علي حيدر
تراوح التوجهات الإسرائيلية بين متطلبات رفع مستوى الضغوط على السلطة الفلسطينية، في اطار السجال السياسي الحالي، وضرورة الحفاظ على كيان السلطة، بما فيه من مصلحة لتل أبيب أمنياً، فيما لا تزال رام الله على رهانها «الفاشل» بأهمية المفاوضات
تدرك الحكومة الإسرائيلية، بالرغم من السقف العالي الذي تتسم بها تهديداتها، أن ذهابها بعيداً في خطواتها العقابية بحق السلطة الفلسطينية، قد يؤدي إلى وقف التنسيق الأمني من جانب رام الله، مع ما ينطوي على ذلك من تحديات أمنية على إسرائيل. في ضوء ذلك، تسعى الدولة العبرية إلى فرض ضغوط محسوبة على السلطة الفلسطينية، لا تؤدي إلى انهيار تام لمنظومة العلاقة القائمة، التي يقف التنسيق الأمني في مركزها.
وضمن هذا الإطار، ذكرت مصادر إسرائيلية أنه بالرغم من العقوبات التي فرضتها إسرائيل على السلطة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو غير معنية بإلحاق أضرار فادحة بالاقتصاد الفلسطيني، خشية أن يؤدي ذلك إلى إلحاق اضرار أمنية بتل أبيب.
كذلك نقل موقع «واللاه» العبري أن حكومة نتنياهو مرتبكة حول الرد الواجب اعتماده على توجه الفلسطينيين إلى مؤسسات الامم المتحدة، وما إن كانت ستكتفي بتعهد فلسطيني بعدم التقدم بطلبات جديدة، ام تصر على سحب الفلسطينيين لهذه الطلبات. وأضاف الموقع، نقلاً عن مصدر إسرائيلي، أن الطلبات التي تقدمت بها السلطة ليست على قدر كبير من الأهمية، مقدراً أن السلطة الفلسطينية لن توافق على سحبها، ومشيراً إلى أن التحدي الماثل أمام إسرائيل هو إيجاد طريقة لتمديد المفاوضات بالرغم من كل ذلك.
وفي السياق، حذرت صحيفة «هآرتس» من أن اصرار إسرائيل على مواقفها، التي تؤدي إلى انهاء المحادثات، كما يطالب الجناح اليميني في الحكومة، سيؤدي إلى مسار ينتهي، بدرجة كبيرة من الاحتمال، إلى عودة «الإرهاب» إلى شوارع المدن في إسرائيل. ولفتت الصحيفة إلى أن ذلك لا يعني أن تفجر الوضع أمنياً سيحصل غداَ،ً لأن الجيش والشاباك أفضل استعداداً اليوم لمواجهة أيّ عمليات، ولأن القيادة الفلسطينية الحالية، بخلاف الرئيس الراحل ياسر عرفات، تتحفظ اليوم عن العمليات «الانتحارية»، برغم ذلك أوضحت «هآرتس» أن الجمع بين عدم وجود افق سياسي وجمود اقتصادي في المناطق الفلسطينية، الذي قد يزداد سوءًا اذا تضاءلت المساعدة الاقتصادية الخارجية لأجهزة السلطة، قد يفضي آخر الامر إلى عودة احداث الانتفاضة الثانية. وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن هذا الخطر، وإن كان المستوى السياسي يتجاهله، لكن قادة الأجهزة الأمنية على علم به جيداً، وخاصة أن «الهدوء النسبي في الضفة الذي اخذ يتقوض بالتدريج منذ الصيف الماضي، سيتعرض لخطر واضح فوري، اذا لم تجرِ المحافظة ولو على وهم أمل».
تل أبيب ستحاصر
الرئيس الفلسطيني
حتى يعترف بيهوديتها وينفذ شروطها
ولفتت «هآرتس» أيضاً إلى الفرق القائم بين الخطاب الإسرائيلي المعلن، في الأيام الأخيرة، وسلة الوسائل التي تملكها إسرائيل بالفعل، مشيرةً إلى أن الخطوات المضادة التي تستطيع أن تبادر اليها في وجه السلطة، محدودة جداً. وأضافت الصحيفة أنه عندما يزن نتنياهو هذه الخطوات سيضطر إلى أن يأخذ بالحسبان، ليس فقط قوة التنديد من الادارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، بل أيضاً الضرر المحتمل الذي سيلحق بالتنسيق الأمني مع أجهزة السلطة في الضفة الغربية. وفي ضوء ذلك، خلصت الصحيفة إلى أن «الخطوات المتطرفة جداً قد تقطع الغصن الذي لا تجلس السلطة وحدها عليه، بل إسرائيل أيضاً». وأوضحت «هآرتس» أن «اجهزة الأمن الإسرائيلية تعتمد على الفلسطينيين في مجالات غير قليلة، بدءا من استمرار التعاون الاستخباري على مكافحة نشاطات حركتي حماس والجهاد الاسلامي، وصولاً إلى تأمين القانون والنظام في المناطق حول المدن الفلسطينية، ولا سيما مناطق الاحتكاك بقواعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنات». ولفتت الصحيفة إلى أن «الخطوات العقابية التي أقدمت عليها إسرائيل حتى الآن، قليلة جداً، وبعضها رمزي». من جهة أخرى، حذرت وزيرة القضاء ورئيسة ملف المفاوضات تسيبي ليفني من أن إسرائيل سوف تحاصر الرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى يخضع لشروطها ويعترف بيهودية دولة إسرائيل. وأضافت ليفني، خلال حديث مع القناة العاشرة، إن اسرائيل «لن تفرج عن اسرى فلسطينيين ملطخة ايديهم بدماء مواطنين إسرائيليين».
في سياق متصل، قال رئيس المعارضة الإسرائيلية، ورئيس حزب العمل، يتسحاق هرتسوغ إن ما قاله وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، الذي يقوم بزيارة حالياً إلى الولايات المتحدة، من أنه يفضل اجراء انتخابات جديدة على الافراج عن المزيد من الأسرى الفلسطينيين، «لا يمثل تهديدا،ً بل يبعث على الأمل». وأضاف هريتسوغ إن «ليبرمان ازال القناع عن وجهه، وعاد يتصرف مثلما كان عليه في الماضي، لذا يجب على الوزير يائير لابيد، والوزيرة تسيبي ليفني، التوصل إلى الاستنتاجات اللازمة، والانسحاب من الحكومة».
بدورها، أعربت رئيسة حزب ميرتس زهافا غلؤون عن اعتقادها بأن تقديم موعد الانتخابات هو الخيار الافضل كما يبدو، ليجري التخلص من هذه الحكومة السيئة.
إلى ذلك، أكد عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، محمد اشتية، أن الجانب الفلسطيني لم يغلق الباب أمام المفاوضات، عقب توقيعه الانضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية.
وأضاف اشتية، في مؤتمر صحافي أمس، إن «إسرائيل تريد تدفيع الجانب الفلسطيني الثمن، فمرة اشترطت إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى مقابل البناء الاستيطاني، ومرة ثانية مقابل يهودية الدولة، وثالثة مقابل الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية، جوناثان بولارد، ورابعة مقابل تمديد المفاوضات».
24/5/140408