كشفت صحيفة "هارتس" الاسرائيلية، عن محاولة اسرائيل استغلال الازمة الاقتصادية التي عصفت بالعراق ابان الحرب الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث لم تكتف إسرائيل بتوقيع اتفاق سلام مع مصر الذي تصادف ذكرى توقيعه غدا الأحد، فرغبت بضم العراق والأردن لبناء محور إقليمي من خلال إعادة بناء خط النفط التاريخي بين كركوك وميناء حيفا.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن "نائب مدير عام الخارجية في إسرائيل في حينها حنان بار أون اقترح (إحياء الأموات)، من خلال إعادة بناء خط النفط التاريخي بين كركوك وبين ميناء حيفا داخل أراضي 48 عن طريق الأردن الذي عمل في أربعينيات القرن الماضي، وتوقف ضخ النفط غداة النكبة الفلسطينية عام 1948، وتم استبداله بخط آخر عن طريق سوريا حتى ميناء صيدا اللبناني، واليوم هو الآخر غير مستعمل نتيجة عدة أسباب وحوادث".
واضافت، ان "المسؤول الإسرائيلي، بار أون، توقع بأنه بالإمكان تقديم اقتراحات للعراق منها تجديد ضخ النفط عبر خط كركوك حيفا أو إطالته وتغيير مساره بحيث يصل لخليج العقبة ومنه لشمال سيناء، على أن تلتزم إسرائيل بعدم المساس به وبذلك يتم بناء مصالح مشتركة للدول الأربع المذكورة".
ووفقا لهارتس، فأن "بار أون أدرك عمق العلاقات الوثيقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن وبين الرئيس المصري أنور السادات فطرح عليه مقترحاته في نهاية ولايته، ثم اقترحها على خليفته اسحق شامير الذي بارك ووافق على البدء بالاتصالات لإخراج الأفكار لحيز التنفيذ، ولهذا الغرض سافر بار أون للولايات المتحدة وعرض على السفير الإسرائيلي في واشنطن مئير روزين الذي سارع لعقد لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز".
وتابعت إن "الفكرة القائمة على مصالح اقتصادية مشتركة وتشكل خطوة نحو السلام، انسجمت مع السياسات الأمريكية التي رغبت بتعزيز قوة العراق مقابل إيران بعد ثورة الخميني والإطاحة بالشاه.. إذ ألقى شولتز على مستشار الرئيس للأمن القومي روبيرت مكفارلين مهمة دراسة الفكرة المقترحة ومنح مساعده هوارد تايشر صلاحية متابعتها، ومبكرا أي في 1984 بدأ تايشر يتحرك، وأظهر الفحص أنه يمكن إعادة صيانة وتفعيل وحماية خط النفط من كركوك إلى حيفا.. ووفق التقديرات الإسرائيلية الأمريكية فإن خط النفط هذا يمكن أن يضخ نفطا تقدر قيمته بعشرين مليون دولار يوميا".
وتشير الصحيفة إلى أن "كل شيء كان جاهزا عدا موافقة العراق الذي حذرت تقارير استخباراتية وقتها من أن تنديد واشنطن بالعراق لاستخدامه سلاحا كيميائيا ضد إيران، من شأنه هدم العلاقات الدبلوماسية بينهما، وعلى خلفية قرار الأمم المتحدة إدانة العراق لاستخدامه سلاحا كيميائيا، رجح البيت الأبيض بقيادة الرئيس رونالد ريغان أن المقترحات الإسرائيلية بتجديد خط النفط من شأنها أن تدفع صدام حسين لإبداء مواقف أكثر ليونة واعتدالا".
وتؤكد الصحيفة، ان "العراق رفض حينها المخطط، بعد لقاء المبعوث الخاص للشرق الأوسط دونالد رامسفيلد، بوزير الخارجية العراقي طارق عزيز، الذي قال بدوره لرامسفيلد ان موافقتي تعني ان يعدمني صدام حسين".
ولاحقا وافق العراق على بناء خط للنفط يصله بميناء العقبة بعدما وافقت إسرائيل خطيا وبتوقيع رئيس حكومتها وقتذاك شمعون بيريس خليفة اسحق شامير، وفق اتفاق تناوب السلطة، بوساطة أمريكية الالتزام بعدم المساس بالخط مقابل تأمين حصة من الأرباح لها بطريقة غير مباشرة (70 مليون دولار سنويا لمدة عشرين عاما).
وتم تجميد المشروع مع انتهاء ولاية ريغان، وهناك وفق الصحيفة الإسرائيلية، عدة تفسيرات منها أن بغداد لم تكن جادة فعلا بل رغبت بالمناورة بعلاقاتها مع واشنطن.
وتنقل الصحيفة عن شامير قوله "اتضح أن العراق لم ينوي للحظة واحدة إقامة علاقات أيا كانت مع إسرائيل ورغب بإرضاء الجانب الأمريكي فقط"
.
https://telegram.me/buratha