مديرو مصارف يستفيدون من مزاد العملة ما قيمته 400 مليون دولار شهرياً
كشفت عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي أن مدراء مصارف يستفيدون من مزاد العملة للبنك المركزي بقيمة تتراوح ما بين 300 إلى 400 مليون دولار شهرياً.
وأشارت إلى أنّ «احتياط الدولة من العملة الأجنبية تناقص كثيرًا نتيجة تسرب أموال لجيوب من وصفتهم بالفاسدين».
وتُثار شبهات فساد وعمليات غسيل اموال عبر مزاد البنك المركزي، حيث اعلنت محكمة الجنح المتخصصة بقضايا النزاهة والجريمة الاقتصادية وغسيل الأموال الشهر الماضي اصدارها أحكاماً بالحبس والغرامة المالية بحق مسؤولين في مصرفي الرافدين والشمال، بعد إدانتهم بتهم تتعلق بالفساد وغسيل أموال، إضافة إلى وجود 20 متهماً في هذه القضايا بعضهم بدرجة رئيس مجلس إدارة بنك.
الى ذلك، قال إياد محسن ضمد، قاضي تحقيق غسيل الاموال، أن «البنك المركزي يبيع الدولار لتحقيق غرضين أساسيين: الاول لشركات الصرافة بحصة أسبوعية على ان تقوم هذه الشركات ببيعها إلى من يروم السفر للعلاج أو السياحة بأقل من سعر السوق».
واستدرك بالقول لكن «بعض الشركات تبيع الدولار بالسوق السوداء وتقدم نسخاً لتذاكر سفر وجوازات مزيفة».
وقال إن «الغرض الثاني هو لأغراض استيراد القطاع الخاص من خلال مزاد العملة»، مبيناً أن «الصورة الاكثر تكراراً لغسل الاموال في العراق تحدث من خلال مزاد بيع العملة في البنك المركزي، وذلك بقيام مرتكبي جرائم الاختلاس والرشوة وتقاضي العمولات بإيداع اموالهم في حسابات لدى المصارف الاهلية».
وحذر من أن «اتفاقاً يحصل مع أشخاص يمثلون واجهات لهم وتسجيل شركات تجارة عامة بأسمائهم، ومن ثم يقدمون طلبات للدخول لمزاد بيع الدولار بحجة تغطية احتياجات القطاع الخاص الاستيرادية، وتحويل ملايين الدولارات إلى حسابات مالية في الخارج دون ادخال بضاعة مقابلها، وعندها تكون تعاملاتهم مشبوهة بلا اغراض تجارية أو قانونية».وأشار قاضي غسيل الاموال إلى أن «الآليات التي وضعها البنك المركزي لبيع الدولار من خلال مزاد العملة تكون بفتح التاجر لحساب في المصرف الاهلي لكي يحصل على ما يحتاجه من البنك المركزي بعد تقديم طلب لشراء العملة معززًا بقوائم شراء بضاعة وبراءة ذمة من الضريبة واجازة استيراد من المعارض العراقية».
وأوضح ضمد أن «عملية شراء الدولار تكون بين المصرف الأهلي والبنك المركزي لغرض تغطية ما يطلبه الزبون».
وأشار إلى أن «التزامات قانونية فرضها البنك المركزي على المصارف الاهلية بموجب القانون وفق مبدأ اعرف زبونك حيث يقع على عاتق تلك المصارف التحقق ممن يتعامل معه وضرورة معرفة هل أن الزبون أي التاجر يستطيع أن يجري مثل عملية الاستيراد هذه ويمتلك المال أم أنه واجهة لتغطية مصادر اموال يملكها مجرمون».
وأضاف ضمد، في حديث نقلته «ايلاف» نقلاً عن مجلة القضاء، ان «الوقائع تشير إلى أن التاجر يقدم مستندات ووثائق مزوّرة وقوائم وتصاريح وهمية عن طريق المصارف الاهلية لتحقق طلب شراء العملة ويحولها إلى الخارج». وتابع أن «الواقعة يتم كشفها بعد مرور المدة المحددة بثلاثة اشهر وهي المدة التي تفرض على العميل بعدها تقديم تصاريح تفيد بأن البضاعة قد دخلت إلى العراق، وهناك يقوم البنك المركزي بمفاتحة دائرة الجمارك وحينها يتم كشف التزوير وتجري المحكمة تحقيقاتها».
ويعود ضمد إلى مبدأ اعرف زبونك بالقول «على المصرف التحقق من قدرة عميله على تسديد ما بذمته، وفي حال تبين له عدم المقدرة عليه إبلاغ البنك المركزي خلال 15 يوماً بأن هناك تعاملاً مشبوهاً». وفيما نفى «تسجيل أي حالة من هذا النوع ضد أي زبون»، رأى أن «المصارف الأهلية أصبحت ممّراً سهلاً لعمليات غسل الاموال».
وزاد «بموجب الوقائع المعروضة فإن البنك المركزي لطالما يلقي باللائمة الكاملة على المصارف الاهلية وهذا غير صحيح؛ لان الاخيرة ليست جهة حكومية وأن العقوبات التي تطولها إدارية فقط». وشدّد على أن «عمليات الرقابة وتدقيق شراء العملة تكون لاحقة وبعد ضياع المبالغ المسحوبة»، داعياً إلى أن «تجري التدقيقات قبل عملية الصرف». وطالب ضمد بـ»وضع آليات لتدقيق صحة الفواتير والتأكد من حساب الزبون وحقيقة المبالغ المطلوبة هل أنها لتغطية استيرادات القطاع الخاص أم لأسباب أخرى».
وأورد أن «الجريمة يتحملها التاجر وكل الأشخاص الذين أسهموا بتغذية حسابه والمصرف الذي لم ينفذ التزاماته حسب قانون غسل الاموال».
ووفقًا لقاضي غسيل الاموال، فإن «عقوبة المسؤولين عن المصرف المتسبب بهذا النوع من الجرائم تكون جنحة وهي عقوبة التاجر ذاتها إلا أنها قد تصل بحقه إلى السجن المؤبد اذا ثبت أن المبالغ خصصت لدعم العمليات الارهابية». واضاف أن «البنك المركزي غالبًا ما يفرض غرامات مالية على المصارف التي لا يلتزم زبائنها بتعليمات مزاد بيع العملة»، مبيناً أن «المخالف عليه دفع فرق السعر بين قيمة الدولار في الاسواق وما اشتراه من البنك المركزي».
واوضح قاضي غسيل الاموال أن «للمحكمة اكثر من باب في استقبال البلاغات عن هذه الجرائم من بينها مكتب الابلاغ عن غسل الاموال، إضافة إلى مديرية مراقبة على الصيرفة والائتمان في البنك المركزي من خلال ما تجريه لجانها التدقيقية والتفتيشية، كما أن المحكمة تتلقى احياناً بلاغات من مخبرين عاديين».
واكد أن «محكمة تحقيق غسل الاموال انجزت عشرات القضايا واحالت مرتكبي جرائم غسل الاموال إلى محاكم الجنح والجنايات».
من جانبه، يقول قاضي جنح النزاهة وغسيل الاموال راضي الفرطوسي في حديث مع المجلة أن «محاكمنا تتعامل بجدية كبيرة مع هذا النوع من القضايا وحسم العديد منها». واوضح ان «تأخير حسم بعض الدعاوى يكون لأسباب لا تتعلق بالقضاء من بينها عدم انجاز التحقيق الاداري من الجهات ذات العلاقة».
وانتقد «عدم تحديد الجهات المعنية للمبالغ المشتراة من قبل المصارف الاهلية عند اجراء التحقيق الاداري، وكذلك مقدار الضرّر المتحقق نتيجة عمليات غسيل الاموال».
وشكا من عدم «تدقيق تلك الجهات التصاريح والفواتير المقدمة من قبل المصارف والزبائن قبل اشتراكهم في مزاد العملة الاجنبية». واوضح ان من القضايا الغريبة المعروضة أمام القضاء، اوضح الفرطوسي بأن «شاباً لم يتجاوز 25 عاماً قام بتغذية حسابه بمبلغ 10 ملايين دولار رغم أنه يعمل سائق اجرة وبعد التحقق معه تبين أنه واجهة استخدمته احدى الجهات لغرض غسل هذه المبالغ وتحويلها إلى خارج العراق».
وكان البنك المركزي العراقي باع أكثر من 44 مليار دولار في مزاد العملة الأجنبية عام 2015 وذكرت احصائية نشرها البنك أن الكمية المباعة للمصارف بلغت 44 ملياراً و303 ملايين و799 الفاً و966 دولارًا.
وبرغم هذه الكمية الضخمة التي تشكل الحوالات منها النسبة الأكبر، لكنها سجلت بحسب البنك المركزي انخفاضاً مقارنة بذات الفترة للعام الماضي بمقدار 7 مليارات 234 مليوناً و149 الفاً و34 دولاراً.. حيث بلغت المبيعات 51 ملياراً و537 مليوناً و949 الف دولار.
https://telegram.me/buratha