التقرير السنوي للجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين عن حالة الحريات الصحفية عام 2013
لا زال العمل الصحفي في العراق يتسم بالتعقيد المقترن بالخطورة في احيان كثيرة رغم مرور اكثر 10 سنوات على التغيير الذي شهده العراق عام 2003 والذي يفترض انه نقل العراق والحريات العامة والصحفية منها بشكل خاص الى مراحل متقدمة في الاحترام والرعاية .فعلى امتداد أيام العام الماضي اكدت الاحداث والوقائع اللتان رافقتا العمل الصحفي وشهدتها الساحة الصحفية والاعلامية العراقية وما تخللتها من انتهاكات وتجاوزات واعتداءات مباشرة وغير مباشرة موجهة او تلقائية ضد الصحفيين والحريات الصحفية وحق الوصول الى المعلومات ومناطق الاحداث , أكدت ان العمل الصحفي في العراق لا يزال خارج نطاق الحماية الدستورية الحقيقية وبعيدا عن الحماية القانونية والتشريعية الحقيقية . لقد تابعت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين بحرص واهتمام كبيرين ما شهده عام 2013 من احداث وظواهر تتعلق بالصحفيين وترتبط بالحريات الصحفية وحق الوصول الى المعلومات ورصدت بقلق خلال نفس العام عدد كبير من حالات الاعتداء والتجاوز التي رسمت معالم ومشاهد مسلسل انتهاكات الحريات الصحفية وحق الصحفيين في ممارسة المهنة وتغطية النشاطات والاحداث والضواهر في تقاطع غريب ومؤسف مع ما يؤكد عليه الدستور العراقي في مادته الثامنة والثلاثون الخاصة بكفالة الحريات الصحفية والحق في الوصول الى المعلومات وتناقض مثير للاسف مع تاكيد المسؤولين في الحكومة واعضاء مجلس النواب على احترام الصحافة وحق الصحفيين في العمل بحرية واستقلالية .
الكفالات الدستورية والرسمية للحريات الصحفية
في نفس الوقت استمرت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين في مراقبة ومتابعة ردود الافعال والاجراءات الرسمية من قبل الحكومة والمؤسسات المعنية بحماية وتحصين الحريات الصحفية وما يرتبط بها من كفالات دستورية فوجدت انها لم تتمكن الى الحد الذي يرضي طموح الاسرة الصحفية من توفير ضمانات قانونية وتشريعية وملاذات امنية قادرة على تبديد المخاوف من الاستهداف المباشر و لم تنجح في توفير بيئة صحية ملائمة لممارسة العمل الصحفي بحرية واستقلالية نتيجة للتقاطعات السياسية وعدم توفر الارادة الحكومية والبرلمانية لتحقيق هذه الضمانات وايجاد هذه الملاذات . ونتيجة لذلك استمر العمل الصحفي الى حد كبير في ضل غمامة القلق والخوف وواصل الصحفيون مسيرتهم في دوامة من الخطورة وسوء الاوضاع المهنية والقانونية البعيدة عن المعايير الصحيحة في الحدود التي يطمح للوصول اليها الصحفيين العراقيين وبلا قوانين او تشريعات فاعلة تحمي الحريات الصحفية من خلال تجسيدها وترجمتها للكفالات الدستورية ذات العلاقة .
الازمة تواصل محاصرة العمل الصحفي في العراق
مع كل ما تقدم من صور مؤسفة و من دواعي الموضوعية والدقة في التقييم القول ان عدد الانتهاكات خلال عام 2013 قد تصاعد نوعا ما قياسا الى انتهاكات واحداث الاعوام السابقة وتعاظم حجمها نسبيا خلال نفس الفترة فزادت عمليات الاغتيال و الخطف والاستهداف الجسدي المباشر. وقد ارتفعت ايضا حوادث الاعتقال والحجز لمدد طويلة وهكذا بالنسبة لباقي اشكال وصور الانتهاكات التي دائما ما يتسم بها العمل الصحفي في العراق ولقد شهدت الساحة العراقية خلال عام 2013 ( 180 ) انتهاكا مباشرا وغير مباشر للحريات الصحفية شملت بتداعياتها ونتائجها ( 180 ) صحفيا واعلاميا وتنوعت بين حوادث الاغتيال والاعتداء الجسدي ورفع الدعاوى القضائية والاعتقال والاحتجاز المؤقت والمنع القسري تحت تهديد السلاح من تغطية الاحداث والنشاطات .
شهد هذا العام ( 19 ) حالة قتل كانت حصة محافظة نينوى منها وحدها ( 8) حالات فيما شهدت محافظة صلاح الدين ( 5 ) حالات وتوزعت البقية على بقية المحافظات حيث لازالت مدينة الموصل المدينة الاخطر على حياة الصحفيين
الافلات من العقاب
تتابع الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين بقلق بالغ وغضب شديد التجاوزات والاعتداءات السافرة التي يتعرض لها الصحفيين والاعلاميين في العراق والتي وصلت الى اكثر من ( 180 ) حالة انتهاك وكانت احدى ابشع واخطر صورها جرائم القتل التي تعرض لها عدد كبير من الصحفيين والاعلاميين وصل الى ( 18 ) شخص خلال عام 2013 وامتدت مشاهدها الى اغلب المحافظات العراقية .
وفي نفس الوقت وفي سياق مواز لظاهرة استهداف وقتل الصحفيين والاعلاميين في العراق تترسخ وتتكرس ظاهرة الافلات من العقاب في كل جرائم القتل التي اشرنا اليها الامر الذي بات يعمق ويضاعف قلق وغضب ونقمة الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين وكل المؤسسات والمنظمات الاعلامية والمعنية بقضايا الحقوق والحريات في العراق . ان الجمعية ترى ان حوادث وجرائم الاعتداء والقتل بحق الصحفيين والاعلاميين واقترانها بافلات الجناة والجهات التي تقف ورائهم من العقاب واستمرار حالة اللامبالاة في متابعة تلك الجرائم وتقصي الحقائق فيها من قبل الجهات المسؤولة والمعنية بهذا الشان يسهم بشكل فاعل ومباشر ومؤثر في استمرارها وزيادة معدلات حوادث العنف ضد الصحفيين والاعلاميين بمختلف صورها واشكالها الهمجية المؤسفة .
ان الجمعية في وضل هذا الواقع الخطير الذي يغلف اجواء العمل الصحفي والاعلامي في العراق تدعوا وبالحاح شديد مجلس القضاء الاعلى الى اخذ زمام المبادرة في العمل الجاد على وضع حد قاطع لظاهرة الافلات من العقاب من خلال جملة من المبادرات التي ترتبط بمسؤولية واختصاص المجلس الموقر والتي نقترح كأحد هذه المبادرات استحداث مكتب او هيئة للتحقيق المباشر في قضايا القتل التي يتعرض لها الصحفيين والاعلاميين في العراق تشمل من باب الانصاف والحق والعدالة كل الجرائم التي حدثت خلال الستوات العشر الاخيرة ..
حق الوصول الى المعلومات
يمثل موضوع حق الوصول الى المعلومات احد اكثر المحن التي تواجه العمل الصحفي في العراق خصوصا مع تلكؤ البرلمان العراقي في ترجمة الكفالة الدستورية لهذا الحق الى قانون يضمن تمتع الصحفيين والاعلاميين والمؤسسات الاعلامية والصحفية بمعطياته وانعكاساته الايجابية على حالة الحريات الصحفية وتطور مستوى الصحافة عموما . وفي هذا الشأن عملت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفين باجتهاد وجدية ومثابرة خلال هذا العام واستمرارا لجهودها في العام 2013 على وصول المسودة المقترحة من الجمعية لقانون حق الحصول على المعلومات الى مجلس النواب والدفع باتجاه اقرارها حيث وصلت القضية الى حد قراءة انمسودة قراءة اولى بانتظار القراءة الثانية والتصويت والذي بات مؤكدا ان سيرحل الى الدورة القادمة للمجلس . وفي ضل هذا الوضع استمرت بعض الوزارات والمؤسسات الرسمية بانتهاج مسارات تعامل وتعاطي مع الصحافة والصحفيين تتقاطع كليا مع كل معطيات حرية العمل الصحفي وحرية الراي التي يؤكد عليها الدستور الجديد وتتنافى مع ابسط قيم الحريات ومبادئ الديمقراطية في العراق الجديد . لقد تواصلت وبشكل مؤسف خلال عام 2013 ظاهرة امتناع بعض المدراء ورؤساء المؤسسات الحكومية عن مقابلة الصحفيين واجراء الحوارات الصحفية او الادلاء بتصريحات او تلكؤها في ذلك معللة ذلك بحجج ومسوغات غير مبررة في حين تلجا مؤسسات ودوائر اخرى الى احالة طلب الحوار الصحفي الى اقسام الاعلام او التخطيط تهربا من المسؤولية او خوفا من احراجات اللقاء المباشر في حين تعمد مؤسسات اخرى الى الطلب من الصحفيين تزويدهم بالاسئلة التي يراد طرحها على المسؤول ومن ثم تزويدهم فيما بعد بالاجابات الامر الذي يفقد الحوار الصحفي قيمته الاخبارية وموضوعيته التي تتطلب تواصل مباشر وحي بين الصحفي والمسؤول، فضلا عن قيا بعض الوزارات باصدار اوامر وزارية منعت بموجبها المسؤولين من التصريح لوسائل الاعلام المختلفة.
انتهاكات الحقوق المادية للصحفيين
لايزال الصحفي العراقي يعمل في ظل ظروف مهنية ومادية غاية في الصعوبة حيث الاجور المحدودة واجواء العمل البائسة داخل المؤسسات الصحفية باستثناء حالات قليلة . ويواجه الصحفي العراقي تحديات مهنية عديدة اهمها واكثرها تعقيدا الطرد التعسفي وتاخير منح الرواتب والاجور والغاء مبدا المكافآت .هذه التحديات تتواصل لعدة اسباب اهمها عدم اعتماد العقود القانونية بين المؤسسة الصحفية والعاملين فيها وتهرب الكثير من المؤسسات الاعلامية من تنفيذ البنود التي وردت في قانون حماية الصحفيين والتي يفترض انها تنظم العلاقة بين الصحفي ومؤسسته الصحفية وتضمن حقوقه والتزاماته في نفس الوقت الامر الذي يجعل منهم عرضة لتقلبات اهواء ومزاجيات اصحاب المؤسسات وما تتطلبه مصالحهم المادية التي دائما ما يكون الصحفي ضحيتها الاولى .ناهيك عن غياب توفير الضمان الصحي والاجتماعى للصحفيين
الحريات الصحفية في اقليم كردستان
عام سيئ آخر في وضع الحريات الصحفية في الاقليم ب127 انتهاكا
يمثل عام 2013 احد أسوأ المراحل الزمنية في مسيرة العمل الصحفي في اقليم كردستان حيث تعرضت الحريات الصحفية في الاقليم الى اعلى درجات القمع والتكبيل والتضييق فوصلت الانتهاكات في مختلف محافظات الاقليم الى مستويات خطيرة لم تعد تثير القلق فحسب بل تصاعد هذا القلق الى احساس بخطورة متناهية من وضع الحريات الصحفية وما تتعرض له من برنامج شبه منظم للانتهاك . وما اثار القلق والاسف والخوف معا ان تواصل الانتهاكات على مدى العام الماضي في الاقليم ترافق ويترافق مع اصدار برلمان الاقليم للقوانين والتشريعات التي يفترض انها جائت لتحمي الحريات الصحفية وتوفر الحصانة للعمل الصحفي بحرية واستقلالية حقيقية .
تعددت وتنوعت الانتهاكات الصحفية في الاقليم خلال عام 2013 و منها على سبيل المثال ( التهديد بالقتل و الاعتقال واحراق المباني والمؤسسات الصحفية وجرح وضرب وايذاء الصحفيين اثناء التغطية و العمل و كسر آلات التصوير وأدوات العمل الصحفي الاخرى والحجز و تشويه السمعة والمنع من التغطية والدعاوى الكيدية والمضايقات والملاحقات القضائية والغرامات وعدم اعطاء المعلومات).
لقد وثقت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين من خلال مكتبها في الاقليم ( 127 ) انتهاكا ضد الصحفيين في اقليم كردستان وفي ضل صمت السلطات وعدم جديتها في ايقاف العنف ضد الصحفيين ورغم وجود قانون يدعم حرية الصحافة الا ان تلك الانتهاكات مستمرة بحق الصحفيين في الاقليم
1/5/14010
https://telegram.me/buratha