التقارير

لماذا يفر المنشقون السوريون إلى قطر..؟

1864 06:40:00 2012-08-11

 

التقارير /براثا نيوز

كما بات معلوماً، تحوّل التحرك الشعبي في سورية، والذي بدأ على صيغة مطالبة بإصلاحات داخلية ومحاربة فساد، إلى عدوان مخطّط له خارجياً، وبصورة واضحة المعالم، خصوصاً بعدما عجز المنظمون عن تحفيز الشعب السوري للنزول بمظاهرات مليونية تطيح بالنظام، في ثورة "سلمية" تشبه ثورتي مصر وتونس، وتقيم نوعاً من دومينو ثورات ملونة، كما حصل في الجمهوريات السوفياتية السابقة، كما عجزوا عن تكرار السيناريو الليبي، في ظل تماسك الجيش السوري وقيادته، وعجز الناتو عن التدخل العسكري في سورية، لما في ذلك من تكاليف باهظة وعجز عن الانتصار.. كل هذه الأسباب وغيرها جعلت المخططين ينتقلون وبسرعة قياسية ـ نوعاً ما ـ إلى عسكرة الثورة، وممارسة العنف والترهيب، من خلال عمليات قتل واغتيال الموالين للنظام أو أبنائهم، مع الاستمرار في محاولات إغراء القادة السياسيين والعسكريين والإعلاميين بالمال، أو ترهيبهم بالتصفية، للانقلاب على النظام أو الانشقاق عنه.

ولعل انشقاق رئيس الوزراء الجديد، وهروبه إلى الأردن، تمهيداً للانتقال إلى الدوحة، يعطي مؤشرات عدّة يمكن أن نذكر منها ما يلي:

- إن عمليات الفرار التي تحصل تفيد بشكل جازم أن الجيش السوري ما زال يسيطر على جميع أنحاء البلاد، بعكس ما يشيعه المتمردون، فلو كان هناك بعض المناطق التي يسيطر عليها هؤلاء بشكل تام، ويفرضون سيطرتهم التامة عليها، لما اضطر المنشقون للفرار إلى خارج سورية، بل كانوا انشقوا وانتقلوا للسكن في المناطق التي يسيطر عليها "الثوار"؟!!.

- إن انشقاق رئيس وزراء معيّن حديثاً يؤشّر إلى "ضعف استخباراتي" سوري، وهو أمر ظهر جلياً في وقت سابق؛ حين ظهر السلاح في الشوارع السورية، واكتُشف أن الخلايا النائمة كانت تتحضر وتدرب نفسها منذ سنوات للتحضير لعمليات ما في الداخل السوري، ويبرز هذا الضعف الاستخباري في ما نُقل عن بعض المصادر أن الرجل خطط منذ فترة طويلة لعملية الهروب، وأنه نقل أمواله خلسة، وكل محيطه العائلي، في عملية استمرت طويلاً، ربما قبل إعلانه رئيساً للحكومة في شهر حزيران الماضي.

- هذا الفرار يبرز حاجة الدولة السورية إلى ضبط أكبر لحدودها، فعمليات تهريب السلاح والمال والعتاد والفارّين المنشقين والإرهابيين الحاصلة على الحدود، تفيد أن الحدود غير مضبوطة، وبالرغم من أننا ندرك أن ضبط الحدود بشكل كامل هو أمر تعجيزي مستحيل، تعجز عنه أقوى الدول المستقرة، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تستطيع ضبط حدودها مع المكسيك، لكن يبقى على السلطة السورية التشدد أكثر، فهجرة عائلة رئيس الوزراء بكاملها كان من المفترض أن تثير الشكّ لدى الأجهزة المختصة، إلا إذا كانت غائبة تماماً.

- إن عمليات الانشقاق التي تحصل، وفرار هؤلاء إلى الدوحة، يفيد أن الانشقاق حصل نتيجة عمليات إغراء مادية، وليس بناء على اقتناع بمطالب المتمردين أو تأييداً لثورة ما، بالعكس؛ فإن الفرار وما يعقبه من غياب عن الساحة الإعلامية والسياسية، أو حتى الميدانية، يفيد بأن عمليات الانشقاق هي عمليات خيانة وطنية لقاء بدل مالي.

- إن الحديث بأن فرار رئيس الوزراء هو ضربة قاضية للنظام هو مجرد تمنيات لمطلقيها، فالرئيس السوري هو القائد الأعلى للقوى المسلحة، وليس رئيس الوزراء، ثم إن الاغتيال الذي أودى بحياة وزير الدفاع ونائبه، وهما من الرموز الأساسية للنظام، وهو الضربة الأقسى والأكثر إيلاماً للنظام في سورية، لم تؤدِّ إلى انهيار النظام أو إضعافه، بل زادته عزماً وشدة، وجعلت من الشعب السوري يلتفّ أكثر حول قيادته، وهو ما ظهر في معارك حلب، حيث تشير التقارير إلى أن الأهالي يتعاونون مع الجيش على قتال المسلحين، ويمنعونهم من التمركز في أحيائهم، ويحرمونهم من البيئة الحاضنة، ويمنعون جعل الأهالي والمناطق السكنية دروعاً بشرية يتسترون بها لإحراج الجيش السوري وتكبيل يديه عن القيام بهجوم ساحق على الأحياء التي يتمركزون فيها، خوفاً من حصول مجازر في تلك المناطق.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن غالبية المنشقين، ولغاية اليوم، لم يؤثروا لا سلباً ولا إيجاباً على سير الصراع الدائر في سورية اليوم، فلا الضباط الذين انشقوا وقيل إنهم فرّوا إلى تركيا أثروا في سير المعركة الميدانية الدائرة، ولا السياسيين أو الدبلوماسيين الذين فرّوا إلى الدوحة أثروا في التوازن السياسي، أو استطاعوا أن يثبتوا أن النظام السياسي منهار بشكل يحرجه، أو يجعل كرة الفرار تتدحرج ككرة الثلج، بل إن من ينشق يفرّ لوحده وبثيابه، وبالوعد بقبض أموال من قطر، يحال بعدها إلى التقاعد ونهاية الخدمة بخيانة وطنية.

وهكذا يبدو من مسار الأحداث في الأزمة السورية، أن كافة الأوراق المتاحة التي استعملها المهاجم لم تؤدِّ الهدف المرجو منها بانهيار النظام، بينما ما زال المُدافع يتلقى الضربات السياسية والأمنية والعسكرية والإعلامية، ويصدّها محققاً نجاحات ميدانية وقدرة على التماسك وامتصاص الصدمات، محتفظاً بأوراق قوة إقليمية ودولية لم يستخدمها بعد.

في المحصلة، تشكّل استقالة رئيس الوزراء السوري السابق ضربة للنظام في سورية، لكنها ضربة معنوية إعلامية، لا تؤثر في سير الصراع الدائر في سورية، ولا تؤثر في سير المواجهات الميدانية بين المسلحين والجيش السوري في مناطق عدة من سورية، خصوصاً بعد وصول الصراع إلى مرحلة الحسم العسكري بين الطرفين.

9/ 5/ 811

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك