يبدو أنّه لا شيء يمكن أن يوقف سلسلة الفساد المالي في المؤسّسة العسكريّة العراقية، والتي يعزو الكثير من المراقبين وقوفها خلف الانهيار السريع للجيش في الموصل، في العاشر من شهر يونيو/حزيران الماضي، في أوّل مواجهة فعليّة مع تنظيم (داعش). ويمتدّ الفساد بدءاً من القيادات العليا حتى المستويات الدنيا في الجيش، ويستغلّ هؤلاء الميزانيّة السنويّة الضخمة للجيش، والبالغة 23 مليار دولار أميركي.
وفي سياق متّصل، يكشف مسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى، عن 'حجز أكثر من 200 ألف طن من المواد الغذائيّة والتمور والدقيق، المخصّصة لقوات الجيش والشرطة و'الحشد الشعبي' التي تساند القوات النظاميّة في حربها ضد 'داعش'، بسبب عدم صلاحية استهلاكها البشري'.
ويوضح المصدر، الذي يشغل منصباً رفيعاً في وزارة الدفاع العراقيّة، أنّ 'رئيس الوزراء حيدر العبادي أمر بإيقاف شحنة مواد إعاشة مخصّصة لقوات الجيش والشرطة والحشد الشعبي، بعد حالات تسمّم عديدة وقعت بسبب تناولها، وتبيّن بعد الفحص أنّ الشحنة التي جُهزت في آخر أيام حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، غير صالحة للاستهلاك البشري، وبعض منها غير صالح للاستهلاك الحيواني أيضاً'.
وتبلغ قيمة تلك المواد، وفق المصدر ذاته، '100 مليار دينار عراقي من ميزانيّة الدولة، أي ما يعادل نحو 90 مليون دولار'. ويشير إلى أنّه 'ومنذ أيام، تشتري وحدات عدّة في الجيش احتياجاتها من الطعام من الأسواق والمطاعم، على نفقتها الخاصة، بسبب تلك الصفقة السيئة التي تبيّن أنّها جاءت فاسدة من مصدرها'.
وفي هذا الإطار، يكشف رئيس لجنة التنمية الزراعية في البرلمان، فرات التميمي، أنّ 'كميّة المواد المضبوطة تبلغ مائتي ألف و10 أطنان من المواد الغذائيّة، كالمعلّبات والخبز والوجبات الجاهزة والتمور، وكلها تمّ شراؤها في زمن حكومة المالكي السابقة، لكنّه جرى تجهيزها قبل أيام، بعد وصولها إلى المخازن في عدد من محافظات البلاد'.
ويوضح التميمي أنّ 'صفقة الأغذية الفاسدة للجيش والقوات الأمنيّة يتحمّلها المالكي ووزير الزراعة السابق عز الدين عبد الله'، مؤكداً امتناع قادة الوحدات القتالية في الجيش عن استلام تلك الأغذية واعتمادهم على الشراء من الأسواق حالياً'. ويقول إنّ 'بعضها غير صالح حتى كعلف حيواني، ويمكن القول إنها أكبر عملية فساد في الجزء المتعلّق بمستلزمات الغذاء والدواء لقوات الجيش والحشد الشعبي الذين قارب عددهم المليون عنصر'.
https://telegram.me/buratha