التقارير

دروز بلاد الشام: التوحيد في مواجهة التكفير

1464 08:41:00 2013-12-24

 

فراس الشوفي

جربوع: الجماعات التكفيرية تستهدف وحدة سوريا لا الدروز فحسب (مروان طحطح)

كلّ يوم يقترب موقف دروز لبنان من موقف دروز سوريا إلى حد التلازم. أخبار القتل وقطع الرؤوس التي تنتهجها الجماعات التكفيرية كانت كافية ليقتنع الموحدون في لبنان. ومن لم يقتنع في الماضي، لديه سبب جديد الآن: «داعش» أجبرت المسلمين الدروز في إدلب على «إشهار إسلامهم» من جديد!

انتهت رسمياً، فصول «الثورة السلمية» في سوريا مع أول رأس قُطع في إدلب أو درعا أو دير الزور أو حمص، أو أي مكان على الأرض السورية. ولربما تأخر هذا الاستنتاج مدة غير قليلة من الوقت، لكن أن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لا تأتي. على الأقل، هذه هي القناعة الجديدة لأبناء طائفة الموحدين الدروز في لبنان، الذين وقف جزءٌ كبيرٌ منهم على الضّفة المقابلة في الموقف والخيار عن إخوانهم في الجمهورية العربية السورية، وهلّل بعض مشايخهم وقادتهم السياسيين لـ«الثورة» الآتية بالخير والحرية والخبز للشعب السوري، الذي لم يكن جائعاً بالمناسبة.

لن تسمع اليوم في لبنان من يدعو إخوانه في السويداء إلى الانشقاق عن الجيش السوري والالتحاق بـ«الثوار»، ولن تسمع أيضاً ما كان يردده بعض المشايخ المقربين من النائب وليد جنبلاط عن أن «دروز سوريا سيهلكون بسبب موقفهم إلى جانب النظام السوري الساقط حكماً». كل هذا تغيّر، وطبعاً بفعل «ديموقراطية» و«حرية» «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة ». وإن كان البعض لم يصل إلى حدّ المجاهرة بإعلان موقفه الجديد من الأزمة السورية، التي أضحت اليوم أزمة لبنانية وعراقية وأردنية على حدّ سواء، فإن أحد أبرز المشايخ المنتقدين لموقف الدروز السوريين في بداية الأزمة يقول الآن: «ألف (الرئيس السوري) بشار الأسد، ولا هؤلاء الهمج التكفيريين في داعش والنصرة، وليس نحن من نقول هذا الكلام، الجيش الحر نفسه يقول النظام ولا التكفيريين، إنهم لا يهددون الدروز وحدهم، بل كل المذاهب، وعلى رأسهم أهل السنة».

ولأن أخبار السويداء وجرمانا وجبل الشيخ وصحنايا لم تعد «أخباراً من تلفيق النظام السوري» كما دأب أصحاب المواقف الجديدة على ترداده، فإن كل يومٍ يمرّ، يقترب فيه موقف دروز لبنان من موقف الدروز السوريين حدود التلازم. ويؤكد أحد المشايخ الفاعلين في الشوف أن «الزيارات التي يقوم بها إخواننا من سوريا إلى لبنان أوضحت الكثير من الإبهام، وهم واعون ومدركون ويتصرفون الصحيح، لا ضمانة في سوريا إلا بوجود الدولة المركزية القوية».

أخبار إدلب أخذت في الآونة الأخيرة حيّزاً كبيراً من اهتمام أهل الدين، إذ ينظر هؤلاء بكثيرٍ من الامتعاض والاستغراب إلى ما طلبته أخيراً «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من دروز قرى جبل السماق في إدلب لإشهار إسلامهم وكأنهم من غير المسلمين. يقول شيخ عقل الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ يوسف جربوع لـ«الأخبار»: «سوريا لطالما كانت حاضنة للجميع، ونحن مسلمون ونبينا محمد، ما يحصل في عموم سوريا مقلق، لأن الجماعات التكفيرية تستهدف النسيج الاجتماعي السوري ووحدة سوريا وليس الدروز فحسب». بينما يؤكّد شيخ العقل محمود الحناوي أن «السوريين لا يعرفون الأمور الطائفية، وهم مواطنون سوريون قبل الانتماء إلى مذاهبهم وأديانهم، وفي سوريا عرب وكرد وتركمان وشركس وأشوريون وكذلك سنّة وشيعة وعلويون ودروز ومسيحيون، والدروز مسلمون أقحاح، وفي كل مكان يوجدون فيه يدعون إلى السلم والوحدة الوطنية، والسويداء خير مثالٍ على ذلك، يعزّ علينا ما يحدث الآن، نحن في الماضي قدمنا آلاف الشهداء لأجل وحدة سوريا، ولن نفرط بهذه الوحدة، كان الله في عون سوريا». ويصل موقف شيخ العقل (في لبنان) ناصر الدين الغريب حدّ التماهي مع مشايخ السويداء، إذ يشير إلى أن «الدروز يحترمون كل أهل الديانات، وهم مسلمون ونبيهم محمد ودينهم التوحيد، ولطالما كانوا جزءاً أساسياً من النسيج السوري وسيبقون كذلك في سوريا الواحدة القوية، ونتمنى من الآخرين مشاطرتنا هذا الموقف، وأن لا تصل الأمور إلى حدود الفعل وردّ الفعل، فالتكفيريون يكفّرون أهل السنّة والجماعة قبل غيرهم». وكذلك مشايخ البياضة (حاصبيا)، إذ يقول الشيخ غالب قيس إن «الأمور ما عادت ثورة ولا ديموقراطية، ما يحدث الآن هو تهديد لكل المنطقة وعلى الوحدة السورية، نحن نحرم التعدي منا وعلينا، وسوريا كانت دائماً مكاناً للجميع وستبقى كذلك». بدوره، يتمنى الشيخ سليمان شجاع أن «يحكم الجميع العقل بما فيه مصلحة سوريا ووحدتها لتعود كما كانت، وإذا سقط الحاكم عمّت الفوضى وخربت البلاد، فالثورة لم تعد ثورة وتشعبت كثيراً».

وفي صورة أوضح، لم تعد المسألة بالنسبة إلى الدروز تنحصر في الموقف حول الصراع بين نظام ومعارضيه، بل أبعد من ذلك بكثير. الحديث عن موقف الطائفة من مستقبل المنطقة عموماً بات حديثاً يومياً عند «أهل الإطلاع» في معشر الموحدين، «المسألة لم تعد ثورة على نظام، المطلوب قيام إسرائيليات حول إسرائيل تبرر وجودها، أي دول صغيرة متناحرة مع بعضها، وهذا الأمر لا يقطع معنا، نحن مؤمنون بوحدة هذه البلاد»، على ما يقول لـ«الأخبار» أحد أبرز المراجع الدينيين اللبنانيين. وفي التفاصيل، يؤكد المرجع أن «الدروز كانوا دائماً جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعي والقومي في بلاد الشام، وهم معنيون بالدفاع عن وحدتها قبل غيرهم».

لا تبدو إذاً خيارات الدروز كثيرة في ظلّ الصراع المستفحل في المنطقة. بين الدولة القومية وفوضى التكفير يضيق الهامش يوماً بعد يوم. أما إدلب، فهي خير مثالٍ على الآتي إذا انتصر التكفير، وتبعثرت سوريا.

24/5/131224

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك