صهيب عنجريني
يبدو أن دعم «الجهاديين» في معارك ريف اللاذقية الشمالي ليس وقفاً على تركيا، فقد كشفت معلومات وجود جسر جوي بين الأردن وتركيا لنقل «جهاديين» جرى تدريبهم سابقاً داخل الأراضي الأردنية
جبهة الجنوب انتقلت إلى الشمال. هذا ما توحي به المعلومات المتوافرة عن الدور الأردني الفاعل والمتزايد في معارك كسب ومحيطها. وفي المعلومات أن جسراً جويّاً بدأ العمل على نقل مئات «المجاهدين» من مطار ماركا في عمّان، إلى مطار أنطاكيا في لواء اسكندرون. ووفقاً لتأكيدات مصدر سوريّ معارض، فإن أكثر من ألف «جهادي» نقلوا في الأيام الثلاثة الماضية، لينخرطوا فوراً في المعارك العنيفة الدائرة في ريف اللاذقية الشمالي. وأكد المصدر أنّ المعلومات «أكّدتها مصادر أردنيّة دقيقة».
وينتمي «الجهاديون» المذكورون إلى جنسيات مختلفة، من بينها السعودية والأردنية والسورية. وأكد المصدر أنّ «جزءاً من المسلحين الذين نُقلوا سبق أن خضعوا لتدريبات مكثفة في معسكرات في منطقة الرصيفة شمال عمّان». وبطبيعة الحال، فإن عمليات التدريب والنقل لا يُمكن أن تجري إلا بإشراف جهاز الاستخبارات الأردنية، وبإشراف أميركي مباشر، وفقاً للمصدر، في خطوة تبدو بديلة عن فتح الجبهة الجنوبية انطلاقاً من الأراضي الأردنية، كما جرى الترويج طويلاً. ومن شأن الخطوة البديلة (التي ربما كانت الخطة الفعلية في الأساس) أن تُجنّب الأردن عبء فتح جبهة انطلاقاً من أراضيه، الأمر الذي يبدو أكبر من طاقته.
وينضم «المجاهدون» القادمون من المعسكرات الأردنية إلى نظرائهم الموجودين في تركيا، (ومعظم هؤلاء من الشيشانيين الذين يمتلكون خبرات قتالية سابقة) قبل أن ينتظموا في مجموعات تدخل تباعاً عبر الحدود التركية، في شكل تعزيزات متواصلة. الأمر الذي يفسّر التغيرات السريعة والمتتالية في مشهد المعارك، التي لم تُؤدِّ حتى الآن إلى سيطرة فعلية ومستقرّة على نقاط ومواقع استراتيجية. فخريطة السيطرة قابلة للتغير على مدار الساعة، الأمر الذي حصل مرات عدة في عدد من المواقع، وعلى رأسها نقطة الـ «45» الاستراتيجية. ويبدو أن تأخر الجيش السوي في الحسم الفعلي خلال الـ 24 ساعة الأولى من بدء المعركة سيكون ثمنه استمرارها، لتتحوّل إلى جبهة مفتوحة. مع استمرار محاولات «الجهاديين» لتوسيع الرقعة الجغرافية للمعارك، حيث دخلت بلدتا البدروسيّة، ورأس البسيط على الخط أخيراً.
وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الأنباء المتتالية عن وصول إمدادات الى «الجهاديين» قادمة من إدلب، مجرّد محاولات تعمية على حقيقة الإمداد البشري ومصدره. يُعزز ذلك ما قاله مصدرٌ «جهادي» لـ«الأخبار» من أن «كثيراً من الإخوة المجاهدين من مختلف الجنسيات قد نفروا أخيراً لنصرة مجاهدينا في غزوة الأنفال. في أولى معاركهم المباركة على أرض الشام».
وبشأن التحركات الميدانية للمسلحين، أكّد المصدر أن «محوَري قسطل معاف والبدروسيّة يمثلان في الوقت الراهن أهمّ المحاور للحفاظ على المكتسبات التي جرى تحقيقُها. فالأول يُعد المنفذ الفعلي للوصول إلى كسب. والثاني، المنفذ الوحيد للوصول الى السمرة وتشالما». الأمر الذي «يُحتم على المجاهدين مواصلة دك الخطوط الخلفية بصواريخ غراد. لوقف سيل التعزيزات النصيرية القادمة». وتبدو تحركات «الجهاديين» مرسومةً وفق خطط تكتيكية فعلية، وتستهدف في الدرجة الأولى السيطرة بالتوازي على القمم الاستراتيجية، وعلى بعض النقاط الساحليّة.
ميدانيّاً، استمرت المعارك في محيط النقطة 45، وسقط خلالها «القائد العسكري لحركة شام الإسلام» المصري أحمد مزين، والمعروف بـ «أبو صفية المصري». وبحلول ليل أمس تكررت محاولات المسلحين لاستعادة السيطرة على النقطة الاستراتيجية. كذلك دارت المعارك في جبل النسر، والسودة، وبيت شروق، والخضرة.
وعلى صعيد متصل، أعلنت «جبهة النصرة»، و«الجبهة الإسلامية» بدء معركة «صدى الأنفال» وباكورتها «تحرير ما تبقى من خان شيخون» في ريف إدلب الجنوبي. وقال مصدر «جهادي» إنّ «المعركة جزء من غزوة الأنفال المباركة. وستستمر إلى أن نلتقي وإخوتنا في اللاذقية. وإنّ الأنفال لله ورسوله. وصداها لمن أخلصَ نيّته، ووافق سره علانيته»، فيما أكّد مصدر عسكري سوري لـ«الأخبار» أن «الجيش تصدّى لمحاولات الإرهابيين في خان شيخون. ولا وجود لانتصاراتهم إلا في أوهامهم».
تقّدم للجيش في ريف حلب الشرقي
وقد تمكن الجيش السوري أمس من بسط سيطرته على نحو كامل على كتيبة الدفاع الجوي في تلة الطعانة في ريف حلب الشرقي، مُتبعاً ذلك بالسيطرة الكاملة على بلدة الطعانة القريبة من المدينة الصناعية في الشيخ نجار. وتحظى البلدة بأهمية لوجستيّة تمكنها من أداء دور فاعل في المعارك المندلعة في المنطقة الصناعية، ومحيطها. كذلك استهدفت مدفعية الجيش المتمركزة على تلة الشيخ يوسف تجمعات للمسلحين في محيط سجن حلب المركزي، وسط عودة الأنباء عن عملية وشيكة لفك الحصار بالكامل عن السجن.
وعلى محور آخر، شهدت منطقة الصالات الصناعية في الليرمون اشتباكات عنيفة، سقط خلالها «قائد عمليات جيش المهاجرين والأنصار»، الذي يشغل أيضاً منصب «نائب الأمير العسكري» المعروف بـ«أبو مهنّد الشيشاني»، الذي سبق أن «شارك في حربي الشيشان الأولى والثانية، ثم هاجر إلى الشام. وفتح الله على يديه معارة الأرتيق والشويحنة وصالات الليرمون»، وفقاً لما تداولته صفحات «جهادية». وعلى صعيد آخر، قالت مصادر «جهادية» إن «جبهة النصرة أعدمت ثمانية من عناصرها بتهمة التجسس عليها لمصلحة داعش في منطقة اعزاز (ريف حلب الشمالي)».
22/5/140404