صرّح المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن عودة الفوضى الأمنية، إلى بعض المدن السورية، مع تنتشر العديد من المقاطع المصورة لحالات اعتقال وخطف وحتى قتل، إذ ذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن في تصريح صحفي إن "السوريين يعيشون في ظروف تشبه تلك الأيام في عهد بشار الأسد، إذ تتكرر الجرائم بصورة أخرى، تحت ذريعة تصرفات وأخطاء فردية كما تصفها الإدارة السورية الجديدة".
وأضاف ان "فصائل مسلحة تقوم في عدة مدن بعمليات تصفية، لعشرات الأشخاص لاعتبارات عديدة، أبرزها استهداف العسكريين السابقين، أو من يتهمونه بدعم النظام السابق، أو حتى لانتمائهم لطائفة معينة".
وفي حصيلة غير نهائية، وثق المرصد مقتل 189 شخصا على الأقل منذ بداية العام في عدد من المدن، بينهم خمس نساء، حيث لفت عبد الرحمن إلى أن "غالبية هذه الجرائم الانتقامية، جرت بأسلوب التصفية، بحيث يقتحم مسلحون يرتدون الزي العسكري المنازل، ويلقون القبض على مواطنين، وبعد عدة أيام يتم العثور على جثثهم".
والجمعة، اقتحم مسلحون قرية في ريف حمص الغربي وأعدموا 15 شخصا ميدانيا، فيما جرى اعتقال أكثر من 50 شخصا آخرين، وسط مخاوف من إعدامهم.
وكانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا قد طالبت الإدارة الجديدة منتصف كانون الثاني، بحماية المدنيين ومعاملة الذين ألقوا أسلحتهم معاملة إنسانية وحماية الأدلة على الجرائم للمساعدة في ضمان المساءلة في المستقبل.
وإلى جانب القتل، تم تسجيل العديد من حالات الخطف لشخصيات من أساتذة جامعيين أو أطباء في عدة مدن، والتي غالبا ما يتم العثور عليهم جثة هامدة بعد عدة أيام.
وشبه عبد الرحمن ما يحصل من اختطاف بـ "العدوى"، مشيرا إلى وجود "حالة من الفلتان الأمني".
كما ذكر ان "الإدارة الجديدة في دمشق تصف ما يحصل بحالات فردية"، ولكن هذا لا ينفي وجود اعتقالات تعسفية تشرف عليها الإدارة ذاتها"، فقبل أيام، تم اختطاف الأستاذة الجامعية، رشا ناصر العلي، في مدينة حمص، وانتشرت أنباء تم نفيها بالعثور على جثتها مقطعة الأصابع.
وأكدت إدارة الامن العام في حمص، أن "البحث عن رشا لا يزال مستمرا"، واصفة "المزاعم بالعثور عليها مقتولة بالإشاعات".
اتحاد الكتاب العرب، نشر بيانا ناشد فيه الأجهزة الأمنية والعسكرية في حمص للمساعدة في العثور على أستاذة اللغة العربية في جامعة حمص، رشا، وطالبوا بإفراج المختطفين عنها.
ولم تكن رشا الوحيدة التي تم اختطافها، إذا تم اختطاف طبيب من عيادته في دمشق، من قبل مسلحين قالوا إنهم من "هيئة تحرير الشام" وهي التنظيم الذي قاد العملية العسكرية الواسعة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسد في 8 كانون الاول الماضي.
وقبل أيام تم اعتقال نائب عميد كلية الصيدلة في جامعة الشام الخاصة، سلطان الصلخدي، من قبل مسلحين، وأفرج عنه بعد ساعات، ليتبين أن شكوى كيدية كانت السبب.
وأسفرت الحرب في سوريا التي اندلعت في آذار 2011 إثر قمع دام لتظاهرات سلمية مناهضة للاسد، عن أكثر من نصف مليون قتيل، وأجبرت الملايين على اللجوء أو النزوح ودمرت البنى التحتية للبلاد.
وتقول مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة إن أكثر من مئتي الف لاجىء عادوا الى سوريا منذ سقوط الأسد.
وبشأن الفصائل التي تقوم بهذه الجرائم، يشرح مدير المرصد "أن بعضها من فصائل مسلحة لم يتبين أنها منضوية تحت هيئة تحرير الشام، وأنها ظهرت مؤخرا في العديد من المدن".
ويعتقد أن العديد من هذه الفصائل تشكلت من مجموعات مسلحة فرعية، وأصبحت تقوم "بعمليات انتقامية، مستهدفة العسكريين السابقين، أو أي من أبناء الطائفة العلوية أو الشيعية، وحتى اعتقال وتصفية أي شخص يعتقدون أنه كان داعما لنظام بشار الأسد، حتى وإن لم تتوفر لديهم أي أدلة على ذلك".
ويتخوف عبد الرحمن من أن "يصبح الانتقام، والتصفية سمة المرحلة الحالية" بحيث ينتشر في بعض المدن ما يطلق عليه "أخذ الحق باليد".
وقال المتحدث إن "بعض الأشخاص يقومون بتنظيم فصائل مسلحة، ويرهبون الآخرين، فيما يستمر الانفلات الأمني، والفصائل التابعة للهيئة مشغولة في تنفيذ الاعتقالات، حيث تم اعتقال الآلاف في المدن السورية".
في حين انتقد الفنان السوري مازن الناطور، "ممارسات وثقتها مقاطع فيديو لعمليات القبض على عناصر من النظام المخلوع من المتهمين بارتكاب انتهاكات بحق السوريين، داعيا إلى محاكمتهم وفق الأصول"، حيث قال "رفقا بالمجرمين، لن نكون كالمجرم الأسبق"، في إشارة إلى الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، الذي اشتهر نظامه بممارسة صنوف التعذيب القاسية في السجون.
https://telegram.me/buratha