جهاد النقاش ||
يعلم الجميع مقدار العداء الذي تكنه الولايات المتحدة للحشد، وهي تسعى بشتى الطرق إلى تطويقه وعزله ولو أمكنها حله والخلاص منه لفعلت.
وقد مهدت لهذه الغاية وكشفت عن هذا الغرض بأساليب ناعمة أحيانا وخشنة في أحايين أخر، فالقصف المتكرر لقطعات الحشد طيلة حرب التحرير من د١عش بذريعة الخطأ، ثم القصف المتعمد لمخازن الحشد مع عدم تحمل المسؤولية، ثم القصف مع سبق الرصد والتعمد، مرورا باستهداف نائب رئيس الهيئة في حادثة المطار، واستمرارها بعد جريمة الاغتيال، كلها أفعال عدائية صريحة توضح هذه النوايا.
وقد استمر ضغطها الناعم من جهة أخرى على السياسيين وصناع القرار في العراق بغية إلغاء الحشد وحله، لكن وقوف الناس خلف الحشد، وإيمانهم بحرصه وحبه للعراق شكل عقبة أمام تحقيق هذا الهدف؛ لذا لجأت إلى مسارات شعبية عبر عملائها وقنواتها ومدونيها، باستهداف وطنية الحشد والتشكيك بنزاهته وجهاده، فضلا عن تقسيمه بغية إضعافه، فكانت التقسيمات التي عملت الولايات المتحدة على ترسيخها في الشارع.
وهذه جملة من التقسيمات التي بثتها الولايات المتحدة في ذهن الشارع العراقي:
١- تقسيم الحشد إلى أفراد وقيادات.
٢- تقسيمه إلى مرجعي وولائي.
٣- تقسيمه إلى حشد سواتر ومكتبي.
هذه التقسيمات أو الأقسام وإن كان بعضها بديهي، لكن اندكاكها في الكيان الحشدي، وإيمانها بالهدف الذي قام عليه الحشد، يجعل الجمهور غير ملتفت للتمايز بينها، بل يرى الجميع أعضاءً - وإن تباينت - في الجسد الحشدي الكبير.
هذه الرؤية لا تخدم الولايات المتحدة، لذا تسعى بكل إمكاناتها إلى صب قوالب الفرقة، وتعريض جزءٍ من جسد الحشدِ إلى مبضع التوهين والتسقيط وسلب الاحترام، مع السماح للجزء الأضعف من جسد الحشد، الجزء غير القادر على الصمود في وجه المخطط الأمريكي بمفرده، أن يحتفظ بهامش من الاحترام ولو مؤقتا.
في التقسيم أعلاه تجد الحملات مسلطة دوما على الجزء الآخر منه، مع التدرع بالجزء الأول، مع أن السواتر مثلا لا يمكن تحقيق النصر فيها بلا إدارة، كما أن الحسم لايمكن تحقيقه بالأفراد دون قيادة.
لذا ينبغي الحذر الشديد والنظر بعين الريبة إلى كل دعوى تنطوي في إحدى مقدماتها على التقسيم أعلاه.
نعم التقييم والنقد وفرز المسيئ عوامل تقوية وبناء للحشد مطلوبة ومرغوبة، سواء على البناء الشكلي الهيكلي للحشد، أو المضموني في الكوادر، لكن ما ينتهي بالنتيجة إلى ضعف واضح في الجسد الحشدي، وسلب قدرة المواجهة منه، لا يمكن للمنصف أن يحسن الظن به إطلاقا.