتح هذا الإنتصار شهية  أطراف الإئتلاف الحكومي الأكثر يمينية وتطرفَا وعنصرية في تاريخ الكيان لتحقيق المزيد من الحد من رقابة القضاء على الحكومة. فانتهز هذه الفرصة الذهببية  بعض أعضاء الكنيست من كتلة "يهدوت هتوراة"  وقدموا مشروع قانون أساس يصف  الدراسة في معاهد تدريس التوراة (ييشيفاه) بأنها "خدمة هامة"، تكون موازية للخدمة العسكرية. ويهدف القانون إلى إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية، وهو يأتي ضمن خطة إضعاف جهاز القضاء.

ولا بد من الإطلاع على مفهوم "النرجسية" عند كل من نتنياهو ونيرون؛ وبند " حجة المعقولية"؛ لأنهما ستتسبان بتآكل  الكيان المؤقت بسرعة قياسية لم  ولن يتوقهعا أحد. وفي توصيف دقيق جدًا للوضع الداخلي الحالي في الكيان الصهيوني؛ فقد أصبح كعصا النبي سليمان عليه السلام التي كان يتكئ عليها، فنخرها السوس وإنهارت؛ وانهارت بعدها رفات النبي سليمان، فعرف الجن حينئذ بوفاة النبي سليمان عليه السلام.

وننتقل سويًا إلى تعريف النرجسية:

"إن النرجسية نزعة تتوجه فيها كافة مشاعر واهتمامات الإنسان إلى شخصه: جسده، وعقله، ومشاعره، واهتماماته الشخصية".

وبالتالي، فالنرجسي ليس عنده حب، أو تعاطف، أو عقلانية، أو حكم موضوعي. فإن الشخص النرجسي يبني جدارًا غير مرئي حول نفسه. وهو يرى نفسه أنه كل شئ، والعالم لا شئ، أو بالأحرى: هو العالم.

وإن جنون عظمة نتنياهو ونرجسيته وتركيزه على نجاة نفسه من العقاب، وتقليص دور رقابة القضاء على قرارات الحكومة والوزراء، قد منعوه من رؤية حقيقة مئات الآلاف من المتظاهرين بشكل يومي وعلى مدى 30 إسبوعًا؛ الأمر الذي أدى إلى الشرخ العامودي الحاد بين يسار ملزم على الخدمة الإجبارية وبين يمين متفلت منها بحجة التدين، ومما زاد الطين بلة أن جماعة من "الحريديم" أي المتشددين المتدينين تقدموا بمشروع قانون مثير للجدل منذ بدء آلاحتلال   يساوون فيه  درس التوراة بالمدة الفعلية للخدمة العسكرية الإلزامية .

واما بالنسبة لنيرون فأن أشهر جرائمه على الإطلاق كان حريق روما الشهير سنة 64 م حيث راوده خياله أن يعيد بناء روما، وبدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير حيث شبت فيها النيران وانتشرت بشدة لمدة أسبوع في أنحاء روما، والتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر.

وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفي وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذي خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة.

هلك في هذا الحريق الآلاف من سكان روما واتجهت أصابع اتهام الشعب والسياسييّن تشير إليه بأنه هو المتسبب في هذا الحريق المتعمد، وتهامس أهل روما بالأقاويل عليه وتعالت كلماتهم وتزايدت كراهية الشعب نحوه، وأصبح يحتاج إلى كبش فداء يضعه متهماً أمام الشعب.

فنتنياهو اراد أن يتهرب من المحاكمة بتهم الفساد، فاستبطن مشروع الإصلاح القضائي ولم يستمع إلى نصائح السياسيين والعسكريين في الداخل والخارج وحتى الرئيس بايدن طيلة 30 أسبوعًا؛ ومضى في تنفيذ  حلمه ونجح في ذلك أمس.

فلنطلع سويًا على "حجة المعقولية" التي  ألغاها الكنيست.

فالأمر يتعلق بتعديل من شأنه الحد من قدرة المحكمة العليا على إبطال قرارات للحكومة والوزراء حال اعتبارها "غير معقولة".

ويقول المؤيدون إن هذا سيسمح بحوكمة أكثر فعالية ويترك للمحكمة في الوقت نفسه مجالا واسعا للرقابة القضائية. ويقول المنتقدون إن التعديلات ستفتح الباب أمام الفساد وإساءة استخدام السلطة.

ويعتقد المحتجون أن خطرًا يحدق بالديمقراطية، ويخشى كثيرون أن يقلص نتنياهو والحكومة اليمينية المتشددة استقلال القضاء مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب دبلوماسية واقتصادية وخيمة، ويدفع نتنياهو ببراءته في قضية فساد قائمة منذ فترة طويلة ويجعل ذلك من نتنياهو حاكمًا بأمره يحكم بدون أية رقابة، إي ديكتاتورًا بكل ما للكلمة من معنى.

فنتنياهو بجنون عظمته ونرجسيته قد استطاع أن يزيح   نيرون عن قمة العرش الذي تربع عليه حوالي 20 قرنًا. والفرق بأن نتنياهو قد ساهم بقرار واحد فقط في تآكل  الكيان الغاصب وقوة ردع جيشه من الداخل وستكون التداعيات كارثية وستتساقط قريبَا المؤسسات كتساقط أحجار الدومينو.

وسيتسبب الإئتلاف الحكومي اليميني  المتغطرس في خراب الكيان بسرعة متزايدة لأن الإئتلاف كان على أساس المصالح وليس على أي أساس آخر ؛ وبالتالي ستزداد نسبة هجرة رؤوس المال والمستوطنين إلى أكثر من 50% طلبًا للأمن الذي سيصبح مفقودًا.

 

وإن غدَا لناظره قريب

 

25 تموز/يوليو 2023

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك