سقطت يبرود قلعة جبهة النصرة والجيش الحر وكل مجاميع المقاتلين الفارين من المنطقة والوسطى، ومن ريف دمشق والبادية السورية. كان السقوط مدويا لدرجة فاجأت انصار المعارضة السورية المحليين والاقليميين قبل ان تفاجئ خصومهم. فالطريقة التي دخل فيها الجيش السوري وحلفاؤه مدينة يبرود وسرعة السيطرة عليها وعلى احيائها وتحصيناتها تذكر بمعركة القصير وتحريرها وسقوط تحصيناتها بسرعة كبيرة وخلال ساعات قليلة.
لانتصار يبرود انعكاسات ونتائج على أرض الميدان وفي الميدان الاستراتيجي على الصعيد السوري والصعيد الاقليمي سوف تظهر تبعاتها تباعا على أرض الواقع، إن كان في الحرب السورية أو في المواقف الاقليمية التي تغذي هذه الحرب وتعمل عليها وبها لإسقاط مشروع الممانعة في المنطقة أو ما يسمى في أدبياتهم الامريكية ( مشروع النفوذ الايراني) الذي تعتبر سوريا حلقة الوصل الجغرافي فيه ، والبلد القوي والمهم المحاذي لفلسطين المحتلة.
الانعكاسات السورية
في تحرير يبرود قصص نزاعات وخلافات بين فصائل المعارضة السورية في تركيبتها المناطقية والعشائرية، التي سوف تسرع في عملية تفكك الجسم المسلح للمعارضة في المنطقة الوسطى وفي الريف الدمشقي وصولا الى الجنوب السوري، فضلا عن تأثيرات استراتيجية تمتد على طول هذه المناطق المذكورة.
من أسرار يبرود أن المسلحين المنسحبين من القصير وريفها كانوا الجسم المقاتل الاكثر شراسة وتواجدا في أرض المعركة، كما ان إحصائيات القتلى والجرحى في المعركة تفيد بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الفئة دفعت الثمن الاكبر في المعركة، كما أن منهم الوجوه الاعلامية الابرز في تغطية المعركة وإدارتها إعلاميا ودعائيا.
وتشير المعلومات المؤكدة من منطقة القلمون ويبرود تحديدا ان المسلحين الذين ينحدرون من القصير وريفها كانوا أول المنسحبين من ميدان المعركة تزامنا مع عملية تحرير راهبات دير معلولا في الباصات الاربعين. وتشير المعلومات ان هذه الفئة كانت تعد بين 700 و800 مسلح كان تمركزهم في مزارع ريما وفي وسط مدينة يبرود وتم انسحابهم على عدة دفعات بدأت مع عملية تسليم الراهبات المخطوفات.
وتشير المعلومات أن عملية اغتيال نائب قائد جبهة النصرة في يبرود أبو عزام الكويتي سرعت في عمليات الانسحاب من يبرود، وفي انهيار المجموعات المسلحة وتفكك عقدها الهش بطريقة أظهرت مدى الخلافات التي تعيشها مجاميع الفئات المحاربة في يبرود والقلمون.
وفيما يتهم مسلحو القصير وريفها مجاميع المسلحين في مناطق القلمون الاخرى بعدم دعمهم في بيرود والتخلي عنهم خصوصا جماعة النصرة في رنكوس وعسال الورد، ومجموعات يقودها ( فراس البيطار) في رنكوس ويبلغ تعدادها 1200 مسلح، يقول الاخرون ان جماعة القصير وريفها بدأوا منذ بداية المعركة عمليات تواصل واتصالات سرية مع الدولة السورية وحلفائها للوصول الى تسوية، ومع أن أصابع الاتهام بالتواصل مع الدولة السورية وحلفائها لا تشير الى جميع فئات مسلحي القصير وريفها غير ان الشخصيات التي حاولت التواصل مباشرة او عبر وسطاء لها وزنها في التركيبة القبائلية والجهوية ضمن تلك المجاميع .
وتشير المعلومات أيضا ان المدعو عبدالله بركات المدعو ( الحرامي) وهو من عرب الطويلع من بلدة ( عين الدمامل) وهو مختص بتزوير الاوراق الثبوتية وتهريب السلاح والمخدرات غادر المنزل الذي قتل فيه ( أبو عزام الكويتي) قبل دقائق من وقوع التفجير وكان برفقة ( هادي العبدالله) الناشط الاعلامي من ال العامر من القصير، وتشير المعلومات أيضا ان قائد جبهة النصرة في يبرود (أبو مالك السوري) أصيب في صدره ووجهه في الانفجار وتم نقله الى رنكوس، ويتهم بعض أتباع جبهة النصرة في القلمون فئات من مسلحي وناشطي القصير وريفها بالتعامل مع النظام والابلاغ عن تحركات الكويتي .
من هنا يأتي الانعكاس الاول محليا لانتصار يبرود فتلك المجموعات تعمق الخلاف بينها بشكل يصعب رأبه وجبر المكسور وهنا أيضا سوف تغيب قوة القصير العسكرية في اية مواجهات منظمة في ما تبقى من مناطق القلمون بفعل الخلافات المذكورة وبفعل التوزع الجغرافي المتعدد لمسلحي القصير وريفها الخارجين من يبرود، حيث يتواجد البعض منهم في عرسال والبعض الاخر في مخيمات وادي حميد، والبعض في الجرود القاحلة الشاسعة بين لبنان وسوريا وهؤلاء هم الاخطر للجهة اللبنانية. في تأثيرات انتصار يبرود على الميدان المحلي غياب هذه المجاميع عن اية مواجهات منظمة في المعارك المقبلة ما سوف يربك الجبهات القادمة في عسال الورد ورنكوس والمعرة، ومن هنا تأتي الدعوات التي نسبت الى الملا مصطفى الحجيري ( ابو طاقية) والتي طلب فيها من مسلحي القصير عدم الدخول الى عرسال والتوجه الى رنكوس حيث تتواجد قيادة موحدة وغرفة عمليات واحدة على عكس يبرود التي كان فها ثلاث غرف عمليات واحد للنصرة واثنتان لما يسمى الجيش السوري الحر.
الانعكاس السوري الثاني هو في ابتعاد المعارضة السورية المسلحة أكثر فأكثر عن البحر في طرابلس عبر ابتعادها عن القصير المنطقة السورية الاقرب لطرابلس التي جعلتها المعارضة حصنا بسبب موقعها الجغرافي الذي يتحكم بعقدة الاتصالات الجغرافية والطرقات بين مختلف المناطق السورية والبحر في طرابلس لبنان.
الانعكاس السوري الثالث يأتي على حمص التي سوف يؤدي انهيار جبهة يبرود الى نهاية الامل لدى المسلحين المحاصرين في احيائها في أي سبيل للنجاة بعد ابتعاد الجبهات المعارضة أكثر فأكثر عن حمص باتجاه الجنوب، فيما تعرف هذه المجموعات ان لا امل يرتجى من جهة الشمال بسبب فشل مخطط السيطرة على حلب وريفها وسيطرة الجيش السوري على الريف الجنوبي لمحافظتي حلب وإدلب، وهدوء منطقة حماه.
الانعكاس السوري الرابع لانتصار يبرود يطال الريف الدمشقي الذي يستمد إمداده العسكري والبشري من القلمون الدمشقي المحاذي للبنان بطول يفوق المائة كيلومتر، بينما ضعفت إمكانات الامداد من الجنوب لاسباب كثيرة اهمها عدم وجود بنية تحتية جيدة وصحيحة للقيام بامداد المسلحين في الريف الدمشقي من هذه المناطق، فضلا عن الموقف الاردني الغير واضح في دعم اي هجوم من الجنوب يجعل امكانية الدعم من منطق درعا صعبة للغاية. وقد اشرنا تفصيلا لهذه الصعوبات في تقرير بتاريخ 22 شباط الماضي ( تركيا تطلب من الائتلاف السوري مغادرة ارضيها خلال شهر وهجوم الجنوب مؤجل).
الانعكاسات الإقليمية..
كما ينتج انتصار يبرود انعكاسات سورية داخلية هناك انعكاسات إقليمية لهذا الانتصار، وهي كما يلي:
الانعكاس الإقليمي الاول على لبنان في شقين ميداني وسياسي. وفي الميداني سوف تبرز بلدة عرسال في واجهة المتأثرين بانتصار يبرود حيث القي بعبء كبير على البلدة في الحرب لاسقاط الدولة السورية، وهي بعد هزيمة المعارضة في القصير وفي يبرود أصبحت معزولة تماما وتواجه مشاكل كبيرة مع مجاميع مسلحة غير منضبطة.
الانعكاس الاقليمي الثاني لبناني أيضا سوف يكون على منطقة عنجر والبقاع الغربي حيث ينتهي القلمون والسلسلة الشرقية، وهنا تظهر ملامح عرسال جديدة في المنطقة.
الانعكاس الاقليمي الثالث لبنانيا سوف يكون في طرابلس التي تشعر مثل عرسال بعزلها ميدانيا وهزيمة المشروع السعودي الذي ارادها منطقة انطلاق وتمركز وتموين وإمداد عبر البحر في الحرب الدولية ضد الدولة في سوريا، فضلا عن انعكاسات الكباش السياسي اللبناني الداخلي لذي يظهر في انعطافة جديدة للنائب وليد جنبلاط هي الاكثر جدية.
الانعكاس الإقليمي الرابع قطري سعودي خصوصا بعد غياب زهران علوش غيابا تاما عن معركة يبرود وهو رجل السعودية الذي روج إعلاميا أنه يقود آلاف المسلحين في الريف الدمشقي المحاذي للقلمون، بينما أظهرت الحركة السياسية القطرية عبر الافراج عن راهبات دير معلولا نفوذا قطريا قويا على مجاميع المعارضة السورية تحاول السعودية الحصول عليه بدلا عن قطر..
22/5/1403022