تقف القوات المشتركة عند ساحة اعتصام الرمادي السابقة، شمالي المدينة، بعد أن سيطرت على طريق المرور السريع الرابط بين بغداد وعمان، وهو خط إمدادت رئيسي يستخدمه “داعش” لنقل المسلحين والعتاد بين مناطق الرمادي.
وأشارت جهات مطلعة في الأنبار إلى أن القوات بدأت منذ الاعلان عن إنطلاق المرحلة الثانية لتحرير الرمادي الهجوم باتجاه وسط المدينة، واصبحت قريبة بمسافة كيلومتر واحد فقط.
في حين تؤكد المعطيات ان شارع 60، القريب من منطقة الملعب، شرقي الرمادي، اصبح تحت مرمى القوات المشتركة التي توشك ان تفرض سيطرتها الكاملة عليه.
الإطاحة برؤوس جديدة
يأتي هذا في وقت أعلن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، الأحد، عن مصادقته على قرارات المجلس التحقيقي حول انسحاب قيادة عمليات الانبار والقطعات الملحقة بها من مدينة الرمادي اواسط أيار الماضي.
ووجه العبادي توصيات لتطوير أداء القطعات بالاستفادة من الأخطاء التي حصلت بأرض المعركة، وأكد إحالة عدد من القادة إلى القضاء العسكري لتركهم مواقعهم خلافاً للتعليمات.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان إن “العبادي صادق على قرارات المجلس التحقيقي حول انسحاب قيادة عمليات الأنبار والقطعات الملحقة بها من مدينة الرمادي وتركهم مواقعهم من دون أوامر”.
وأضاف البيان الحكومي أن “المجلس التحقيقي استمع إلى إفادات أكثر من مائة من الضباط والقادة والمراتب وعرض التقرير خلاصة لما حصل في مدينة الرمادي والمناطق المحيطة بها للمدة من 14 إلى 17 أيار 2015″.
ولفت مكتب رئيس الوزراء إلى أن “التقرير تضمن توصيات لتطوير أداء القطعات بالاستفادة من الأخطاء التي حصلت”، مؤكداً أن “المجلس التحقيقي أصدر قرارات بإحالة عدد من القادة إلى القضاء العسكري لتركهم مواقعهم بدون أمر وخلافاً للتعليمات بالرغم من صدور أوامر عدة بعدم الانسحاب”.
وأكد بيان مجلس الوزراء أن “التقرير احتوى على أوامر لوزارتي الدفاع والداخلية لتشكيل مجالس تحقيقية بحق الذين تركوا تجهيزاتهم وأسلحتهم ومعداتهم بأرض المعركة”.
قرارات عسكرية فردية
إلى ذلك يقول النائب عن الأنبار أحمد السلماني، في اتصال مع (المدى)، إن “قيادات كبيرة وعلى مستويات رفيعة متورطة بسقوط الرمادي بيد داعش أواسط أيار الماضي”.
وأكد السلماني إن “قرار الانسحاب العسكري من الرمادي كان بقرار شخصي من القيادات العسكرية دون أن تصدر أوامر من بغداد”، لافتا إلى أن “القرارات العسكرية الفردية تكررت في أكثر من حالة خلال الفترة الماضية”
وتسبب سقوط الرمادي بيد “داعش”، في أيار الماضي، بنزوح الآلاف من سكان الرمادي صوب بغداد وتجمعوا عند مدخل جسر “بزيبز” غربي بغداد في انتظار السماح لهم بالدخول.
ورفضت السلطات الأمنية، في البداية، السماح للنازحين بدخول بغداد خشية من وجود مندسين بين صفوفهم ينتمون إلى الجماعة المتطرفة، ثم وافقت بدخول مشروط، ونقل بعضهم إلى إقليم كردستان بعد الاتفاق مع السلطات الكردية. وتبين أن هناك العديد من الإرهابيين كانوا مندسين بين العوائل النازحة والذين نفذوا فيما بعد عمليات إجرامية وألقي القبض على عدد منهم.
السيطرة على طريق ستراتيجي
ميدانيا، يقول محمد الدليمي، وهو مستشار عسكري في محافظة الأنبار، ان “القوات المشتركة تحاصر الرمادي من أربعة محاور”، مؤكداً ان الاخيرة “استطاعت السيطرة على طريق المرور السريع الرابط بين بغداد والأردن قرب ساحة الاعتصام السابقة”.
وأضاف الدليمي، في اتصال مع (المدى) أن “المنطقة التي تم السيطرة عليها من قبل قيادة عمليات الأنبار، والتي تقود المعارك هناك، ستراتيجية وتمثل خط الإمداد الرئيسي للمسلحين بين الثرثار، حيث تتواجد فيها معسكرات داعش، ومناطق الحامضية والبوعيثة في شمال الرمادي”.
بالمقابل يؤكد القائد الميداني إن “الشرطة الاتحادية تمكنت من الوصول إلى شارع 60، شرقي الرمادي “وصار الشارع تحت مرمى القوات الأمنية”. ويقع الشارع بالقرب من منطقة الملعب، التي تعد من أبرز مناطق نفوذ داعش في الرمادي.
بانتظار عبور الفرات
بالمقابل يؤكد الدليمي، وهو مرشح سابق عن الأنبار في انتخابات برلمان 2014، إن “القوات المشتركة تبعد كيلومترا واحدا فقط عن مركز الرمادي من جهة الجنوب حيث جامعة الأنبار وحي التأميم”. ويفصل الفرات القوات المشتركة المتمركزة في منطقة البو عيثة، شمالي الرمادي، عن مركز المدينة.
وتشارك أفواج الطوارئ من أبناء عشائر الانبار، التي تخرجت مؤخرا من دورات تدريب في قاعدة الحبانية واللذين يقدر عددهم بألف مقاتل، مع القطعات العسكرية المنتشرة في شرقي الرمادي.
وتم تأمين الطريق الرابط بين الرمادي والخالدية، فيما لاتزال مناطق تقع شرق المدينة، مثل السجارية، تعد من المناطق التي يصعب اقتحامها لوجود عدد كبير من المفخخات والقناصين، الذين يستغلون وجود المبازل ووعورة الأرض هناك.
وأعلن وزير الدفاع خالد العبيدي، قبل خمسة أيام، بدء المرحلة الثانية من تحرير المدينة, مؤكدا في كلمة له خلال زيارته كلية أركان الجيش في منطقة الرستمية ببغداد، أن القوات العراقية ستتقدم بحذر وتأن لكثرة العبوات الناسفة والقناصين من جماعة داعش.