دعا رئيس هيئة النزاهة إلى إنشاء محكمةِ مختصة بمحاكمة الوزراء الفاسدين، منبهاً إلى أن إنشاءها أمر دستوريٌّ وقانونيٌّ ولا يتنافى مع موادهما وفقراتهما، مميزاً بين هذه المحكمة والمحاكم الخاصة المحظورة.
وجدَّد الياسري دعوته لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لقبول استقالته، مثمناً موقف رئيس الوزراء لرفضها، مؤكداً أن أسباب الاستقالة منها ما هو شخصي ومنها ما هو مرتبط بالوضع العام، معرباً عن عزوفه من الاستمرار بالعمل رئيساً لجهاز رقابي بالوكالة، ملمحاً إلى أن العمل بالمنصب وكالة يجعل المؤسسة غير قادرة على أن تكون بمأمن من الضغوطات .
وأوضح الياسري خلال برنامج (غير متوقع) الذي بُثَّ من قناة السومرية العراقية ليلة أمس الأربعاء أن القضاء على الفساد ليس من مهمة الأجهزة الرقابية بل مهمتها الحدِّ منه؛ لأنه منظومة متشابكة لا يمكن للأجهزة الرقابية وحدها القضاء عليه، مشدداً على ضرورة عدم الترشيح أو التصويت على فاسدين من قبل مجلس النواب، لافتاً إلى أن الفساد أصبح متشعباً وأخذ ينحو المنحى الاجتماعي الواسع، مقسِّماً إياه إلى فساد ذات بعد عشائري وآخر ذات بعد ديني وسياسي.
وأبدى الياسري تحفظه على قرار القضاء بغلق الدعوى الخاصة بقضية استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي، لافتاً إلى أن تحقيقات الهيئة لم تنتهِ وقبل إحالة الملف التحقيقي أصدر القضاء قرار الإفراج، نائياً بنفسه عن الخوض في تفصيلات التحقيق ملتزماً السرية فيه، مجدداً عدم تدخله بإجراءات القضاء ولا التأثير بسير عمله، مشيراً إلى أن جميع أوليات المحاضر التحقيقية التي عملت عليها اللجنة المؤلفة في هيئة النزاهة والتي أوكل إليها التحقيق في قضية العبيدي قد أحيلت إلى الهيئة القضائية التحقيقية التي ألفتها السلطة القضائية.
ونوِّه بموقف التيار الصدر من إحالة قياديين فيه إلى القضاء، قائلاً : " أننا فوجئنا بموقف التيار الصدري وزعيمه بدعمهم لإجراءاتنا على الرغم من إحالتنا الى القضاء وزيرين ونائب رئيس الوزراء تابعين لهم" مؤكداً دعم رئيس كتلة الأحرار في مجلس النواب الدكتور ضياء الأسدي لإجراءات الهيئة في مكافحة الفساد، منتقداً بعض الوزراء الذين يرفضون دخول مفتشين عموميين لوزاراتهم " ليسوا على مزاجهم"؛ بسبب تعيينهم مفتشين من كتلهم السياسية، واصفاً عمل مكاتب المفتشين بالمهم والمضني والصعب جراء تعرضهم لسلطة الوزير.
ونبَّه الياسري على أن الخبراء الدوليين مهمتهم تقتصر على القضايا ذات البعد الدولي، لافتاً إلى أن هيئة النزاهة هي من بادرت لإشراكهم والاستعانة بهم في التحقيقات وأولها في قضية شركة (أونا أويل)، لافتاً إلى أن الخبراء أعربوا عن عدم حلولهم محل الأجهزة الرقابية العراقية، نافياً أن يكون لهذه القضية ارتباط بتقديم استقالته، مؤكداً إقناعهم لدولهم للتعاون مع العراق بعد عرض شكوى الهيئة لذلك، بل وتنفيذ عمليات إلقاء قبض بحق مطلوبين للعراق بقضايا فساد.
فيما أعرب عن أسفه من عدم تعاون بعض الدول في استرداد المطلوبين والأموال المهربة، عاداً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبولندا والإمارات والأردن على رأس قائمة عدم المتعاونين، مستغرباً من موقف الأردن الرافض للتعاون مع العراق في هذا المجال، ومشيداً بموقف لبنان الذي وصفه بأنه متعاون جداً.
وفي سياق حديثه عن تقسيم الفساد، رفض الدكتور الياسري تقسيم الفساد إلى كبير وصغير، مؤكداً أن المعايير الدولية على خلاف ذلك، مبيناً أن فرق الهيأة مؤخراً ضبطوا موظفين صغاراً متلبسين بسرقة مليارات الدنانير، عازياً تعالي نبرة الداعين إلى القضاء على الفساد الكبير منتقدين بذلك الهيئة إلى طريقة جديدة للمفسدين في تسقيط الأجهزة الرقابية، مؤكداً أن بعض من ينادون بذلك قدَّموا شكاوى وإخبارات للهيئة بقضايا صغيرة جداً، داعياً إياهم للمصداقية في الطرح " إذ لو لم يقدموا لنا الإخبار عن قضايا صغيرة لما تحركت الهيئة للتحقيق فيها".
وفنَّد الياسري المزاعم التي تتهم أداء الهيئة، مستشهداً بالآلاف من البلاغات والشكاوى التي وردت الهيئة في عام 2015، وإحالة عدة وزراء وثلاثة من نواب رئيس الوزراء إلى القضاء، فضلاً عن استرجاع ومنع صرف ما مجموعه ترليون وأكثر من 149 مليار دينار في العام الماضي فقط.
وناشد الياسري في ختام البرنامج إلى عدم شمول قضايا الفساد بقانون العفو العام، منبهاً على أنه سيولد إحباطاً لدى القائمين على محاربة قضايا الفساد التي قضوا للتحقيق فيها أشهراً وربما سنوات، مشيراً إلى الحرج الشديد الذي سيقع به العراق جراء شمول تلك الجرائم بقانون العفو، وأن إقراره بصيغته الحالية سيفسح المجال لكل من ورد اسمه في قضية استجواب الوزير العبيدي إلى التملص من المحاسبة والعقاب، بل وسيعرض سمعة العراق للحط في المحافل الدولية.
https://telegram.me/buratha