الدكتور خيام محمد الزعبي-صحفي وباحث أكاديمي سوري في العلاقات الدولية
إن السيناريوهات والحلول القطرية لفك العزلة الخليجية، لم تسلم من نقد، حيث تساءل مهتمون بالشأن الدولي، ماذا ستفعل قطر إذا خسرت حاضنتها الخليجية، مقابل علاقاتها مع أطراف تعاني مثلها على غرار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، وتركيا المضطربة داخلياً، وإيران المحاصرة دولياً.
فى ظل ما صدر عن قطر من دلالات وإشارات إلى عدم تغيير سياستها، يتبادر الى الذهن، البدائل التي تملكها قطر فى حال عزلها خليجياً، خصوصاً مع تصاعد خطورة الإتهامات الموجهة إليها والتي وصلت حد القول بتمتين علاقتها مع ألدّ أعداء الخليج “إسرائيل” إذ تتهم السعودية والإمارات والبحرين، قطر، بإقامة علاقات صداقة وشراكة مع إسرائيل التي بقيت دائماً شديدة الإهتمام بإختراق منطقة الخليج الغنية والمستقرة والعصيّة عليها بحكم الرفض الشعبي والرسمي لها، والتعاطف مع القضية الفلسطينية، وموازاة ذلك تجد إسرائيل في قطر منفذاً وحيداً إلى الخليج ومصدراً للمعلومات عن الإجتماعات المغلقة بين القادة الخليجيين، والتي تخصص عادة لمناقشة أهم المسائل السياسية والأمنية، وخاصة بعد وصف وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية علاقة بلاده مع إسرائيل بـ”علاقة الأخوة” في تصريح له أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن الدولي الذي اختتم في مدينة ميونيخ الألمانية، وقال الصحفي الإسرائيلي رفائيل أهرين، في تقرير له، إن وزير الخارجية القطري صافحه مصافحة دافئة وطويلة استمرّت حتى بعد أن عرف أنّه من إسرائيل، هنا مما لا شك فيه إن قطر لا تخفي إستعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل في حال حدث تطوّر إيجابي في محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسبق لوزير الخارجية القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني أن صرح، بعد إجتماعه بوزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق سيلفان شالوم في باريس، أن “العلاقات بين قطر وإسرائيل تقتصر حالياً على وجود مركز تجاري إسرائيلي فقط في الدوحة، مضيفاً “إذا حصل تطوّر في العملية السلمية فإن قطر ليس لديها مانع أن تنظر بشكل جدّي في تطوير هذه العلاقة.”
وفى ظل هذه المعطيات لا يستبعد أن تكون إيران، وإسرائيل، فى مقدمة بدائل قطر إزاء عزلتها الخليجية، فضلاً عن تركيا بقيادة الإسلامي رجب طيب أردوغان، الذي يقدم دعماً لا محدود لجماعة الإخوان المسلمين، فيما يحافظ على علاقات قوية مع كل من إسرائيل، وإيران، وهو بذلك يستطيع أن يكون صلة الوصل بين قطر، وإيران، من جهة، وقطر وإسرائيل من جهة ثانية، على إفتراض أن الدوحة تحتاج لواسطة فى علاقتها بالدولتين.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين على الرغم من أن ثروة قطر الضخمة قادرة على مواصلة مسيرة النمو لفترة طويلة، إلا أن إقتصادها سوف يتأثر بشكل كبير إذا إستمر التوترات الدبلوماسية بينها وبين السعودية والبحرين والإمارات، فهناك مشروعات خليجية كبرى من الممكن ان تتأثر مع إستمرار التوترات مثل مشروع شبكة خليجية موحدة للسكك الحديدية، ومشروع بناء جسر يربط بين البحرين وقطر.
وفي سياق متصل إن تصعيد الأمر بين الطرفين هو ما قد ينذر بمزيد من الخسائر في ظل وجود توقعات بفرض العزلة على قطر التي تمثل السعودية منفذاً برياً رئيسياً لها، بالإضافة لبعض التوقعات التي تنتظر حظراً سعودياً للطيران القطري فوق أراضيها مع إستمرار التعنت القطري وإصراره على عدم تغير سياسته الخارجية.
وأخيراً فمن المؤكد في حال عدم رضوخ قطر لمطالب الدول الثلاث التي سحبت سفراءها من الدوحة وعدم تغيير سياستها ، فهذا يعني إنها ستستمر في دعم الإخوان المسلمين في مصر والجماعات الإسلامية في سورية، ولن تلجم قناة الجزيرة وستحرص على استضافة الشخصيات المعارضة للنظام الحالي في مصر وتقديم الملاذ الآمن لها، وهنا يمكنني القول إن المرحلة الراهنة يتطلب من قطر مراجعة سياستها الخارجية، فضلاً عن إن كل الدول الخليجية مدعوة اليوم وبإلحاح كبير، أن تعيد النظر في معاملاتها تجاه العالم العربي والإسلامي، وعلى رأسه فلسطين القضية المحورية والمركزية في المنطقة.
8/5/1403012 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha