صفقة الراهبات من اجل سجى حميد الدليمي و16 مليون دولار، وعائلة عراقية تشارك في «الجهاد» السوري والعراقي على الجبهات، وفي فصائل متعددة، جعلت منها عنصرا تتقاطع عنده «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«الكتيبة الخضراء».
قد لا يغلق السجال بسرعة في الصفقة التي أدت إلى مبادلة الراهبات المعلوليات بـ150 معتقلة لدى الحكومة السورية. ولن يخرج قبل وقت طويل، تفسير لتصريحات رئيسة الدير بيلاجيا سياف المنتصرة لخاطفيها، من «متلازمة استوكهولم» والتعاطف المرضي للضحية مع خاطفها، أم من الاعتقاد الصادق للراهبة المسيحية مع من أساء إليها.
لكن الصفقة بين «النصرة» والاستخبارات القطرية تمت في النهاية، بعد مفاوضات دامت أشهرا، لم يفارقها أبدا اسم سجى حميد الدليمي، هدف العملية الأولى. فالأرملة العراقية، التي تقترب من الثلاثين من العمر، كانت دافعا رئيسيا لاختطاف الراهبات المعلوليات، ومحور المفاوضات التي دارت على جميع المسارات، قبل أن تصل إلى القناة القطرية، وتنجح.
فعندما أطلق سراحها على الحاجز الأخير للجيش اللبناني في عرسال، مع ابنيها أسامة وعمر وشقيقتها الصغيرة هاجر، استأنفت الطريق الذي قطع عليها اعتقالها من قبل الأمن السوري صبيحة الأول من تشرين الأول الماضي، عندما كانت تهم بلقاء أبيها حميد الدليمي في دير عطية، وعقد زواجها الثاني على «مجاهد» ليبي في «الكتيبة» الخضراء في يبرود، بعد أن كان قد خطبها من والدها قبل أشهر.
لكن الوصول إلى يبرود سبقته مفاوضات معقدة، اتضح في كل مراحلها أن إطلاق سراحها من سجنها السوري، هو مفتاح الحل، وان اللوائح التي كان يرفعها أبو عزام الكويتي إلى الأمن العام اللبناني، والتي اقتربت من ألف اسم نسائي، لم تكن أكثر من تغطية للهدف الحقيقي، سجى الدليمي، التي احتفلت «النصرة» بها وحدها، بينما كانت المطالب والأسماء تهبط إلى ما يقارب الـ 150 اسما في النهاية.
وكادت العملية كلها تتعطل، بانتظار أن تعبر الدليمية الحاجز الأخير نحو عرسال فيبرود، بينما لم يعبأ المفاوضون بمصير من تبقى من المعتقلات. وخلال المفاوضات الأولى في كانون الأول الماضي، طرح أبو عزام الكويتي شرط إطلاق سراحها مع ابنيها وشقيقتها هاجر، كمقدمة لأي مفاوضات وبادرة حسن نية من الحكومة السورية تجاه المفاوضين وهو ما رفضه السوريون على الفور.
فمن هي الدليمية؟
اكتسبت سجى الدليمي، منذ اللحظة الأولى لاعتقالها، أهمية كبيرة بنظر «النصرة» و«داعش» و«الكتيبة الخضراء»، ليس لموقعها «الجهادي» الشخصي، وإنما لتقاطع علاقات أفراد عائلتها بين المجموعات «الجهادية» الثلاث، في العراق وسوريا. فالشابة العراقية هي الابنة الكبرى لحميد إبراهيم الدليمي، ووالدها هو احد «أمراء داعش» في سوريا، التي دخلها مع إخوة «الجهاد»، ومع أبي محمد الجولاني، منذ اللحظات الأولى للقتال في سوريا. وقتل الدليمي، الذي يعد ممولا ومؤسسا لـ«داعش»، في عملية عسكرية للجيش السوري في دير عطية في 30 أيلول الماضي.
ورغم أنها نشأت على مهنة الحلاقة النسائية والخياطة في الانبار وعامرية بغداد، إلا انها تعرفت على «الجهاد» عن قرب من خلال زوجها العراقي الأول فلاح إسماعيل جاسم، وهو احد قادة «جيش الراشدين»، والذي قتله الجيش العراقي خلال معارك الانبار في العام 2010.
وتنخرط عائلة الدليمي بأسرها في «الجهاد»، وبرزت من شقيقاتها دعاء. ففي الثامن من أيلول العام 2008 دخلت دعاء حميد الدليمي تاريخ «الجهاد» العراقي، بوصفها الانتحارية الأولى التي «تخفق» في تفجير نفسها في تجمع كردي في اربيل. وكانت الدليمية الانتحارية قد لفت جسدها بحزام من ستة كيلوغرامات من مادة «سي فور»، ثأرا لزوجها حارث أمير «الدولة الإسلامية» في منطقة العامرية في بغداد، والذي قتله «الجيش الإسلامي»، لكن عطلا تقنيا أدى إلى نجاة اربيل من مجزرة.
ويقود شقيقها عمر الدليمي وحدة تابعة لـ«داعش» في القلمون. وفي صفوف «الكتيبة الخضراء» قاتل شقيقهما الصغير خالد، ذو الخمسة عشر عاما على جبهة قارة قبل سقوطها بيد «حزب الله» والجيش السوري في تشرين الثاني الماضي. وتجمع علاقات واسعة العائلة الدليمية، بقادة «النصرة» في يبرود و«داعش»، حيث عمل والدها قبل وفاته، إلى جانب «أمير جبهة النصرة» في القلمون أبي مالك التلي.
5/5/1403012 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha