غداة يوم من أشد أيام العراق عنفا ودموية منذ شهور عاد سيل المارة والسيارات إلى شوارع بغداد اليوم الخميس حيث يسير الناس وهم يدركون أن الموت قد يختطفهم في أي مكان وفي أي وقت.
فقد انفجرت ثماني قنابل على الأقل في العاصمة أمس الاربعاء واستشهد نحو 40 شخصا وأصيب 88 آخرون كما وقعت هجمات أخرى خارجها رفعت عدد الشهداء في شتى أنحاء البلاد إلى 78.
وقال رعد محمد وهو يصف مع مساعده قطع غيار الالات ثانية على أرفف متجره الذي لحقت به اضرار في أحد التفجيرات في حي الكرادة "نحن خائفون حتى في بيوتنا لاننا لا نعرف العدو.
"لا نعرف من يستهدفنا. لسنا في حرب نعرف فيها من نقاتله. لقد فقدنا الشعور بالأمان. أحيانا تمر أيام يكون الأمن فيها بخير ثم تعقبها هجمات لا تكل على مدى أيام."
وتتدلى ألواح ملتوية من الصاج المعرج من واجهة المتجر المفتوحة على الشارع. ويسير المارة دون التفات إلى بركة الدماء على أسفلت الشارع.
وقال محمد "نحن نسير في الشوارع وشهادات وفاتنا في جيوبنا. ويخالجنا دائما شعور بأننا لن نعود الى بيوتنا. المشكلة ان كل واحد منا له أسرة.. زوجة وأطفال عليه إطعامهم فكيف يعيشون دوننا."
وبرغم التفجيرات وحوادث القتل شبه اليومية فلا بديل لمواطني بغداد الذين يبلغ عددهم سبعة ملايين نسمة عن رعاية شؤون حياتهم.
وتعلن جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطة بالقاعدة الارهابي مسؤوليتها أحيانا عن التفجيرات ولاسيما تلك التي تتضمن هجمات انتحارية على وزارات أو أهداف مهمة لكن كثيرا من التفجيرات لا يعلن أحد مسؤوليته عنها.
وقال رجل من المارة في منتصف العمر اكتفى بذكر اسمه الأول عادل "كل يوم عندما اغادر البيت اقول لزوجتي ماذا تفعل اذا مت.
"أخاف أن اخرج بزوجتي وأبنائي. بل إنني افكر في منع ابني من الذهاب الى المدرسة خوفا من تعرض المدرسة لتفجير."
وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من تسعة آلاف شخص استشهدوا في أعمال عنف في العراق العام الماضي كلهم مدنيون ما عدا 1050 شخصا.
ومن بين من تستهدفهم حملة التفجيرات أفراد الجيش والشرطة والمدنيين ومقاتلي العشائر الموالين للحكومة وهي تهدف فيما يبدو إلى دفع ميليشيات أخرى إلى الرد وإعادة العراق الى هاوية الحرب الطائفية المفتوحة.
ولا تجد مثل هذه الحسابات مكانا في أذهان سكان بغداد الذين لا يريدون مثلهم مثل الناس في كل مكان سوى مزاولة عملهم والراحة وارسال أبنائهم الى المدرسة وهم يعرفون انهم سيعودون الى البيت سالمين.
ويبتسم الرجال ويتبادلون النكات وهم ينتظرون في شمس الشتاء الواهنة دفع ثمن ما اشتروه من فواكه وخضراوات من منصة في السوق. وتدفع امرأة متشحة بالسواد عربة طفل أمام لعب معروضة على رصيف الشارع. ويزدحم الشارع كالمعتاد بالسيارات التي تطلق أبواقها بين الحين والاخر.
وقال فاضل النيداوي الذي يبدو في الاربعينات من عمره "صحيح ان الوضع الامني غير مستقر لكن الناس كما ترى يخرجون ويعيشون حياتهم."
وأضاف "بعد كل هجوم يزيل الناس آثاره ويرفعون الأنقاض ثم يعودون إلى مباشرة شؤونهم كالمعتاد. لقد اعتاد الناس ذلك.
"من يريدون إيذاء العراق عليهم ان يعيدوا النظر فلن يفلحوا."
https://telegram.me/buratha