التقارير

سورية تشهد المرحلة الثانية من الحرب.. والثالثة تُرعب الجوار

1388 10:17:00 2013-10-10

 

د. نسيب حطيط

أشعلت أميركا وأتباعها النار في سورية على حطب المطالب الشعبية في الإصلاح والديمقراطية ومكافحة الفساد، تحرُّك حق يراد به باطل، فالحق أن يأخذ المواطن حقوقه، والباطل أن تصادَر مطالبه ويستغلها المتآمرون خارج الحدود، فضاعت “الثورة” وضاعت المطالب وتحولت إلى محرقة للشعب والجيش والدولة، ومعهم حاملوا النار من التكفيريين والعصابات المسلحة والوصوليين من المقاولين الثوريين.

انتقلت ما سمي بـ”الثورة السورية” من المطالبة بإصلاح النظام إلى واقع تدمير سورية كمرحلة أولى من مخطط تدمير محور المقاومة والممانعة الذي صمد عشرين عاماً في مواجهة أميركا و”إسرائيل”، حتى استفاق الروس والصين لحماية أنفسهم واستعادة دورهم على الساحة الدولية.

بعد ثلاثين شهراً من التدمير المنهجي لسورية، استطاعت دمشق وحلفاؤها الصمود وعرقلة المشروع الأميركي – الصهيوني، وبدأت أحجار الدومينو “الإخواني” والتكفيري تتساقط، وبذلك تخسر أميركا مخالبها التي تلبس الزي الأفغاني وتتزين بلحية طويلة مع ساطور للذبح بدل السُّبحة، فاضطُّرت للتراجع وبدء المفاوضات مع روسيا كممثل لسورية وحلفائها، وكان التراجع عن العدوان من باب موافقة سورية على تدمير السلاح الكيماوي الذي لن تستعمله بمواجهة الإرهابيين، كونه لا يقدم أو يؤخر في الداخل السوري، بل كانت مهمته التوازن الاستراتيجي مع النووي “الإسرائيلي”.. وبعد توفر البديل من حلفاء سورية، تنازلت عنه للتخلص من عبئه، وكضربة وقائية قبل أن يقع في أيدي إرهابيي “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، و”جبهة النصرة” في سورية ولبنان، و”القاعدة” في المغرب العربي، و”القاعدة” فرع اليمن، و”بوكوحرام” في نيجيريا، و”أنصارالشريعة تونس”، و”حركة الشباب المسلم” في الصومال، و”القاعدة” في ليبيا، وأتباع “الإخوان” في دول الخليج.

تركيا ستبدأ حصاد ما زرعته في سورية، وتكون أرض جهاد بعدما كانت أرض “نصرة” لتهريب المسلحين إلى سورية، وستصبح تحت ضربات الجماعات التكفيرية من جهة، وضربات الأكراد من جهة ثانية، مع بدء ولادة جبهة ثالثة سياسية – طائفية من العلويين والسُّنة الأتراك، بعدما أشعل أردوغان فتيل الفتنة المذهبية، وستبدأ في الأردن إرهاصات العنف التكفيري متعدد الأساليب والمعارك، سواء بين القبائل والعشائر، أو بين “الإسلاميين” والنظام، أو بين الفلسطينيين والأردنيين، حيث سيعود التكفيريون من سورية ليؤسسوا دولتهم في الأردن وفق منهجيتهم السياسية، وكذلك في لبنان والسعودية والخليج وأوروبا.

“الإنفلوانزا التكفيرية” في سورية وباء سيصيب بعدواه كل العالم العربي والإسلامي في المرحلة الأولى، وسينتقل عبر المجنَّسين الذين حشدتهم وسمحت لهم المخابرات الغربية بالانتقال إلى سورية، وذلك بعد عودتهم إما هرباً أو ثأراً، وتعويضاً لخيبات الأمل التي أصيبوا بها، خصوصاً أن أهم بنود الاتفاق الروسي – الأميركي هو التعاون للتخلص من الجماعات الإرهابية التكفيرية.

انتهت المرحلة الأولى من المحرقة السورية بصمود سورية وبقاء الرئيس الأسد والنظام – الدولة، وتقهقر المشروع الأميركي، وسقط “الحمَدان” في قطر، و”الإخوان” في مصر، و”مشعل” في غزة، وبدأت المرحلة الثانية بتقاتل فصائل وأجنحة “الثورة” السورية؛ بين متطرفين أجانب (داعش) وأمثالهم السوريين (النصرة)، وبين العلمانيين والإسلاميين، و”الائتلاف السوري” و”الجيش الحر”، والسياسسين والعسكريين، وقطر والسعودية وتركيا و”الإخوان” عبر ممثليهم في الفصائل العسكرية داخل سورية، وستزداد هذه الصراعات الدموية كلما اقتربنا من التسوية السياسية، لأن “جنيف-2″ لا يتّسع للجميع، وكل دولة تريد السيطرة على بعض الجغرافيا السورية، لصرفها سياسياً في جنيف، وتُنبت الدور السياسي لهذه الدول.

أما المرحلة الثالثة فستبدأ بانتقال هذه الجماعات المسلحة إلى إعلان الحرب الشاملة على مستوى الدول المجاورة لسورية (الأردن وتركيا ولبنان والعراق..)، والتوسع إلى الساحتين الأوروبية والأميركية، فكما تؤمن هذه الجماعات بـ”الخلافة” على المستوى السياسي وإدارة الحكم وعدم الاعتراف بالحدود السياسية للدول، فإنها تؤمن بوحدة ساحات المعركة و”الجهاد”، فكل الساحات الإسلامية مفتوحة لتجنيد المسلحين والعمل “الجهادي”، خصوصاً أنها اتبعت استراتيجية اللامركزية القيادية والتنظيمية، فلم تعد “القاعدة” بقيادة الظواهري هي التنظيم الأوحد، بل هناك أذرع متعددة في سورية والعالم، وتدمير السلاح الكيماوي الذي وافق عليه الروس وقدموه كتنازل ليس لمنع العدوان الأميركي، بل مقابل تدمير السلاح التكفيري الذي وافقت عليه أميركا كمقايضة مع السلاح الكيماوي السوري.

تجربة الأفغان العرب بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان ستتكرر بمرحلة “التكفيريين” العرب الذين سيعودون إلى بلادهم، أو إلى الذين احتضنوهم، ليُشعلوا ساحات المتآمرين.

إن بداية شفاء سورية من “الإنفلوانزا” التكفيرية ستتزامن مع بداية إصابة آخرين بهذا المرض، وسيشرب طابخو السم ما طبخوه لسورية، مع فارق وحيد أنهم لن يستطيعوا الصمود كما صمدت سورية، فأنظمتهم أوهن من بيت العنكبوت، ولا يملكون القدرة على القتال، وأميركا لا تستطيع تلبية استغاثاتهم، فهي غارقة في أزمتها المالية، وفي مرحلة التصحّر السياسي، وانكماش الدور وبدء عصر العالم المتعدد الأقطاب.

إن صبح سورية لقريب، وليل المتآمرين قريب أيضاً، لكن سيرون نجوم الظهر بدل نجوم الليل، فمن اعتدى على الإسلام بـ”جهاد النكاح” والتحالف مع “إسرائيل” وسفك دم الأبرياء لن ينجو من عدالة السماء بأيدي من في الأرض.

21/5/131010

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك