محلل سياسي: المراد من القانون القفز على السلطات الثلاث وتعطيل الحقوق الدستورية
· حماس ائتلاف دولة القانون لإقراره يأتي ضمن الدعاية الانتخابية
· عادل عبد المهدي: الأمر يلفه الغموض في القانون الجديد مما قد يستخدم كله للالتفاف على الإجراءات الدستورية
· مقرر مجلس النواب محمد الخالدي: القانون دليل واضح على فشل الحكومة في ادارة الملف الأمني
يثير إرسال الحكومة مشروع قانون السلامة الوطنية الى مجلس النواب بغية تشريعه، وفي هذا الوقت بالذات تساؤلات كثيرة، ربما هي ليست أكثر من الشكوك التي تحيط بمقاصد القانون وأغراضه..
ويفهم فورا وببساطة، أن تلك المواقف المشككة والرافضة، هي إمتداد طبيعي لأزمة الثقة المستحكمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ناهيك عن العلاقة المتوترة بين الكتل الرئيسية في مجلس النواب، وبين كتلة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء، وهي الكتلة المتبنية لمشروع قانون السلامة الوطنية بالطبع..
فبمجرد أن وصل الى مجلس النواب، توالت التصريحات المشككة بمحتوياته ومراميه..
وعدت بعض الكتل هذا القانون تمهيدا لإعلان حالة الطوارئ في البلاد ، التي تمنح رئيس الوزراء نوري المالكي صلاحيات واسعة من بينها حق ممارسة سلطة فرض قيود على حرية الأشخاص في الانتقال والمرور والتجول في أماكن معينة، واعتقال الأشخاص المشتبه في سلوكهم وحظر الدخول في بعض الأماكن حظرا تاما ، والحق بفرض قيود على حرية الاجتماع وتفريق الاجتماعات والتجمعات بالقوة وفرض قيود على السفر الى خارج العراق أو القدوم اليه، وفرض الرقابة على وسائل النشر ومراقبة الرسائل البريدية والبرقية وكافة وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية والالكترونية وتفتيشها وضبطها.
وأكد محللون سياسيون أن المراد من القانون القفز على السلطات الثلاث وتعطيل الحقوق الدستورية المكفولة بالنظم الديمقراطية.
وقال المحلل السياسي احمد الشريفي أن" لتفسير الغاية من هذا القانون وإرساله الى مجلس النواب يحتاج الى قراءة في الوقت الذي أرسل فيه "،مضيفا " انه لا يخفى على احد أن اغلب الأطراف السياسية في حالة تنافر سياسي وعدم انسجامها مما يدلل على أن العملية السياسية ستواجه خلافا كبيرا بعد الانتخابات التشريعية المقبلة تؤدي الى عرقلة انعقاد جلسات مجلس النواب المقبل وكذلك تعطيل تشكيل الحكومة المقبلة".
وأضاف الشريفي أن "هذا الأمر يوضح الرغبة الملحة لدى الحكومة الحالية بتشريع هذا القانون في الأيام الأخيرة من عمر البرلمان الحالي من اجل تقويض العملية السياسية وتعطيل الحقوق الدستورية المكفولة بالنظم الديمقراطية وذلك لخدمة السلطة في رئاسة الوزراء ".
وبين انه" بسبب الإدارة السياسية المبعثرة وعدم وجود وحدة في المواقف فان الحكومة الحالية تحاول أن تستغل فترة ما بعد الانتخابات وتحديدا البقاء في عملية تصريف الأعمال لأطول فترة ممكنة وبالتالي فهي بحاجة لمثل هكذا عصا تضرب فيها من ينادي بالحقوق والدستور وبطلان الإجراءات التي ستتخذ من اجل التلاعب بالعملية السياسية"،مؤكدا أن" القانون محاولة للقفز على السلطات الثلاث ".
لجنة الأمن والدفاع البرلمانية سارعت الى القول أن قانون "الدفاع عن السلامة الوطنية" الذي يمنح صلاحيات لرئيس الوزراء لإعلان حالة الطوارئ وتطبيق أحكام عرفية لا يمكن تمريره بالدورة الحالية (على الأقل)، معتبرة حماس ائتلاف دولة القانون لإقراره يأتي ضمن الدعاية الانتخابية.
وفيما حاولت الحكومة وعبر مستشار رئيس الوزراء علي الموسوي، نفي ان يكون مشروع قانون السلامة الوطنية في حال إقراره من قبل مجلس النواب بمثابة إعلان حالة الطوارئ في البلاد، واصلت الكتل السياسية رفضها وتشكيكها بالقانون...
فقد قال الموسوي في حديث صحفي أن "مناقشة مشروع القانون والمصادقة عليه لا تعني بأي حال من الأحوال إعلانا لحالة الطوارئ، عادا القول بذلك من قبيل الفهم الخاطئ من قبل البعض لمسألة عرض القانون على المجلس".
بالمقابل حذّر نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي من استغلال قانون الطوارئ، المقترح من قبل الحكومة، للتفرد وتصفية الخصوم، مبينا ان القانون بوضعه الحالي سيعمل على تفكيك التجربة الديمقراطية ومؤسساتها.
وقال عبد المهدي في مقال له اطلعت عليه "البينة"، أنه "لا شك أن البلاد بحاجة لتوحيد تشريعاتها وفق الدستور؛ حيث تخول المادة (61) تاسعاً البرلمان بإعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بتصويت برلماني ولمدة ثلاثين يوماً قابلة للتمديد، وبموافقة عليها في كل مرة".
واضاف عبد المهدي ان "مجلس الوزراء أرسل القانون في 4 ايلول 2011 لمجلس شورى الدولة، وأعيد إليه في 11 شباط 2014 مع انتشار أخبار عن نوايا لإعلان الطوارئ، واقر المجلس في 18 آذار الماضي القانون، متغافلاً حتى عن الملاحظات البسيطة لشورى الدولة وتسلمه البرلمان، في 2 نيسان 2014". وبين عبد المهدي ان "الدستور يحدد مدة الطوارئ بـ30 يوماً قابلة للتجديد بتصويت من البرلمان، بينما الأمر يلفه الغموض في القانون الجديد؛ فالمادة 6 تترك التمديد لرئيس مجلس الوزراء والمادة 5 تجيز التمديد وفق المادتين 3 و4 اللتين تتكلمان عن طلب الموافقة لإعلان الطوارئ، مما قد يستخدم كله للالتفاف على الإجراءات الدستورية ومدة الـ30 يوماً ومبدأ التصويت".
وأوضح ان "القانون الجديد لا يساير المبادئ الدستورية، ويخالفها أحياناً بوضوح ويقفز تماماً على (الأوامر والمذكرات القضائية) لتطبيق المادة 8 للقانون الجديد، التي تعطي بفقراتها الثمان رئيس الوزراء كامل الصلاحيات لإلقاء القبض والتحري، ومنع الاجتماع والتظاهر، ولو بالقوة وإخلاء المناطق، ومنع السفر، وفرض حظر التجول، الخ.. والنصوص الجديدة ستلغي حتماً، نصوصاً كالمادة 3 من (السلامة الوطنية) النافذ بان رئيس الوزراء يخول هذه الصلاحيات (عند استحصال مذكرة قضائية للتوقيف او التفتيش الا في حالات ملحة للغاية) والمادة 9 بخضوع (قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لمصادقة هيئة الرئاسة بالإجماع ومراقبة الجمعية الوطنية ومحكمة التمييز والمحكمة الاتحادية، وللمحاكم المذكورة تقرير الغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها او إقرارها) والمادة 12 بأنه (لا يجوز استخدام اي مادة لتعطيل الانتخابات في المدة المحددة)".
وأشار الى ان "القانون الجديد كتب بغموض يقبل التأويلات، ومنح سلطات دون سياقات ومحددات ورقابات واضحة خصوصاً، وإننا اعتدنا التأويلات اللادستورية، واستلاب الصلاحيات، كتعطيل الدورين التشريعي والرقابي للبرلمان، وصرف الموازنة دون مصادقته، وغيرها من امور خطيرة تفكك التجربة الديمقراطية ومؤسساتها".
من جهته عّد مقرر مجلس النواب محمد الخالدي ارسال الحكومة قانون السلامة الوطنية الى البرلمان دليل واضح على فشل الحكومة في ادارة الملف الأمني الذي لم تستطع تحقيقه خلال العشر سنوات الماضية، الخالدي قال ان إرسال الحكومة لهذا القانون يعد جزءا من حالة إعلان الطوارئ بسبب فشلها الامني بتحقيق ما يصبو اليه المواطن من استقرار وطمانينة، واستبعد تمرير القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية وترحيله للفترة المقبلة.
النائب المستقل صباح الساعدي والذي استبعد من المشاركة في الأنتخابات على خلفية شكاوى قدمتها كتلة دولة القانون الى مفوضية الأنتخابات، وصف مشروع قانون السلامة الوطنية انه "قانون الدكتاتورية"، فيما دعا مجلس النواب الى رفض اقراره، عده "انقلابا" على الديمقراطية.
وقال الساعدي في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان، ان "قانون السلامة الوطنية وصل امس وان هذا القانون سيحول الدولة بيد شخص واحد هو رئيس الوزراء"، واصفا القانون بقانون الدكتاتورية لأنه "سيعطي صلاحيات دكتاتورية، لدكتاتور بغداد الجديد".
https://telegram.me/buratha