تطل علينا اليوم ذكرى استشهاد السيد المرجع الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) وأخته العلوية العالمة الشهيدة بنت الهدى (آمنة حيدر الصدر) رضوان الله عليهما.
رجل كان أمة...
ولد الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) في مدينة الكاظمين المقدسة في 25 ذي العقدة سنة 1353هجري الموافق 1933 ميلادي. ينتمي نسبه الشريف إلى الإمام السابع موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) . والده السيد حيدر الصدر (قدس سره) من نوابغ العلماء، ووالدته الفاضلة إبنة العلامة الكبير عبد الحسين آل ياسين (قدس سره). توفي والده وعمره (4) سنوات، فتولت والدته تربيته، وفي ريعان صباه تلقى العلوم الإسلامية على يد أخيه السيد إسماعيل الصدر. عندما أتم دراساته التمهيدية في الكاظمية المقدسة هاجر إلى النجف الأشرف عام 1945 لمواصلة دراساته العليا وكان عمره الشريف 13 سنة، ودرس على يد كبار مراجع التقليد ونال درجة الإجتهاد وهو دون العشرين من عمره. أوجد مدرسة إسلامية تتمتع بالشمولية والآصالة والعمق والحركة الحيوية والتجديد والعالمية.وفي عام 1957م أسس حزب الدعوة الإسلامية بالتنسيق مع ثلة من العلماء الأعلام والمثقفين الرساليين لإيجاد الأداة الحركية القادرة على شد الأمة للإسلام وإقامة حكم الله في الأرض. كان المبادر الأول في تأسيس جماعة العلماء وذلك في عام 1958م لنشر الوعي الإسلامي والسياسي في أوساط الحوزة العلمية.
نبوغ وذكاء الشهيد الصدر...(قدس سره)
ليس من دأب الشهيد المرجع الصدر العبقري والفيلسوف أن تحوم أبحاثه العلمية حول سطوح البحث والدراسة بعيدة عن العمق، بل كان يغور إلى أعماقها حتى تبدو له خفاياها بحيث لا يترك مجالاً لأي باحث بأن يزيد عليه تحقيقاً، ولم يكن متردداً في ما يرتبه من نتائج أو ما يختار من حلول وآراء، وكان يمتلك قدرة فائقة على سبر غور الأبحاث والدراسات العلمية التي بحثها أو كتبها، وكان (رضوان الله عليه) حينما يقرأ أو يكتب أو يفكر ينقطع عن المحيط الذي يعيش فيه وينسجم مع الحالة التي هو فيها إنسجاماً بنحو لا يشعر بما حوله. ولقد نقل عن زوجته العلوية الصابرة أم جعفر قولها: "حينما يستغرق السيد الشهيد محمد باقر (قدس سره) في المطالعة أو التفكير ينسى كل شيء حتى طعامه فأراني مضطرة في آخر الأمر إلى قطع تأمله أو مطالعته فأقول له: لقد قرب وقت الظهر ولا شيء عندنا، عندها يقوم ليشتري بنفسه ما نحتاج إليه".
من مؤلفاته
فلسفتنا ـ إقتصادناـ الأسس المنطقية للإستقراء - بحوث في شرح العروة الوثقى- دروس في علم الأصول - الفتاوي الواضحة - التفسير الموضوعي للقرآن الكريم - بحث حول الإمام المهدي (عجل الله فرجه) - الإسلام يقود الحياة - فدك في التاريخ - الفكر في علم الأصول - البنك اللاربوي في الإسلام... وكتب أخرى قيمة. وأن بعض أثاره قد سرقها البعثيون الجلادون الجناة ومنها: كتاب قد ألفه في تحليل الفكر البشري حول فلسفة المعرفة، ومدونات قيمة أخرى.إن كل من عاش وعاصر السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) يستطيع أن يدرك بسهولة أن التضحية حالة متجذرة في أعماق روحه الزكية بعد أن روى شجرة الإسلام بدمه الطاهر وسجل أبهى صور التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض، ومقارعة زمرة البعث العفن وعصابات الجريمة والقتل الجماعي في عراق المقدسات. وأذكر هنا بعضاً من بيانه الثالث حيث يقول:(وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حين دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعاً وعن العقيدة التي تضمهم جميعاً، ولم أعش بفكري وكياني إلا للإسلام طريق الخلاص وهدف الجميع فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، أنا معكما بقدر ما أنتم مع الإسلام وبقدر ما تحملون من هذا المشعل العظيم لإنقاذ العراق من كابوس التسلط والذل والإضطهاد).
وكما ورده في أطراف البيان الثالث:( يا أخوتي يا أبنائي من أبناء الموصل والبصرة من أبناء بغداد وكربلاء والنجف من أبناء سامراء والكاظمية من أبناء العمارة والكوت والسليمانية من أبناء العراق في كل مكان، إني أعاهدكم بأني لكم جميعاً ومن أجلكم جميعاً وأنكم جميعاً هدفي في الحاضر والمستقبل، فلتتوحد كلمتكم ولتتلاحم صفوفكم تحت راية الإسلام ومن أجل إنقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلطة، وبناء عراق حر كريم تغمره عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان، ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم أخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالتنا الإسلامية وفجر تاريخنا العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ).
شهادته
إستشهد السيد محمد باقر الصدر(رضوان الله عليه) بشكل فجيع مع أخته العلوية الطاهرة (بنت الهدى)، بعد أن أمضى عشرة أشهر في الإقامة الجبرية، ثم تم إعتقاله في يوم 19جمادى الأولى 1400هجري الموافق 5/4/1980 ميلادي. وبعد ثلاثة أيام من الإعتقال والتعذيب الشديد تم إعدامه مع أخته العلوية الطاهرة بنت الهدى وكان عمره الشريف 47 سنة وفي مساء يوم 9/4/1980 ، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساء قطعت السلطة البعثية التيار الكهربائي عن مدينة النجف المقدسة وفي ظلام الليل الدامس تم دفنهما مضرجين بدماء الشهادة الطاهرة وعلامات التعذيب واضحة على الجسدين الشريفين في مقبرة وادي السلام المجاورة للمرقد الشريف للإمام علي (عليه السلام).لقد جاهد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) حتى نال وسام الشهادة الرفيع على نهج أجداده الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين). فسلام عليك يا أبا جعفر يوم ولدت وسلام عليك يوم استشهدت وسلام عليك يوم تبعث حياً وأسكنك الله في أعلى عليين مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً... وإنا لله وإنا إليه راجعون... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
25/5/140409
قال تعالى ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربيهم يرزقون فرحين بما آناهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا من خلفيهم بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) نعم لقد خسرت الأمة الأسلامية علما بارزا من أعلام الدين وحدثت في الأسلام ثلمة لا يعفى مكانها بستشهاد المرجع الكبير والعالم الرباني والبذرة الطاهرة لبقية آل الله آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين عندما أقترفت أيادي البعث الكافر جريمتها الآثمة وأقدمت على أعدام آية الله العظمى والمرجع الديني الكبير السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية العالمة والفاضلة بنت الهدى آمنة حيدر الصدر(قد الله روحيهما الطاهرتين) وحرما أمة الأسلام من فيضي علومهما وأخذ العلوم الربانية من فيض نبعهما الصافي؟؟؟ فالسلام عليهما يوم ولدى ويوم ستشهدا ويوم يبعثا أحياء بين يد الله وفي محكمة العدل الألهي ويأخذا حقهما ف ي القصاص العادل من الطاغية المتجبر وحثالة البعث هدام العراق الأرعن المغرور والمجرم المقبور صدام الرذيلة والفساد؟.