حسين سمّور
خطفت دعوة وزير الخارجيّة السعودي سعود الفيصل، نظيره الايراني محمد جواد ظريف لزيارة الرياض الاضواء، من عديد الملفات في المنطقة. دعوة قد تكون مقدمة لعودة الحرارة الى العلاقات وكسر الجليد بين السعودية وايران، بعد سنوات من التشدد تجاه طهران، انعكس خلافا حادا طال العديد من الملفات في المنطقة وعلى رأسها الازمة في سوريا.
ير الخارجية الايراني كان قد أبدى قبل أشهر إستعداده لزيارة الرياض، وشدد على أهمية التقارب السعودي الايراني وأثره على أمن المنطقة، إلا انه لم يتوافر رد وقتها من قبل السعودية.
وفي وقت يرى العديد من المتابعين للعلاقات الايرانية السعودية إشارات ايجابية في دعوة الفيصل، فإنه يصعب فهم طبيعة الدعوة السعوديّة لإيران من حيث كونها بداية انفتاح على طهران لحل الملفات، أم أنها عملية جسّ نبض.
الكاتب والمحلل السياسي السعودي "سعد بن عمر" وفي اتصال مع موقع المنار، اعتبر ان هذه الدعوة جاءت نتيجة لانفراج في العلاقات بين البلدين.
واكد بن عمر ان الدعوة السعودية جاءت متأخرة بالنسبة للرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني وتوجهاته الاصلاحية في الداخل الايراني، وفي العلاقات الخارجية مع الدول التي لها موقف سلبي من الملف النووي الايراني.
وقال "بن عمر" من الرياض، ان المملكة تأخرت كثيرا لتقرأ حسن نوايا الجانب الايراني، متمنيا ان تكون الخطوات المستقبلية مبنية على اساس ثابت من حسن الظن والثقة والتفاهم المشترك.
وفي موضوع انعكاس هذا التقارب على المنطقة بشكل عام، قال "بن عمر" ان ثقل الدولتين الاقليمي والدولي يجعل التحرك الايجابي بينهما، له رد فعل جيد على الملفات في المنطقة، معتبرا انه ليس بالضرورة ان يكون هناك اتفاق على جميع الملفات، ولكن هناك ملفات قد تتقارب وجهات النظر فيها خاصة ما كان منها مقتصر على ايران والسعودية. اما القضايا التي لها بعد دولي، يقول بن عمر ان امكانية حلها تعود الى التفاهمات والتأثيرات الدولية، وهذا ما ينطبق على الازمة في سوريا.
وبحسب الكاتب السعودي، فإذا ما صحت النوايا من الجانبين وهي الآن تبدو اكثر تفاؤلا، فان هناك مساحة من امكانية الاتفاق.
الدعوة السعودية لظريف، رحب بها مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبد اللهيان، وقال ان وزير الخارجية محمد جواد ظريف يرحب بأي مباحثات ولقاءات قد تفضي الي حل مشاکل المنطقة وازالة سوء الفهم وتطوير العلاقات بين السعودية وايران.
واعتبر عبداللهيان إن ايران والسعودية بلدان مهمان في المنطقة، وأن طهران ترحب بالمحادثات واللقاءات مع الرياض، كما أن إيران ترحب بإزالة سوء التفاهم مع السعودية وتكريس المزيد من تطوير العلاقات الثنائية.
وفي هذا الاطار اكد الكاتب والمحلل السياسي الايراني أمير موسوي في حديث مع موقع المنار، ان هناك عوامل داخلية واخرى خارجية ساهمت الى توجيه هذه الدعوة لطهران.
واعتبر موسوي ان هناك 4 عوامل داخلية في السعودية ساهمت بتوجيه هذه الدعوة وهي:
* مجيء الامير مقرن بن عبد العزيز "ولي لولي العهد في السعودية" كان له اثر ايجابي في تعزيز العلاقات مع ايران، كونه داعم لهذا التوجه.
* ذهاب بندر بن سلطان عن مركز القرار، كونه كان العامل الاساسي في العداء بين الرياض وطهران.
* القرارات التي اتخذتها الرياض ضد الارهاب، والمفتين الذين يفتون بجواز الذهاب الى سوريا وغيرها من المناطق للقتال.
* إرسال سفير مناسب وجيّد الى ايران وهو "عبد الرحمن بن غرمان" وعمله على تطوير العلاقات بين البلدين، ونقل صورة واقعية ومؤثرة لمركز القرار في الرياض عن طهران.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي الايراني فان العوامل الخارجية الـ 6 التي ساهمت بتوجيه هذه الدعوة هي:
* الرغبة الايرانية الجادة والعلنية في مد جسور الحوار والتواصل مع المملكة العربية السعودية.
* التفاهم المحتمل بين ايران ودول الـ5+1، وهو ما دفع الرياض الى استباق الامور وتوجيه دعوة الى طهران للتفاهم.
* ذهاب الرئيس السوري بشار الاسد الى الانتخابات، واحتمال بقائه لفترة رئاسية ثالثة وهذا سيؤثر على الدول الداعمة للمجموعات المسلحة في سوريا، وحتى ان احتمال بقاء نوري المالكي في العراق، دفع الرياض لاستباق هذه التطورات.
* وصول الجهود السعودية في كل الملفات في المنطقة الى طريق مسدود، فشل خططها في "العراق وسوريا واليمن وحتى في البحرين، وغيرها من دول المنطقة"، اضافة الى انتشار التطرف.
* المساعي الاقليمية المؤثرة في ترطيب الاجواء وخاصة ما قام به السلطان قابوس وامير الكويت ونواز شريف من محاولات لتقريب موجهات النظر بين الرياض وطهران.
* زيارة اوباما الى السعودية ومفاتحته للمسؤولين السعوديين بأن الغرب متجه نحو تفاهم مع ايران، وتوجيه طلب للرياض بفتح قنوات الحوار مع ايران.
وبحسب موسوي، فان ما حصل اليوم يدل على ان هناك قرار امريكي واضح، بان المنطقة لم تعد من أولوياته وبانه يجب حلحلة الازمات بجميع الطرق، بهدف التوجه الى ترميم ملفات في مناطق اخرى من العالم.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الايراني ان اي تقارب سيساعد ايجابا على حلحلة للمشاكل في المنطقة وسيساعد على ايجاد تفاهم عربي ايراني، واسلامي اسلامي.
وتجدر الاشارة هنا الى ان دعوة الفيصل تأتي عشية استئناف "اهم جلسة" للمفاوضات النووية بين ايران والغرب، وبعيد ساعات من وصول وزير الحرب الامريكي "تشاك هيغل" الى السعودية في اطار جولة يبحث خلالها في الملف النووي الايراني والازمة في سوريا وعدد من الملفات الساخنة.
ويبقى التوجه نحو بلورة تفاهمات جديدة مرهونا بحسب مراقبين بحسن النوايا من جميع الاطراف، رغم ان جهات متابعة تؤكد ان الغرب لا يتعاطى مع ايران بنوايا صادقة، ولكن هناك ظروف تحتم على الاطراف ان تتفاهم، لا سيما بعد فشل عدد من الدول بإنهاء ما بدأته في سوريا واليمن وبعض الدول الاخرى.
وعلى الرغم من كل هذه التطورات يبقى ان ننتظر الايام المقبلة لنرى ما اذا كانت ستحمل انفراجات في العلاقات بين الدولتين، وما الذي سينتج عن اللقاءات في حال حصلت.
المنار
2/5/140515
https://telegram.me/buratha