د. إسماعيل النجار ||
لبنان ليسَ بلداً فقيراً معدوم الإمكانيات!
هذا البَلَد الصغير بمساحته أغنى العالم وأثراه بالعقول النَيّرَة حتى وصلَ صَدىَ إنجازاتهِ كل أرجاء المعمورة،
وعلى الصعيد الإقتصادي لبنان يُعتَبَر مركز مهم بالنسبة للتجارة العالمية ونقطة وصل بين الشرق والغرب كَونَ موقعه مُطِل على سواحل أوروپا،
لبنان يمتلك ثروة ضخمة من النفط والغاز في باطن البر والبحر، وإلإكتشافات التي حصلت في خمسينيات القرن الماضي في منطقة البقاع الشمالي سهل القاع والأوسط تؤكد وجود الغاز والنفط في بلادنا، لكن مُنِعَ هذا البلد من إستخراج هذه الثروة لضعفه ولوجود حقول مشتركة مع سوريا الأقوىَ منه،
أيضاً لبنان لديه مصادر مياه معدنية كثيرة منها نهر العاصي ونبع اليمونة ونبع سباط وروافد الليطاني في البقاع ونبع الوزاني والحاصباني ونهر القاسمية والأولي جنوباً، والنهر الكبير شمالاً ناهيكَ عن مئات الينابيع والروافد في كل أرجاء البلاد،
يتوزع ما يزيد عن العشرين مليون لبناني مغترب خارج البلاد لديهم الإمكانيات والثروات منذ أكثر من مئَة عام شكلوا نهراً متدفقاً من السيولة طيلة هذه السنين إلى موطنهم الأصلي،
كانت حركة المصارف اللبنانية هي الأنشط عالمياً ونالت ثقة المودعين المحليين والعرب والدوليين،
لبنان ليسَ بلداً فقيراً ولديه فائض من الثروة ولكن يقابله فائض في مستوى اللصوص،
بماذا يتميَّز اللص اللبناني عن غيرَهُ؟
من مميزات اللص اللبناني أولاً أنه مسؤول في الدولة صاحب منصب وكاريزما، حكوجي من الطراز الرفيع وشاعر ووقِح وإبن حرام،
ثانياً، لديه القدرة على الوقوف على منبر وإلقاء خطاب بالعفة والشفافية ومحاسبة اللصوص من دون ان يَرِف له جفن،
لكن أي لصوص يعني في خطابه الله اعلم ربما يعني الشعب المعتر،
تنتمي فئة اللصوص الرسميين الكبار في لبنان إلى جميع طوائفِهِ وفئات مجتمعهِ، منهم البيك ومنهم المير ومنهم الشيخ ومنهم مَن إدعَىَ محاربَة الإقطاع، ومنهم السيادي، ومنهم الإنعزالي ومنهم رجال دين عملاء مُنقادين للخارج،
يتميَّز أيضاً اللص اللبناني عن غيرهِ من لصوص العالم بأنه أنيق ومُعَطَّر دائماً، ويلبس ساعات فاخرة ويمتلك شقق فخمة وسيارات فارهة ولسانه بسبع فراشات، يرفع دائماً شعار مكافحة الفساد،
هؤلاء النُخَب الرفيعه من اللصوص اللبنانيين نهبوا أموال المودعين وأموال الخزينة وسرقوا الأملاك البحرية والمشاعات والسلطة،
واحدة من أهم ميِّزاتهم أنهم ينامون وعيونهم مفتوحة على كل قرش يأتي إلى الخزينة، وآذانهم تسمع فقط أخبار الصفقات وغير مبرمجة لسماع أنين المرضىَ المتألمين أو الفقراء الجائعين،
أبناؤهم لا يشبهون أبنائنا فهم يسكنون القصور ذات القباب العالية،
نحن الفقراء بعض أبنائنا يقيمون في قبور شواهد أسمائهم عليها أيضاً عالية، والبعض الآخر يسكن قريب من قبر أخيه او ولدِه أو أبيه،
لصوص لبنان جميعهم ينتمون إلى أحزاب ترفع شعارات ذهبية وفي كل موسم إنتخابات تكون وعودهم ماسية وثمَ يختفون إلى أربع سنوات أخرىَ،
لديهم أي اللصوص اللبنانيون حاسة شَم قوية ترشدهم إلى وجود مال هنا أو هناك صفقه هنا أو هناك، تنافس حاستهم حاسة شَم الكلاب لرائحة اللحوم في أي مكان،
إذاً لبنان ليسَ فقيراً وليس بحاجة إلى قروض دولية، لكنه بحاجة إلى إبادة تلك القرود البشرية التي إذا اتفقت فيما بينها أكلت المحصول. وإذا اختلفت اتلفتهُ عن بِكرَة أبيه،
أليسَ هذا هو ما حصل ويحصل في لبنان؟
بيروت في...
16/9/2023
https://telegram.me/buratha